أدب الحركة الإسلامية .. مراجعات ما بعد ثورة يناير
أدب الحركة الإسلامية .. مراجعات ما بعد ثورة يناير

لا نعني ب "الحركة الإسلامية" الإخوان المسلمين فقط - بالنظر إلى أنها كبرى الحركات الإسلامية المعاصرة - ولا نقصد الأدب الذي أبدعه أبناؤها بالمعنى التنظيمي الضيق، فقد انتمى إلى منهج الإسلام الحركي الشامل كثيرون ممكن لم يقفوا عند حدود "الجماعة/ لتنظيم" فحسب.. ولذا فقد وردت هنا أسماء أدباء لا نستطيع تصنيفهم داخل الإطار التنظيمي؛ وإن أمكن النظر إليهم على أنهم أبناء الرؤية والفكرة والحركة بالمعنى العام.

ونقصد بالأدب الإسلامي ذلك النتاج الأدبي من شعر ونثر الذي أنتجه الإسلاميون -وبخاصة الإخوان المسلمون وأنصارهم- ممهدًا لثورة يناير 2011، ومصاحبًا لأحداثها، معبرًا عن مشاعر أصحابه تجاه الأحداث، وآمالهم، وعن همومهم ودورهم الرسالي نحو أمتهم، محمَّلاً بقيم الإسلام وآدابه، من خلال وسائل وأوعية التعبير الأدبي المعروفة.

ويُعد الأدب قوة مؤثرة في وعي الشعوب، فهو لا يكتفي بعكس الواقع وفق رؤيته، بل يعيد تشكيله، وعندما تتكاثف أبخرة الغضب المختزن في صدر الأمة يكون الأدب رسولها، وناطقًا باسمها، وأداةً لتوجيه جماهيرها، وتحفيزًا لمواجهة تحديات الثورة وما بعد الثورة. بعدما كان أحد صانعيها حين فضح الفساد والظلم، وأيقظ الوعي، وأطلق طاقة الأمل. وهو الذي يوثق أحداث الثورة من منظور الأمة، في مواجهة الانحياز الرسمي لرواية السلطة ورجالها.

وعند نجاح الثورة يسهم الأدب في بناء ثقافة جديدة، ويطرح رؤى للإصلاح تضمن استدامة التغيير، وصوابية حركته، أما عند انتكاسها فإنه يفسر التحديات التي واجهتها، ويكشف مواضع ضعفها وقواها. وله في ذلك كله منطقه الخاص، وطرائق تعبيره، فهو ليس صحيفة تسجل الوقائع، ولا وكالة أخبار تلاحق الحوادث، ولا كتاب فلسفة يرتب المقدمات والنتائج في صرامة مفكر، ودأب باحث!

وثورة 25 يناير ليست استثناءً في علاقتها بالأدب، فهو الصوت الداعي إليها، والمعبر عن أسبابها، والحادي لنجاحها، والمتألم لإخفاقاتها، والكاشف المؤامرة عليها، والمقاوم إرادة إفشالها، والانقلاب عليها.

وقد شارك الأدباء الإسلاميون في ذلك كله من خلال إبداعاتهم في العقدين الأخيرين، معبرين عن آمال التغيير والثورة، وعن مشاعر الغضب إزاء الانقلاب، والتفكير في ما بعده.

ويثار التساؤل حول طبيعة إنتاجهم قبل ثورة 25 يناير، وفي أثنائها، وبعدها، ومدى كونه جهدًا فرديًا أو جماعيًا ومؤسسيًا، وكذلك علاقتهم بأجهزة الدولة وأدواتها المتصلة بالأدب، ومنها وزارة الثقافة وهيئاتها.

ولهذا فقد تضمن البحث خمسة مباحث، مع تمهيد يتناول التعريف بأدب الحركة الإسلامية قبل ثورة يناير.

المبحث الأول: دور أدباء الحركة الإسلامية في التمهيد لثورة يناير

المبحث الثاني: إبداعات أدباء الحركة الإسلامية من الثورة حتى الانقلاب

المبحث الثالث: إبداعات أدباء الحركة الإسلامية بداية من الانقلاب حتى الآن

المبحث الرابع: حول سمات أدب الثورة ومؤسساته الراعية

المبحث الخامس: المواجهة الثقافية بين المشروعين الإسلامي والعلماني في ظلال الثورة

النتائج، والتوصيات

المراجع

كان الأدب شعار العرب الأبرز، أو كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "كان الشِّعر عِلم قومٍ لم يكن لهم عِلم أصح منه"، كانوا يلقونه على السليقة غضًا نديًا دون تكلف أو تصنع، وكانوا أمة أمية، لا تكتب ولا تقرأ في غالب أهلها، فكان الشعراء والخطباء سادتهم، والمبرزين فيهم. 

ولما جاء الإسلام أطلق فصاحة الأدباء بالانتصار له، فكانوا خير نصير، في معارك العقيدة والعلم والعمل والجهاد، وترك حسان بن ثابت وكعب بن زهير وثابت بن قيس في ذلك علامات خالدات. 

A person with a beard wearing a hat

Description automatically generatedولما حلت الغربة بالإسلام في دياره انبعثت الحركات الإسلامية ترفع رايته، وتجدد ما درس منه بين أتباعه، وتعددت وسائلها في ذلك، وكان الأدب من بين تلك الوسائل المتاحة، شعرًا ونثرًا، تتفاوت في الاستعانة بينها، بين مقبلة عليه، أو جافية عنه، وكانت حركة الإخوان المسلمين كبرى تلك الحركات، وأوسعها انتشارًا وأثرًا. وكان مؤسسها الشيخ حسن البنا (1906-1949) أحد بلغاء عصره بلا ريب، وكان يحفظ في صدر شبابه حين تقدم للامتحان الشفوي في كلية دار العلوم ثمانية عشر ألف بيت من الشعر([1])، ومن درس رسائله، وقرأ خطبه، يجد روحًا أدبية قوية، ولا نعجب إن قرأنا أنه كان يحاول قرض الشعر في صباه الباكر، إبان ثورة 1919 وما تلاها من أحداث تركت أثرها على الوطن كله، فلما جاءت لجنة ملنر التي رأسها وزير المستعمرات البريطانية ألفريد ملنر لبحث أسباب الثورة قاطعها المصريون، كيلا يقللوا من قيمة التفويض الذي أعطوه لسعد زغلول، ليكون المفاوض باسمهم، فقال حسن البنا وهو في الثالثة عشرة من عمره:  

 يا ملنر ارجع ثم سَلْ وفدًا بباريس أقام 

وارجع لقومك قل لهم لا تخدعوهم يا لئام ([2])

ولما توفي محمد فريد بك زعيم الحزب الوطني المناهض للاستعمار البريطاني رثاه حسن البنا بقوله: 

أفريد نم بالأمن والإيمان أفريد لا تجزع على الأوطان 

أفريد تفديك البلاد بأسرها .......................... 

سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي - الموسوعةولما أسس حسن البنا جماعته سنة 1928 كان الشعر والخطابة والكتابة أحد أبرز أدواته لنشر فكرته، وبرزت في حياته مواهب عدد من شعراء الإخوان منهم أخوه عبد الرحمن البنا الذي ألف عددًا من المسرحيات الشعرية، وجرى تمثيل بعضها على عدة مسارح، ولقيت رواجًا ملحوظًا، منها مسرحية جميل بثينة، وظهر بقوة الاهتمام بالأناشيد الإسلامية الحماسية التي يرددها الإخوان في محافلهم، فيحركون بها مشاعرهم، ومشاعر مستمعيهم، وبرع في ذلك الشيخ أحمد حسن الباقوري الذي ألف نشيد  "يا رسول الله هل يرضيك أنا... إخوة في الله للإسلام قمنا"،  وعبد الحكيم عابدين (السكرتير العام للجماعة) صاحب نشيد "هو الحق يحشد أجناده... ويعتد للموقف الفاصل"، ونشيد  "جدد العهد وجنبني الكلام.... إنما الإسلام دين العاملين". بل إن حسن البنا لم تشغله أعباء الدعوة والتأسيس والانتشار عن ترضية نهمه للأدب، فقام بنشر ديوان مسلم بن الوليد المعروف بصريع الغواني وعلق على بعض أبياته في تحقيق لم يكتمل([3]) .  

 ويرصد د. جابر قميحة في كتابه "التاريخ الأدبي للإخوان المسلمين نحو مائة شاعر من الإخوان في مرحلة انطلاقهم الدعوي (1928-1965)، وبرز أدباء من أهمهم سيد قطب (1906-1966) الذي تفتحت مواهبه الأدبية، واعتُرف له بالنبوغ قبل تعرفه على الإخوان المسلمين، وانضمامه إلى جماعتهم، بل كتب وهو طالب في الفرقة الثالثة بكلية دار العلوم كتابه الأول "مهمة الشاعر في الحياة" سنة 1933، ثم ديوانه الشعري "الشاطئ المجهول" سنة 1935، ومن بواكير نتاجه كتابه "نقد كتاب مستقبل الثقافة في مصر" سنة 1939، وقصته القصيرة "الخريف" سنة 1941، وقصته القصيرة الأخرى "أموات وأحياء" سنة 1944، وقصة "المدينة المسحورة سنة 1946، وقد أصدر كتابه "التصوير الفني في القرآن" سنة 1945، ومشاهد القيامة في القرآن" سنة 1947، وكتب ورواية أشواك صدرت سنة 1947، ، ويعتبر كتابه "النقد الأدبي أصوله ومناهجه" الذي صدر سنة 1948 من أهم ما كتب في النقد الأدبي حتى الآن.

وما زاده وضعه الجديد إلا شاعرية متدفقة، وبلاغة خلابة، ولم يحُل السجن والجلاد دون وصول صوته الثائر إلى جماهير الأمة كلها، بعدما فجّر إعدامه ينابيع الغضب والثورة، ومما كتبه في سجنه قصيدة "هبل"، وفيها يقول:

هبل..... هبل

رمز الخيانة والعمالة والدجَل

صيغت له الأمجاد زائفة.. فصدقها الغبيّ

واستنكر الكذب الصُّراحَ.. وردّه الحرُّ الأبيّ

لكنما الأحرار في هذا الزمان هم القليل

فليدخلوا السجن الرهيب، ويصبروا الصبر الجميل

وليشهدوا أقسى روايةْ... فلكل طاغية نهايةْ

ولكل مخلوق أجل

.... هبل.... هبل([4])

ومنها قصيدته "أخي" التي تنبض بالرقة والعزة في نسيج روحي راقٍ، وقد كتبها أيضًا في محبسه بعدما أثارته أيدي أحد إخوانه تلوح له من خلال القضبان، فقال:

أخي أنت حر وراء السدود أخي أنت حر برغم القيود

إذا كنت بالله مستعصمًا فماذا يضيرك كيد العبيد

وفيها يقول مصممًا على الثبات على الحق المر:

قد اختارنا الله في دعوته وإنا سنمضي على سُنَّته

فمنا الذين قضوا نحبهم ومنا الحفيظ على ذمته ([5])

أما أخوه محمد قطب فشهرته مفكرًا إسلاميًا أعظم من شهرته أديبًا، ونتاجه أعظم، لكن كتاباته تنضح بهذه الروح الأدبية الغالبة على آل قطب، فهو "أديب في مشاعره، أديب في تفكيره، أديب في فلسفته، وأديب في طريقة تناوله لكل ما ينشئ"([6]).

ومحمد قطب يدلج إلى الأدب من باب آخر هو النقد الأدبي، كما يبدو في كتابه "منهج الفن الإسلامي"، فكان رائدًا باكرًا لمن يأتي بعده، وهو يعرف الأدب الإسلامي بأنه "التعبير الجميل عن الكون والحياة والإنسان من خلال تصوّر الإسلام للكون والحياة والإنسان” ([7])، وهو مفهوم واسع يدخل فيه شعر غير المسلمين ما دام يعبر عن التصور الإسلامي، حتى إنه في نماذجه التطبيقية على بعض نصوص التعبير الأدبي أدخل بعض شعر طاغور الشاعر الهندي (1861-1941م)([8]) ضمن الأدب الإسلامي، لما يمتاز به من تدفق روحي وإنساني، وسماحة ومحبة للخير وللوجود، فهي تلتقي في جزئيات منها مع المنهج الإسلامي، "وإن اختلفا بعد ذلك في طريقة تصورهما للحياة، ودور الإنسان في هذه الحياة"([9])، وكذلك ينظر النظر نفسه إلى مسرحية "الراكبون إلى البحر" للأديب الأيرلندي ج. م. سنْج (1971-1909)([10])، تجاور هذه المسرحية عنده قصة أخته حميدة قطب "قصة ضرس"! وهي قصة رائعة ماتعة([11]). وبذلك يبدو محمد قطب في حسه الإنساني، وفي انفساح تعريف للأدب الإسلامي.

أما في الأدب الإسلامي النسائي فنستطيع أن نرصد نتاج الشقيقتين من آل قطب: أمينة وحميدة قطب.

أما أمينة قطب (1927-2007) فهي شقيقة القطبين، وشريكتهما -مع أختها حميدة الأصغر منها- في مجموعتهم القصصية الفريدة "الأطياف الأربعة" التي سيأتي الحديث عنها، ولها مجموعتان من القصص القصيرة، هما: "في تيار الحياة"، و"في الطريق"..

خُطبها الشهيد كمال السنانيري (1918-1981) أحد رفقاء أخيها سيد في محنة السجن سنة 1954، وكان قد حُكم عليه بالسجن المؤبد، وكان كمال قد التقى أمينة في زيارة لها إلى أخيها وهما في مستشفى السجن، فقبلت خطوبته، بالرغم من الأمل الواهن في إمكان زواجهما، ولم يفرج عنه إلا سنة 1973، فتم زواجه بأمينة بعد ما جاوزت الخمسين من عمرها. غير أنه بعد عدة سنوات أعيد اعتقاله سنة 1981، وقتل تحت التعذيب، مما أدخل زوجته الصابرة في تجربة شعورية هائلة أخرجت معها ديونها الشعري "رسائل إلى شهيد"، الذي خصصته لرثاء زوجها الشهيد، تقول في إحدى قصائده:

ما عدت انتظر الرجوع ولا مواعيد المساء

ما عدت أحفل بالقطار يعود موفور الرجاء

ما عاد كلب الحي يزعجني بصوت أو عواء

وأخاف أن يلقاك مهتاجًا يزمجر في غباء

ما عدت انتظر المجيء أو الحديث ولا اللقاء

ما عدت أرقب وقع خطوك مقبلًا بعد انتهاء

وأضيء نور السلم المشتاق يسعد بارتقاء

ما عدت أهرع حين تقبل باسمًا رغم العناء ([12])

وتقول في قصيدة أخرى تصبر نفسها بأن زوجها لاقى ربه شهيدًا:

أتـعزى  بالـذكــر أن "كمالاً"  قد شرى بالحياة مجــدًا لديني
لـم يمت ميتة الضعيف فيمسي  كل ذكـر لمــوته يخــزيني
غير أن الفراغ من كل شـيء  كان لا بد ثـقـلـــه يـضنيني([13])

أما حميدة قطب (1937-2012) الشقيقة الصغرى للشهيد سيد قطب، فقد تعرضت للسجن في محنة الإخوان 1965، وحكم عليها بالسجن عشر سنوات، قضت منهن ستًّا وأفرج عنها سنة 1971، ونشرت حميدة قطب مجموعتين قصصيتين وهما: "رحلة في أحراش الليل"" سنة 1998، وصدرت عن دار الشروق بالقاهرة. ونشرت دار الشروق لها أيضًا "نداء إلى الضفة الأخرى" سنة 2000.

وكانت لها محاولة باكرة في الأدب بالاشتراك مع إخوتها سيد وأمينة ومحمد قطب في "الأطياف الأربعة" وهو كتاب ويحوي (41) نصًا أدبيًا ونثريًا، صدرت طبعته الأولى عن لجنة النشر للجامعيين سنة 1945 ([14])، وهذا عجيب، إذ كانت وقتها قي نحو الثامنة من عمرها، ووصلت نصوصها الواردة في المجموعة إلى 13 نصًا كاملاً، وهو العدد الأكبر بين نصوص الكتاب، الذي يعد نوعًا خاصًا في الأدب، فهو "إبداع أسري، فيه الذاتي والقصصي، والفلسفي والفكري، وفيه القصة والخاطرة"([15])!

وقد كتبت في مقدمة مجموعتها "رحلة في أحراش الليل" إهداء إلى أخيها الشهيد تقول فيه: "وقد أهدتها إلى شقيقها سيد في إهداء رقيق تقول فيه: "أخي الحبيب سيد! إليك في عالمك العلوي الذي اصطفاك الله له.. أهدي هذه المجموعة القصصية الأولى، تحكي قصة معاناة عشناها معًا، والفضل فيها بعد الله سبحانه راجع إليك، فأنا وما أنتج -ما حييت- بفضل من الله إنتاج من إنتاجك..." ([16])،

وتخبرنا الكاتبة أنها تحيرت في تصنيف كتابها ضمن أي لون من ألوان الأدب، هل هي مجموعة قصص، أم أقاصيص، أم سيرة ذاتية، أم غير ذلك؟ وهل هي أصلاً ضمن نطاق الأدب، أم لا تدخل فيه؟ وتنتهي إلى أنها راضية بأنها تعبير عن الإنسان من حيث إنسانيته، ومعاناته، ومن حيث إسلامه وتصوراته، وأنها إن ضمرت فيها مساحة "الحدث" أو "الحوار" فلأنها تدور حول تجربتها في السجن، حيث تقل الأحداث، وتختفي الحوارات([17])

تقول في إحدى التفاصيل الدقيقة في ظلمة ليلة من ليالي السجن الحربي: "تطلعت ببصرها المفزع ناحية الباب تتقصى مصدر الضوضاء. لا شيء جديد. الباب مغلق إغلاقة الموت ككل وقت! ولكن الصوت كان حقيقة، سمعت شيئا خشخش في أعلى الباب ثم ارتطم بالأرض! سرت في جسمها قشعريرة، وهمت واقفة، ثم تحركت قدماها بحذر في اتجاه الباب. في الطريق أحست أن قدمها ترتطم بشيء لين فارتعدت، وانطلقت من فمها صرخة مكتومة، رفعت قدمها بسرعة وحدقت في الأرض بكل عينيها، قد يكون تعبانًا قذف بنفسه من فوق الباب، مطمئنًا إلى الظلمة الكاسية في المكان؛ وفى هذا المبنى المدفون في الصحراء تكثر الثعابين؛ وفى حر أغسطس اللافح تسعى إلى كل مكان! ماذا تفعل؟ وحدها تعيش وسط غرباء جفاة، حشيت قلوبهم بالعداء الثقيل! لا مفر من قدر من الجرأة تواجه به قدرها، لا بد لها من أن تتخلص من خوف وهي هئا، حتى لو كان ذلك من صفاتها الحميمة! فهناك؛ في البيت الآمن لم تكن بحاجة إلى شجاعتها فيمثل هذه المداهمات الصغيرة، وكان الحماة حولها في كل آن. أمسكت أنفاسها، وجمعت شجاعتها. خلعت حذاءها، واندفعت تضرب بكل قوتها هذا الشيء الرطب المستلقي على الأرض في الظلام،‏ يا ألله!! وندت من فمها ضحكة بغير إرادة؛ أول ضحكة منذ غادرت بيتها قبل أيام. إنه رغيف!! رغيف وجبة العشاء» قذفه إليها هاشم الرفاعي - ويكيبيدياالحارس من فوق الباب المغلق فوقع على الأرض"([18])

ومنهم هاشم الرفاعي (1935- 1959) الشاعر الشاب الذي قتل في الرابعة والعشرين من عمره، وقد حدد لشعره مسار الشعر المنتمي لأمته، الطمّاح إلى بناء المعالي، فقال:

أسمعونا إذا استطعتم قريضًا لا خيالات جالس في حانة

فإذا شقّت القيود عليكم فدعوه لم يصوغ جمانة([19])

وقد تصدى لطغيان عبد الناصر فقال في قصيدته جلاد مصر:

جـلادَ مـصــرَ ويا كـبـيـر بـغـاتـهـا مـهـلًا فــأيــامُ الـخـلاصِ دوانِ

من أيِّ غـاب قـد أتـيـتَ بِـِشِـْرعـة ما إنْ يُسـاس بهـا سـوى الحيوان

وختمها بقوله:

لو كان عهدك قبل عهد محمد للعنت يا فراعون في القرآن([20])

وعبر عن معاناة المعتقلين ظلمًا في سجون الطاغية، ومن حكم عليهم بالإعدام، فصور في قصيدته "رسالة في ليلة التنفيذ" مشاعر رائعة لشاب ينتظر تنفيذ حكم الإعدام في صبيحة ليلته، فلم تثنه مشاعر الألم والرغبة في الحياة عن عزة النفس والاستعلاء بالإيمان من أجل حياة كريمة في ظلال الإيمان، فكان مما قال:

كُلُّ الَّذي أَدْرِيهِ أَنَّ تَجَرُّعي كَأْسَ الْمَذَلَّةِ لَيْسَ في إِمْكاني

لَوْ لَمْ أَكُنْ في ثَوْرَتي مُتَطَلِّباً غَيْرَ الضِّياءِ لأُمَّتي لَكَفاني

أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لا إِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ بِالإنْسانِ

فَإذا سَقَطْتُ أَحْمِلُ عِزَّتي يَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في شِرياني

 وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ قُدْسِيَّةِ الأَحْكامِ والمِيزان ([21])

ومن محنة السجون والتعذيب تفجرت شاعرية جمال فوزي (1910-1986)، فقال يشكو معاناته وإخوانه إلى ربه:

إلهي قد غدوت هنا سجينا                    لأني أنشد الإسلام دينا

وحولي إخوة في الحق نادوا                   أراهم بالقيود مكبلينا

طغاة الحكم بالتعذيب قاموا                   على رهط من الأبرار فينا ([22])

وقد قدم جمال فوزي القصة الشعرية في قصيدته الطويلة التي تحكي مأساة أم اعتقل ولدها، ثم قتله ظالموه، ويقول في مطلعها:

ذهبت يراود قلبها أمل يحقق حلمها

ومضت تفكر كيـــف تلـقى غائبًا عن عشها

...

لم تمض أيام على هذا الهدوء بدارها

حتى أتى جند الطغاة وكرروا مأساتها

...

وحتى انتقته شهادة علياء في جنباتها

حتى نعته لها الوفود بكته في سجداتها

رباه قد ضاق الطغاة بمثله وبمثلها

ذهبت لتشهد قبره ترويه من عبَراتها

فإذا الجنود تحوطه في غلظة بسلاحها

والأم قد رُدت وقد شُهر السلاح بوجهها

إلى آخر هذه القصيدة التي تنتهب بثورة الأم المكلومة على جند شهروا السلاح بوجه شعبهم، وفروا جبناء أمام عدوهم([23]).

يوسف القرضاوي: وفاته تثير ردود فعل عربية وإسلامية رسمية ...ولم يختلف الأمر كثيرًا في مرحلة التأسيس الثانية التي أعقبت خروج الإخوان من سجون عبد الناصر في أوائل السبعينات من القرن الماضي، ولمعت أسماء في الأدب من أمثال د. يوسف القرضاوي، الذي تفتحت مواهبه الأدبية مبكرًا فكتب وهو طالب في الصف الأول الثانوي مسرحية شعرية عنوانها "يوسف الصديق"، ثم عاد وهو شاب معتقل في سجون عبد الناصر مع الإخوان المسلمين سنة 1949 ليكتب مسرحيته الشعرية الذائعة الصيت "عالم وطاغية، عن مواجهة التابعي سعيد بن جبير للحجاج بن يوسف، تلك المواجهة التي أسفرت عن قتله راضيًا، وقد اشتهر ديوانه "نفحات ولفحات" -الذي صدر في منتصف الثمانينات- لما يقدمه من أشعار سهلة في ألفاظها، غنية في مدلولها ومرامها، قريبة من قضايا الإنسان المسلم واهتماماته، وما ضمته عديد من قصائده من ثورة على الطغيان السياسي، يقول في إحداها:

يا جند فرعون الذين تميـــزوا                       ببذيء أقوال، وسوء فعــال

لا تحسبوا التعذيب يخمد جذوتي                ما ازددت غير تمسك بحبالي([24])

وهو القائل:

ضع في يديّ القيد ألهب أضلعي   بالسوط ضع عنقي على السكين

فالنور في قلبي وقلبي في يدَيْ ربي وربــــــي ناصـــري ومعـــيــــــــني

وقد أوقف القرضاوي شعره -كما يقول – على نصرة الحق الذي يراه، فقد قال:

وقفتك يا شعري على الحق وحده فإن لم أنل إلاه قلت لهم: حسبي([25])

ولا نقصد في هذه المقام أن نستقصي كبار الأدباء الإسلاميين في عصرنا الحديث، لكننا لا نغفل ذكر عطاء وأديب الدعوة محمد الغزالي، ود. محمد رجب البيومي (1923-2011) الذي كان من بين من استلهم أحداث التاريخ الإسلامي، وبعض شخصياته في شعره، ليُسقط ذلك على وهدة تاريخنا المعاصر، فنظم قصيدة مطولة من 113 بيتًا في وصف بطولة علي بن أبي طالب عرفت باسم القصيدة العلوية.

نجيب الكيلاني | الموسوعة | الجزيرة نتكما لا يمكن أن نتجاوز ذكر أحد المجيدين في كتابة القصة والرواية والقائمين على التنظير للأدب الإسلامي، وهو د. نجيب الكيلاني (1931-1995) بإنتاجه الأدبي الوافر والمتعدد الاهتمامات، وكان أول عمل نثري له روايته "الطريق الطويل"، التي كتبها في سجنه سنة 1956، وتحكي قصة النضال المصري من أجل التحرر منذ الحرب العالمية الثانية حتى العدوان الثلاثي على البلاد 1956، ومن العجيب أن تنال الرواية التي كتبها معتقل سياسي جائزة وزارة التربية والتعليم سنة 1957 ثم قررت للتدريس على طلاب المرحلة الثانوية في الصف الثاني الثانوي عام 1959. ثم مكتب روايته "اليوم الموعود" سنة 1960، ونالت جائزة المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بمصر في العام نفسه، ورواية "في الظلام"، ونالت نفس الجائزة في العام التالي 1961م، ثم تتابع إنتاجه الوفير، ليزيد عن عشرين رواية، كتب بعضها عن مجتمعات إسلامية خارج بلده، فكتب عن ثوار نيجيريا في "عمالقة الشمال، وعن أثيوبيا في "الظل الأسود"، وعن دمشق في "دم فطير صهيون"، و "على أسوار دمشق"، وعن فلسطين "عمر يظهر في القدس"، وعن إندونيسيا في "عذراء جاكرتا"، وعن تركستان في "ليالي تركستان"، وتنبأ فيها بسقوط الشيوعية، ومازج فيها بين هموم تلك البلاد الإسلامية التي تم تجهيل المسلمين بأخبارها وبين هموم أبنائها ومشاعرهم.

وكتب الكيلاني سبع قصص، أما شعره فقد كتب أول دواوينه "نحو العلا" عام 1950، وهو طالب بالمرحلة الثانوية، وآخرها "لؤلؤة الخليج"، وهو الديوان الذي لم يكتمل، مرورًا بـ "كيف ألقاك؟"، و"عصر الشهداء"، و"أغنيات الغرباء"، و"مدينة الكبائر"، و"مهاجر"، و"أغنيات الليل الطويل".

فضلاً عن نحو اثني عشر كتابًا في نواحي من الفكر والحياة والسيرة الذاتية والأدب الإسلامي، منها مدخل إلى الأدب الإسلامي، والإسلامية والمذاهب الأدبية، وآفاق الأدب الإسلامي، والأدب الإسلامي بين النظرية والتطبيق.

وبشكل عام يعد الكيلاني أغزر الكتاب إنتاجًا على الإطلاق، بينما يأتي «نجيب محفوظ» والسحار في المرتبة الثانية من حيث الكم، بحسب رؤية د. حلمي القاعود. وقد حصد الكيلاني جوائز عدة، حيث حصل على جائزة الرواية والقصة القصيرة سنة 1958، وميدالية طه حسين الذهبية من نادي القصة سنة 1959، وجائزة المجلس الأعلى للفنون والآداب سنة 1960، وجائزة مجمع اللغة العربية سنة 1972، والميدالية الذهبية من الرئيس الباكستاني سنة 1978م .([26])

قدمت أحداث الثورة وثرائها مادة ضخمة تصلح لصوغ أدبي متعدد، سواء في فنونه من شعر ونثر، ومن قصة وأقصوصة ورواية... أو في تباين اتجاهات مبدعيه من إسلاميين وغيرهم، ممن وافقهم في بعض فتراتها، أو خاصمهم ونافرهم في جميعها.

كان حشد الثورة في ميادينها يقدم مادة ثرية لتمازج تيارات متعارضة، وحدت بينها الرغبة في التغيير، وجذبتها آمال في مستقبل أفضل، لقد تجاور المثقف والأمِّي، والمدني والبدوي، والريفي والقاهري، والإسلامي والعلماني والشيوعي والمسلم والنصراني، وصبَّ ابن الكنيسة الماء ليتوضأ ابن المسجد. وتواصت الفتاة المنتقبة بالسافرة خير الوصاة.

ولم يتوقف هؤلاء ليتساءلوا عن ماهية ذلك المستقبل، أو كيفية نواله، أو عن السبيل إن تفلت من أيديهم. وتحت رخات الرصاص الحي، أو المطاطي، ودفعات ضخات المياه، وقنابل الغاز، اتقد الوعي بقدسية اللحظة الفارقة، واستحقاقها التضحية الكريمة. وانصهر الكل في واحد، وكأننا في طبعة جديدة ل "عودة الروح" كما سجل وقائعها توفيق الحكيم في ثورة الشعب عام 1919.. غير أن الجامع الموحِّد بين ثوار 2011 كان الفكرة الطامحة إلى الحرية، وليس الزعيم الملهم الفرد.

وكان لكل ثائر عالمه الخاص، وفلكه الدوار، وآماله السابحة في طلب الحرية لأمته، وتصوراته حول الغد المأمول، ومخاوفه من الفشل وتبعاته إن حلّ. وتمازجت اللافتات الفردية مع المطالب الجمعية، وانطلقت النكات المصرية لتعبر عن عمق الحضارة وعبقها.

كان كل ذلك يحتاج إلى الأديب الفذ، بل يستتفر الأدب استنفارًا ليصوغ الحدث الخالد.

ثم جاء الانقلاب ليفصل بين الثوار فصلاً لم يلتئم، عاقه الدم المهراق والعقوق الجاحد، ثم ما لبث المتخالفون من الثائرين أن أدركوا أن العسكر قد تلعَّبوا بالجمع الهادر، ليستعيدوا الوطن المسلوب، والمصلوب!

كانت ملامح الرئيس الشهيد في قفص حديدي قدَّه طبع غليظ، وعقل غبي، وذلك القاضي المأجور ينهره إن أراد الحديث.. كانت جديرة بأن يقف الأدب مبهورًا بالصمود الأبيّ لرجل آثر أن يضحي بحريته ومنصبه كي لا يُدخل البلاد في أتون مواجهة بين شعب وجيش. كما آثر أن يترك صفحة ناصعة -جديرة هي الأخرى بالتسجيل والعبرة – لرئيس رفض سكنى القصر المنيف، وآثر أن يعيش في شقته المستأجرة، وأبى أن يرتزق من منصبه الفخيم، واكتفى بمرتبه الحلال من عمله أستاذًا بالجامعة.

وكانت فاجعة الصامدين في وجه الانقلاب تهتف بالأدب ليسجل القصص الرائعة، قصة البلتاجي الباكي في شمم أمام جثمان ابنته الشابّة الشهيدة، ومحمد بديع وهو يتلقى خبر استشهاد ولده، تمامًا كآباء كثيرين تقبلوا القضاء صابرين، وقصة الصبي الباكي الهاتف في جسد أمه الشهيدة يناديها "أمي!!.. ردي عليّ".

وقصص الشهداء الناطقة في مستشفى رابعة الميداني تتناجي أرواحها في الملأ الأعلى قبل أن تحرقها الهمجية الظالمة، أو تجرفها جرافات الجيش لتلقي بها إلى حيث لا يدري أحد. وتلك الجثامين المتجاورة في مسجد الفتح، يبكيها أهلوها، وهم يلقون عليها أكياس الثلج مخافة أن تتغير رائحتها حتى يحين دفنها، ومئذنة المسجد تتلقى رصاصات العسكر وقذائفهم، وهي تشكو إلى ساحة مسجد رابعة قبل أن تحترق تلك الساحة لتضيع معالم جريمة القرن.

وغيرها.. وغيرها..

كانت قصص الإسلاميين في المهجر موحية أخاذة. طريقهم إلى الشتات، مغامرات آباء تركوا أسرهم إلى غيب مجهول فرارًا بدينهم وسلامتهم، وشباب ركبوا ثبج البحر، أو عنان السماء، أو قطعوا الفيافي والقَفْر في طريقهم إلى الجنوب، وقد ودعوا الأهل، والدراسة، والوظيفة، والأمن، إلى رحاب دين ودعوة. وكانت قصص رجال أعمال صودرت أموالهم، وأساتذة جامعات فُصلوا من وظائفهم، وأحرار شُوهت سمعتهم وصفحاتهم.. ونساء اضطررن إلى اللحاق بأزواجهن بعد مغامرات يعجز عنها الرجال، أو نزحن فرارًا من أذية شعب الانقلاب الذي ارتضى إقصاء الشرفاء من أرضه، لأنهم أناس يتطهرون!

كل ذلك كان جديرًا أن ينتصب له الأديب والفنان. لكن الموهبة المجدودة والمحدودة لم تسعف أصحابها، لا من الإسلاميين ولا من غيرهم! كأن الحدث كان أجل من أن يُكتب، وأضخم من أن تستوعبه المشاعر..

ولما وهن عطاء الإسلاميين في هذه الباب اتسع لغيرهم، وقد انفسحت أمامهم وسائل التعبير، وأدوات الوصول للجماهير، مع الترويج الإعلامي لنتاج أصابه الوهن هو الآخر، فقد كان التهافت والوهن شعار المرحلة التاريخية الراهنة. كما حركته الأغراض والأهواء السياسية، فتلاشت الحدود بين الأدب الحق والدعاية الفجة، وتم تسخيره لمنطق الانقلاب والإقصاء، حتى آل الأمر بأحدهم أن يعبر عن انقسام الشعب فيقول:

احنا شعب وانتوا شعب

واللى هز القلب منا

عمره ما هزلكو قلب

رغم إن الرب واحد..

لينا رب... وليكو رب

الحق أن خسارة الحركة الإسلامية في تناولها تلك الحوادث والحيوات بمنظور الأدب والفن كانت خسارة فادحة، ربما لم يجرِ النظر إليها، وتقدير حجمها حتى اليوم.

والحق أنها كانت خسارة مستحقة (ولا يظلم ربك أحدًا)، فلم يحظ الأدب ولا الفن برعاية مؤسسية، ولا مبادرات فردية، ولم تتأسس مدارس أدبية يقودها أبناء الحركة من النقاد والباحثين والموهوبين، وإن كانوا قليلين، بل لعل قلتهم كانت أدعى لهم ليتنادوا بالمرابطة على ثغر عظيم! ولم يتنبه الخيِّرون من أبناء الحركة بوجوب بذل المال لتأسيس كيان أدبي وفني راقٍ يليق بنبوغها في مجالات شتى، أو ينذر أحدهم أو بعضهم نفسه لرعاية المواهب منذ تفتحها، لتشرق في غد قريب، أو التنويه بجهود هؤلاء الأدباء بعدما أقصتهم منابر الدولة ومؤسساتها الثقافية والفنية.

وقد بلغ سوء أوضاع الأدب الإسلامي في هذه الفترة أننا لا نجد محاولة لجمع تلك الجهود والمحاولات الأدبية في موضع واحد، أو مواضع محددة، فكان لزامًا على الباحث عن ذلك الأدب، أو الدارس له أن يبذل جهدًا كبيرًا في جمعه أولاً، ثم وضعه في دائرة البحث والدرس.

هذا في الأفق القريب الضروري.. فما بالنا إن امتد الطموح إلى الريادة في مجال الأدب والنقد الأدبي، وإلى التطلع إلى منافسة الأدب العالمي، والضرب فيه بسهم وافر. سواء على مستوى التنظير والتأطير، أو مستوى الإبداع والتجديد.

عبّر الأدباء الإسلاميون عن رفضهم ممارسات نظام حسني مبارك، مطالبين بالحريات وحقوق الشعب، فكان إبداعهم دافعًا للتغيير، وصياغة واقع جديد. فالثورة، في جوهرها، نتاج العوامل الضاغطة، والاستياء العام، والرغبة في إحداث تغيير جذري وسريع في البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والثقافية للمجتمع.

كتب الدكتور جابر قميحة عدة قصائد ثائرة، تتبرأ من المظالم، وتنادي بالثورة عليها، يقول في قصيدته "براءة"؛ وهو يشترط على قلمه أن يظل حرًا مخلصا للقضية:

برئْتُ مـنك إذا هــادنْت طاغيــةً

دستورُهُ البغْيُ والإجْحاف والغَشَمُ

السـجـن والقيد والـعـدوان عدته

وشـــر أعدائه الإســلامُ والقِيَــــمُ

يقْتَاتُ دمْع الضحايا في زنازِنِهم

كأن أنَّـاتِــهـم فـي أُذْنِـه نـَغَـــــــمُ

ويــدَّعــي أنـه للـعــدل مـلْـجَؤُهُ

وأنــه للـجـيـاع الـخـــبْـزُ والأدَمُ

وأنـه عـبْقريُّ العصــر والـعـلَـَـمُ

ومـِثـلَ فـطـنتِـه لـم تُنـْجِـبِ الأُمَمُ

ويقول في قصيدته "الفرعون الطريد":

كـم بـريءٍ في السجن بات يعاني        والـلـصـوص الـعتاة في إسعاد

فـحـضـرنـا جـنازة العدل والقا        نـون والـوعـي والـعلا والرشاد

والـظـلام الـكئيب يروي الحكايا         دامـيـاتٍ لـعـصـبةٍ في التمادي

فـشـهـيـدٌ هـوى بـسوطٍ حقير       وهْـو  لـلـحـق والـحقيقة فادي

.......

وشـهـيـد أبـى الـسـجودَ لطاغٍ      وركـوعًـا لـعـصـبـة الإفساد

وشـهـيـد  بـكى لحريةٍ مَهـْــ      ــتـوكةِ العرض والحَشَى والفؤاد ([27])

ويتحدث الشاعر علي متولي عن تجربة السجن الذي قضى فيه ثلاث سنوات إثر محاكمة عسكرية (1995-1998):

السجن سجن وإن طابت معايشه والحبس للحر إهدار وتنكيـل

لا ينسل البلبل الصداح في قفص من النضار وتجفوه التهاليـل

يا حابس الحر ما أبقيت موهبـة تصبو إلى المجد والعليا أكاليل

خلفتهم ههنا في محبس خرب وهم هداة الورى يحيا بهم جيل

أسعدت بالحبس "صهيونًا" وزمرته أثلجت صدر الخنا والكيد تضليل

A person in a suit and tie holding a cane

Description automatically generatedويثور د. قميحة على اعتقال عدد من قيادات الإخوان وتقديمهم إلى المحاكمة العسكرية سنة 2006، وفي مقدمتهم م. خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان، فيقول:

أيها الظالمون في الأرض مهلاً

إن في الأرض والسما جبارا

فاتـقوا الله إن للهـول يـومًا

فيه من ظلمكم ستصلوْن نارا

يوم تبيض مـن تُقاها وجوهٌ ووجوه تسود خِزيـا وعارا

لا تظنوا السـلطانَ يبقي لحيّ خُلق الدهـرُ قلَّـبا.. دوارا

إن تَرَ اليومَ منـه أمنا وودا فستلقـاهُ في غـدٍ …غدارا

فاتقوا اللهَ فـي العباد وإلا سوف تغدون عبرة واعتبارا

ثم يقول في هؤلاء الأحرار وفي مقدمتهم خيرت الشاطر:

هـو الخالق البـارئُ القادرُ بحسْبك يا” خيرت الشاطر

وحسْب الألى بايعـوا ربَّهم وكلهمو صادق طاهــر

فصبرٌ جميلٌ هـو المستعانُ ومَنْ يعصِهِ غَيّـهُ خاسر([28])

ويتحدث في قصيدة أخرى عن دولة "ظلمستان"، فيقول:

اسم الدولة:  ظلمُـستانْ

حاكمها الأعلى: بـَهمـان

هو الدستورُ.. هو القانونُ.. هو السلطانْ([29])

كما كتب الشاعر د. أحمد والي([30])عدة قصائد، منها قصيدة بعنوان:" إصلاح غير سياسي"، يقول في بعض أبياتها:

يا من حكمتـم بالســياط شعـوبكم

هل يرتوي الظمأى بِحَرِّ النار؟

نـبـغـي الحـيــاة بـعـزةٍ وكـرامـةٍ

فلِـمَ الحـيـاة بـذلـةٍ وصـغــار؟([31])

ويرى الشاعر د. أحمد والي أن إصلاح البلاد لن يكون إلا بمواجهة الصعاب المتكاثفة، في شتى نواحي الحياة، بعدما ضرها العطب جميعها، فيقول في قصيدته سباق لجواد واحد سنة 2005:

فاسمع مقالي فالقصائد حرةٌ حتى وإن وضعوا القيود على فمي

هذي سيوفي لا تطيق غمادها خذها وسطر درب عزك بالدم

وأطر رؤوسًا قد تثاقل حملها واقْطُفْ - بـربك - كُلَّ رأسٍ سَائِم

طهر بلادك من سفاهة ماجنٍ من رجس وغدٍ؛ من قذارة آثم

ومن اللواتي قد أردن خرابها وابدأ بـ(روبي) ثمّ ثنِّ بـ(عجرم)

ومن اللصوص وقد تمادى بغيهم وبنوك (أوربا) تَضِجُّ بأنعمي

ومن الـمُطَبِّل والـمُصَفِّق هاتفًا البائعين ضميرهم بدراهم

أنا قد سَئِمْتُ بحار ذلِّكمُ لها موجُ الحقارة والتخاذل ينتمي

إن كان بحر الشعر مثل بحاركم بَطُلَ الوضوءُ فَقُمْ بنا نَتَيَمَّمِ!([32])

وكتب الشاعر رأفت رجب عبيد، يؤمل في ثورة تستأصل الباطل، وتحيي الحق، حين قال في عام 2009:

يـا ريـاحَ الحـقِّ هبِّي

غـيِّـري هذا الوجودْ

وانـثـري فـوق الـبلايا

كـلَّ أشـكالِ الصمودْ

واغــرسي عِز َّ الحياة ِ

غـالـنـا ذلُ القــعـودْ

طــاردي فــيـنـا حــيـاةً

فـليَعُدْ  للحقِّ صَوْت 

لـفـهـا ثوب الجُمـودْ

صـاعدٌ  أعلى صُعُودْ[33]

وأنشد وحيد الدهشان([34]) في مهرجان الشعر السنوي بقصر ثقافة طنطا قصيدته "يا سيد الرسل عذرًا"، وقال فيها:

ضاقت بنا مصر حتى كدت أختنق وصال في أرضها العربيد والنزق

ومــــــن تحـــــــكّمِ مــغــــرورا بـــســــلــــــطـــته ومصـــر في عهده تهوي وتنزلق

إلى حضيـــــــض بلا قاع وخيبــته فاقت بغـــير جـدال كل من سبقوا

أما د. محمود خليل ([35]) فقد كتب صبيحة انتخابات مجلس الشعب المصري التي تم تزويرها يوم الأحد 28/11/2010 قصيدته "رجل الأمن" حيث قال:

فأعذروني

إنَّ بالبيت ورائي

ألفَ لصٍ يتقدم

وأعذروني .... حين أبصرت أمامي

رجل الأمن دليلاً

رتب الأمر ونظم

ومضى فيه وأجرم

والذي كان كريما

قد غدا غير مكرم

فامنحوني ألف عذر

إن بدا الأمر كطلسم" ([36])

وفي 20 أكتوبر 2011 قبيل الثورة، صدر ديوان "بيني وبينكم الزمانُ" الشاعر عصام الغزالي([37]) ضم العديد من القصائد، منها قصيدته "مذكرات سياسي كذاب"، قال فيها يتستر بالدين ليخفي وجهه القبيح:

"لكن تخـل عـن التمـســـح

في التدين والمســــوح

واســــــتر بأقنعة السياسـة

ما بوجهـك مـن قـروح

إن السـياسـة كلـها عـطـن

روائـحــــه تــفــــــوح

لـوث شـــــبابا مسـلــمــين

توضـؤوا بنـقـــاء روح

وانســب لنفسـك وانتصـب

تمـثال نصَّــاب بَجُـوح

قل أين كنت ونحن نستعلي

عـلى ألــم الـــجـــروح

والـجأ إلـى جـبـل الإســاءة

سوف تهلك يا بن نوح ([38])

ومن طرائف المواقف الملهمة للشعراء أن الدكتور مصطفى الفقي سكرتير مبارك للمعلومات سابقًا، والسياسي المخضرم، كان قد فاز بالتزوير في انتخابات مجلس الشعب سنة 2005 في دائرة بندر دمنهور، في واقعة مشهورة أمام منافسه د. جمال حشمت القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، وكان تزويرًا فجًّا فضحته المستشارة "نهى الزيني" المشرفة على لجنة الانتخاب في الدائرة المذكورة. ثم إن الدكتور الفقي قام بزيارة دمنهور سنة 2008 ليفتتح مسجدًا بها بصحبة وزير الأوقاف ومحافظ البحيرة، فسُرِقَ حذاؤه وهو يصلي صلاة الجمعة يوم 31/10/2008م، وتعطَّلت المسيرة قرابة ساعة حتى يُحضروا له حذاءً آخر بدلاً من الحذاء المفقود، وألهمت هذه الوقعة عددًا من الشعراء من أمثال الشاعر المهندس وحيد الدهشان، ومن أبيات قصيدته التي أسماها " واحدة بواحدة" يقول:

"لـكَ حـسـرتي وفجيعتي وعزائي

أدْري.. حــذاؤك لـيـــس أيَّ حـذاء

جــلــدٌ طــبـيـعـيٌّ ونــعـل فـاخـرٌ

حـتـى يـلـيــق بـقـيمـــةِ الـكــبراء

مـا فـي "دمـنـهـور" حــذاءٌ مثله

فـضـيـاعـه عـمـداً بـغــير مـــراء

وأظـنـهـم ظــنـوك جُرتَ عليهمو

وكـســرتَ حـلـمَـهمو بكل جــفاء

وســرقـتَ أصــواتـاً وفزتَ بمقعدٍ

زوراً وقـد شـهـدتْ لـجانُ قضاء

وعلى "نهى الزيني" العتاب" لأنها

قـد أظـهـرتْ ما كان في الإخفاء"

صنعتْ من الأمر اليسير فضيحةً                وأثارت الجُلَّى من الأنواء([39])

ومن قصيدة لرأفت عبيد في الموقف نفسه:

حذاؤكَ في الورَى نعْمَ الحِذاءُ           حذاؤكَ في ذرا المَجْدِ اللواءُ

 حذاؤكَ والجَوانِحُ ذي فِدَاهُ                ويا فرْحَاهُ لو قبلَ الفِداءُ!

حذاؤكَ في الرِّبيع يفوحُ عِطرًا              شذاهُ مُعبَّقٌ منه الفضاءُ

مُصابُ الناس ِفي نعليكَ داجٍ             عيونهمُ يُرُى فيها البُكاءُ

تمادَى في مآسينا انتحَابٌ                  تراءى في مآقينا العَزاءُ

وتنتحِبُ الكنانةُ في أسَاها                 ونهْرُ النيلِ باكٍ والسَّماءُ

شوارعنا الفخيمةُ في اكتئابٍ            توَلولُ في حواريها النسَاءُ

أسوقُ لك الرِّثا مني عَزاءً                 أقلُ الواجباتِ هو الرِّثاء([40])

بل إن الشاعر الدكتور جابر قميحة لم يفوِّت الفرصة، فأدلى بدلوه في جَوقة النحيب على الحذاء المسروق! فقال:

سَرقوك يا أرقى حِذاءْ                لأعيشَ بعدك في شقــاءْ

أبكيك يا أغلى الحبا                   يب بالدموع بـل الدماء

وتكـاد نفـسي تفـتديـ             ك فأنـت أهــلٌ للفــــداء([41])

تداعت تلك المظالم في السنوات التي سبقت ثورة يناير، فجماعات من الشعب يقتلها الفقر والمسغبة، وجماعات تحترق في قطار ساقه الإهمال، أو تغرق في باخرة أثرى صاحبها فلم يحفل براكبيها من فقراء الأمة.

وكان الشعر الإسلامي مواكبًا لذلك، غاضبًا لمن لا صوت لهم، وفي ذلك يقول الشاعر خالد الطبلاوي في قصيدته "تبت يدان":

مت يا جبان... مت في متاهات القلق

يا أيها الوغد الذي لم يبك يومًا

في وداع من احترق

يا من عصرت الناس عصرًا

كي يجف رحيقهم

وترحب الأجسام بالنيران

أو تهوي لتنجو بالغرق

مت في متاهات القلق

فالكل ينتظر الخلاص

لا فرق بين الموت محترقين

أو نهشًا بأسنان الرصاص

الناس ماتت في القطار وفي البحار وفي الهواء

الكل في وطني سواء

حتى الذي ما مات بعدُ

يلوكه فكُ الشقاء([42])

وقال الشاعر محمد جودة([43]) في قصيدته "سفينتك يا مصر"، يعلن غضبه من الإهمال الذي أودى بأرواح العبَّارة المنكوبة في البحر الأحمر، ويمزج بين السفينة الغارقة والوطن ويثور على سلبية شعب طال إهماله، وارتكبت في حقه شتى الجرائم، لكنه لا يثور على ظالميه فيقول:

كدا يا روح ما بعدك روح

وهسكت ليه وانا مدبوح

سكوتى جُرْم

على كل اللى خارم ف السفينه خُرْم

ويعلا والوطن نازل

ويتخن واحنا نتهازل

ويتاقل ويترازل

على الباذل كدا روحه فدا بُوحُه

وفين هوا؟ وسكان السفينة فين؟

وليه مغاروش كدا غاره

على اللى قاعدين على الطاره

وسايقين السفينة وهيا منداره؟

خلاص؟؟ خلاص مفيكيش كدا يا مصر بحاره؟؟

يوروه الطريق لحسن مهوش شايف

وانا خايف ألاقي سفينتي غرقانه ف عتمة ليل

ف بحر الويل

ومتسلم صكوك بيعها لإسرائيل

سفينتك راحه فين يا نيل

يا ابو المدنة وابو التراتيل؟!!( ([44])

ويندد الشاعر د. أحمد والي بدور مبارك في تقزيم مصر، ورغبته في استمرار حكمها بنفسه أو بوريثه الذي يؤمل صعوده؛ ابنه جمال مبارك، فيقول في قصيدته "ارحل غير مأسوف عليك":

ارحل فكم تُقنا ليـــــوم رحيلكم والأرض تعشقُ ساعــــة التجديد

سبحان من كتب الفناء على الورى وتظنُّ أنـك جئـــــــــتَ للتخـــليد

قبِّحتَ من جدٍ وقبِّـــــــــح نجلُكم والقبْح يصــــحبـُكم لكــــلِّ حفيد([45])

ويقول د. أحمد والي في قصيدته رسالة إلى هبل" التي كتبها سنة 2005م مستنكرًا تعديل الدستور لتمرير التوريث:

لما رأيتَ دُنــــــوَّ موتك قـد بدا ورأيت (عزرائيل) نحوك قد وصل

وغدا (الزهايمرُ) في فعالك واضحًا وَتَنَـاوَشَتْـــك يد المنـــيَّة والعـــــلل

وخشيت أن تمضي ولم تترك لنا إلا ســـواد العـــيش أو سوء الأجل

قلتَ انتظر حتى أورّث ضيعتي لتكون في الطاغين أبغض من رحل

حتى متى هذا التأله في الورى؟ ومتى يُحطّم عنفـــــوانك يا " هُبل "

....

عدّله أو فاصنع سواه لنجـــــــلكم حتى تمـــــهد للمصـــاب المحتمل

واجعل لكم صرحًا وشيد جاهدًا وتقلـــــــــــــــبوا بين الأســــاور والحُلل

ما هذه الأنهار تجــــري تحتكم إلا هـــــــــــــدير الســـيل آذن بالعمل

سيزول صرحك إنني متــــيقنٌ ما ذاك يومك إن نجــمك قد أَفَل([46])

ويسخر الشاعر ناصر صلاح([47]) في قصيدة مبايعة (مارس ٢٠٠٥) بفكرة التوريث فيقول:

ابعدوا عنه وسيبوه

هو ناقص ضغطكوا.. هتموتوه

يعني فاضل كام في عمره.. سننوه

زي ابوكم.. زي جدي.. فوّتوا واتحملوه

ليه يا عالم في النهايه بتحرجوه

.......

خد علينا وخال علينا.. فاعذروه

نفسه يرأس فتره ساتَّه.. رقصوه

والله ضفره ما هتجيبوه

دا السلام والحرب هوه.. تنكروه

عمركم ما تعوضوه

عاوز ابنه يجي بعده.. بَعدوه

ما الولد طالع لابوه

وانتوا شايفين اليهود والأمريكان

زهقوا منه وحطوا خطه يغيروه

نفسهم طرطور جديد.. ويترتروه

هو منكم.. مهما جار دايما عليكم.. أيدوه

ما انتوا صابرين ربع قرن

ربع تاني وبالجمايل حملوه

ما انتوا من يوم ما اتولد.. بتعشموه

ليه يا عالم في النهايه بتحرجوه؟([48])

وقد ذكر د. أحمد والي في مذكراته عن الحياة الثقافية والأدبية قبل ثورة يناير أنه من المفارقات العجيبة أن الشاعر م. عصام الغزالي قد استشرف المستقبل سنة 2001- قبل أن يتنبه أحد لمخطط التوريث الذي يُدار في الخفاء- فكتب قصيدته "مجذوب في إشارة مرور"، يقول فيها:

( معـــــاويةٌ ) يعد لكم ( يزيــــداً) وينـــــفي ما الأدلّـــة تدّعيه

فهل يا أمتــي أصبـــــــــحت إرثا يجـــود به الجواد على ذويه

إذن فاعـــــدل ونصّــــــفها لكيلا تمـــيز ولي عهدك عن أخيه

وطفت ـ ولم أزل ـ في الحي أهذي خذوا مني النبوءة ..من سفيه

زمان الفـــــرد يا فرعـون باقٍ هنيـــــئا للوجـــيه ابن الوجيه

أليسوا القوم -والحــــجاج فيــهم- يقـــــــول: له الخلافة عن أبيه؟

إلى أن يقول:

أُطــــــوّح بالهـــراوة ثم أمضي إلى مستــــقبلٍ لا أرتضـــــــيه

فيا رباه خـــــــــذني قبل يومي وقبل تحـــــــــقق الظن الكريه !! ([49])

خاطب الشاعر أحمد بلال يوم 26 يناير 2011 - مع إرهاصات ثورة مصر - أهل تونس في أعقاب نجاح ثورتهم، وإزاحة طاغيتهم "بن علي" وفراره:

يا شعبَ تونسَ ما أبكاكَ أبكانــا       جُرحُ العروبةِ والإسـلامِ أدمانـا

الشعبُ ثارَ وقد زادتْ حمِيَّتـــه       إذ أشعلَ الظلمُ في المسكينِ نيرانا

الشعبُ أعلنَ بعد الصّبر غضبتـه       لم يستطعْ بعد طولِ الصبرِ كِتمانا

إنّا نُشاهدُ في الإعلامِ غضبتَكــم       نأسَى ونفرحُ كِتمانًا وإعلانــا

ومؤملاً أن يقود نجاح ثورتهم إلى تحرك الشعوب الأخرى التي تعاني الظلم والقهر، فكثيرون مثل بن علي في استحقاق الثورة عليه وخلعه، فقال:

يا أهل تُونُسَ قدَّمتم لنا مثـــلاً       على الوقوف بوجه الظلم فرسانـا

تلك الشرارةُ طافت أيقظت هِمَمًـا        بين الرَّعيةِ إعصارًا وبركانـــا

وأوّلُ الغيْثِ قَطرٌ ثمّ ينهمـــر        يا تونسَ الخير هل أسمعتِ جيرانـا؟!

النّاس في الشرقِ أو في الغربِ تدعمُكم     كلٌّ تجرَّعَ كأسَ الظُّلم ألوانـــا

هذا الرئيسُ له في العُرْبِ أشبــاهٌ        وإنْ تفاوتَ لونُ الظلم أحيانـــا

فَرَّ الرئيسُ!!.. ولم يتركْ له خلَفــًا       إلا الخرابَ وإفسـادًا وطغيانــا

فالمظالم واحدة في تونس ومصر وسائر بلاد العرب، لذا فالغضبة القاضية آتية من غير ريب، يقول الشاعر أحمد بلال:

قالوا المظالم قد زادت ضراوتــها       جاءت ولايتُه بالظلم ألوانــــا

أما الفساد فحدِّث دونما حــرجٍ         بعضٌ بدا علنًا والبعض ما بــانا

مجالسُ الشّعبِ قد سَرَقَت إرادتَنــا      قد عُيِّنتْ مِن شُهودُ الزُّورِ بُهتانـا

تلك الأصـولُ وقد بيعت بلا ثمنٍ         كيمـا تُقـدَّمُ للأعداء قربانـــا

أما الجباية فازدادت مواردُهــا         كيما تعوِّضُ ما قد ضاع خُسرانــا

هانَ الرحيلُ إذ ازدادت بكم ظُلـمٌ        ولو رأيتم بصيصَ العدل ما هانـا

غير أنه لن يرحل الظالمون دون ثمن فادح يجب أن تستعد الأمة لتقديمه في سبيل حريتها، ويجب أن يستعد له الراغبون في الشهادة والمجد:

دمُ الشهادةِ قد صار المدادَ لنــا       ليكتبَ الشعبُ للتحرير عُنوانــا

دمُ الشهادةِ قد كان البدايةَ كــي       يُحرِّكُ الشعبَ أفواجًا وطوفانــا

نالوا الشهادةَ عند الله فانفجــرت     عزيمةُ الشعبِ إصرارًا وإيمانــا

وحين يعلو زئير الثوار لن ينفع الطغاة تزلفهم لدى أعداء الأمة، وتراميهم على أعتابهم:

أين الأعادي التي قد كنتَ تحسبُهــا       عند احتياجِك أنصاراً  و أعوانــا

كم كنت تذهبُ عند الغرب مغتبطــاً       توزِّع الوُدَّ  ترحيباً و أحضانـــا

باعوك لمَّا رأَوْا في ذاك صالحَهــم       ظننتَ خيرًا بهم إذ كانوا ذؤبانــا([50])

ويقول الشاعر عبد الرزاق الغول لمبارك بعد سقوطه: ألم يكن لك في إسقاط بن علي وفراره عظة أن تلاقي ذات المصير، فيهتف به في قصيدته "لائحة اتهام":

أنيرونُ تمضي بنار العناد                أما لك في ابن علي مزدجر؟

وتزعم أنـك ليث العبور                   ونسر السماء الجليل الأثر([51])

كان العدوان الصهيوني المتكرر على غزة؛ ورد الفعل المخزي من نظام حكم مبارك؛ مما أثار غضب الشعب عليه، وزادت حدة الغضب بعد أن أمر ببناء الجدار العازل بين مصر وغزة، مما حرم أهلها من فرص الحياة والصمود في وجه حصار محكم فرضه العدو، وعاونه فيه نظام حكم وصفه العدو نفسه بأنه "كنز إسرائيل الاستراتيجي. وكان هذا مما أهاج غضب الأمة، فانطلق الشعر الإسلامي ناطقًا بلسانها، وفي ذلك يقول جابر قميحة، في قصيدته "رسالة إنذار إلى حكام العرب":

أحكَّامَنا يا كبار المقام             خسئتم وهنتم وصرتم سُدى

ألم تشهدوا غزةً في الحصارِ           وظلمُ الظلامِ بها عربدا؟!

وأبناؤها في العراءِ الوبيلِ           يهيمون في بردها شُرَّدا؟!

جياعًا عطاشًى ومرضاهمو      - ولا رحمةً- يطعمون الردى؟!

هو الليلُ يغمرهم بالسهادِ     وفجرُهمو قد غدا أسـودا

ينادونكم في أسًى مستجيرٍ  ولم يجدوا فيكمو مُنجِدًا

فكيف تنامون يا ويلكم             بأحضانِ دفءٍ وحلمٍ شَدا؟!

وكيف يطيبُ لكم مطعمٌ            وكأس تفوق رحيقَ الندى؟!

وهذي حياة نرى عن قريبٍ        تصب عليكم ردًى أنكدا([52])

ويعدد الشاعر عبد الرزاق الغول في قصيدته "لائحة اتهام" جرائم نظام مبارك بعد خلعه؛ فيضع في مقدمتها حصار غزة، ويتهمه بالتآمر عليها مع العدو، فيقول:

وأطفال غزة هل َ نسُـوك؟         عجائزها وذوات الخَفَر

فـ"ليفني" تصب على أهلنا           الرصاص وعندك أَجْلَى خبر

جهينةُ عنـدَك كلُّ اليقين            رسمتَ السيناريو وشتى الصور

 ومن أرض غزة صبت عليك       سهام الثكالى بوقت السحر

مآلكَ فرعونُ لَعْنُ السماء            وأرض غضوب وسخط البشر([53])

أما الشاعر أحمد حسن محمد ([54])، فقد كتب ينتقد حسني مبارك ونظامه في سياسته الخارجية، وتحديدا فيما يتعلق ببناء جدار عازل بين مصر وقطاع غزة بهدف حصار القطاع، وقد حصل على الجائزة الأولى في مجال شعر الفصحى عن قصيدته "الجدار للجار" بمسابقة يوم الأرض التي أقامتها سفارة فلسطين بسلطنة عمان بالمشاركة مع جمعية الكتاب والأدباء، ومن أبياتها:

فَإِنْ تُعْفِكَ الأَسْوَارُ مِـنْ هَمْسَتَـيْ يَـدِي إِلَــى لُقـْـمَـتَـيْ أَمـْـنٍ لَـدَيْـكَ وَأَثْـمَــارِ!

فَكَيْفَ سَيُعْفِي السُّورُ لَـو جَـاوَرَ العدا دِيَارَكَ بَعْـدِي.. لَـوْ مَحَوْنِـي بِأَسْـوَارِي

فَلَـوْ كَـانَ يَوْمِـي الْيَـوْمُ، فَانْتَظِـرِ ابْنَـهُ بِنَفْسِ صِفَـاتِ الْقَهْـرِ -يَـا جَـارُ- لِلْجَـارِ

فَـبِعْـنِي كَـمَا شَــاءَ الْظَّـلامُ؛ وَبَعْدَهَـا ‍ يَبِيعُكَ غَيْرِي؛ نَفْسُــهُ الْكَاهِنُ الشَّارِي!

وَلَـوْ أَنَّنِـي أَفـْدِيـكَ يَـا بْـنَ عُـرُوبـَتِـي بِـشَـعـْبِـي وَشِعْـبِـي وَالسَّنَـابِـلِ وَالــدَّارِ

أَنَا أَنْـتَ: قَـلـْبي فِي ضُـلُـوعِـكَ نَبْضُهُ وَدَمْعُكَ فِي خَدّيَّ مَحْصُولُ أَشْجَارِي ([55])

وقي يناير 2010 أنشد الشاعر الشاب د. أحمد والي قصيدته شيد جدارك، التي ثار فيها على بناء نظام مبارك الجدار الفاصل بين مصر وقطاع غزة، فألقي في السجن بسببها، ويقول فيها:

شيِّد جدارك

واصنع من الفولاذ عارك

وانقش على سيناء وشْم الذل

ولتكشف عوارك

أسكرتنا كذبًا.. وسُقت على مسامعنا من الزور انتصارك

أغلقتَ ظهر الأرض كيْما يذعنوا

فتألقوا في صبرهم..

وهُزمت أنت ومَن أثارك

......

ما عاد يؤلم أهل غزة فعلكم

لو كنت حرًّا ما فعلت.. ولا أسأت لمصرنا

ولَصُنت في الدنيا دِثـَارك

لكنني والكل يعلم واثقًا.. ليس القرار هنا قرارك

لن تغفر الأجيال سوء فعالكم

وشواهد التاريخ لن تنسى عِثارك

شيد ففوق العرش ربٌ قادرٌ

والشعب فوق الأرض يشتاق اندحارك([56])

كان كثيرون من شعرائنا يرون بعيون زرقاء اليمامة، فيبصرون إرهاصات الثورة القادمة، ولم لا؟ فقد جاءت أشراطها.

ويعدد جابر قميحة([57]) في قصيدته "رسالة إنذار إلى حكام العرب"، جرائم الحكام قبل أيام من اندلاع الغضب الثوري، فيقول مخاطبًا إياهم:

أراكم تجاه الأمور الكبار              ضريرًا وأعورَ أو أرْمَدا

وما شغلتكم قضايا الشعوبِ         وعِرضٌ عليه العدو اعتدى

سنترككم لانتقام الشعوب وما هو إلا اللظى الموقدا([58])

وأنشد الشاعر خالد الطبلاوي([59]) قصيدته "تبت يدان" يوم 27 يناير 2011، أي قبل يوم واحد من جمعة الغضب التي صنعت طوفان الثورة في 28 يناير، فيبشر بأن نهاية نظام الاستبداد والقهر قد آذنت بالقدوم.. فيقول:

وغدًا تحاصرك الحناجر صارخات بالرحيل

كل المساكين الذين حصرتهم

وحصدت جيلاً بعد جيل

كل الشموس ستزدريك من الشروق إلى الأصيل

كل الذين تشبثوا بالعيش في وطنٍ جميل

فجْري ونصْري قادمان

يا كل مأجورٍ جبان

فالغادة البيضاءُ أضحى مهرها نهر الدماء([60])

د.محمد عباس صاحب مقال “من يبايعني على الموت “الذي زلزل العالم الإسلامي و  جمد حزب العمل وأغلق صحيفة “الشعب”: لو عاد بي الزمن ألف مرة لكتبته! | رأي  اليومفي العدد 302 من مجلة المختار الإسلامي الصادر في أكتوبر 2007 نشرت قصة: "حفل إفطار رمضاني" للدكتور محمد عباس، وكان أبرز ما فيها ذلك التنبؤ الفذ بما سيحدث بعد سنوات من ثورة في يناير 2011، حتى في بعض التفاصيل الصغيرة، مثل وقوع أحداثها في ميدان التحرير، الذي أسماه الثوار -بحسب القصة- "ميدان الشهداء"، وأن ثروة الرئيس الهارب تقدر ب "سبعين مليار دولار". تمامًا مثلما قدرت بعد الثورة، وأن قوات الأمن الحارسة للنظام سوف تنهار، وتنسحب من الميدان، بعدما يتخلى أفرادها عن ملابسهم العسكرية، ويرتدون ملابس مدنية، لينجوا من غضب الشارع الثائر، وأن النظام سيلجأ إلى الاستعادة بالبلطجية ممن ادخرهم لمثل ذلك اليوم. وأن الطاغية سيفر بعدما تضاعف حشد الشارع، ووصل إلى عشرة ملايين.

وكانت بداية القصة التي حكاها جد لحفيده - بعد سنين من حدوثها - سنة 2077، لما دعا الإخوان المسلمون إلى إفطارهم السنوي الرمضاني في ميدان التحرير، وحضرة عشرة آلاف مدعو.. ثم تضاعفت أعدادهم إلى 100 ألف أو يزيدون، ينادون بسقوط الحاكم ورحيله، وصلت الأعداد في صبيحة اليوم التالي إلى ملايين، عجزت الشرطة عن تفريقهم، وبدأ اعتصامهم في الميادين، حتى نجحت الثورة وفر الطاغية.

الرواية تطابق ما حدث إلى حد كبير، وتعطي دلالة قاطعة على قدرة الأديب على اختراق آفاق المستقبل على نحو بديع، ونشير هنا إلى النقطة الفارقة التي حادت فيها القصة عن واقع الثورة، إذ حددت تاريخا سنة 2019، وليس 2011!

وليس في ذلك غرابة عن أديب ومفكر مثل د. محمد عباس، انشغل بالحلم الثوري، ومقارعة الظلم والاستبداد السياسي على مدى عقود، حتى حل به شيء من انتقامهم بحرق منزله ومكتبته التي تضم عدة آلاف من أمهات الكتب في فروع المعرفة المختلفة، في 22 مايو 2013([61])

ود. محمد عباس سبق أن توقع الثورة قبل ذلك بزمن؛ في روايته "الحاكم لصًا" التي صدرت سنة 1989، ويرمز في روايته تلك إلى مصر بأنها ""اوفريسيا"، التي قام اللصوص والمجرمون فيها -وقد جمع بينهم سجن الاستئناف- بانقلاب على نظام الحكم، وشكلوا حكومتهم، فكان وزير المالية سجينًا سابقًا متهمًا بتزييف النقد، وكان وزير الشرطة تاجرًا للمخدرات ، ورئيس المخابرات متهمًا بالجاسوسية ، ووزير الثقافة والآداب قوّادًا أريبًا، اما الرئيس أو "الامبرائيس" -الجامع بين الحكم الإمبراطوري الوراثي والرئاسي الجمهوري كشأن الحكام العرب- فقد كان مجرد واجهة للحكم، وعصا في يد المايسترو الذي يحكم فعلا. أما الملك الحاكم الفعلي فقد اكتشف أن الفارق بين حكومة اللصوص وحكومات من سبقهم هو الفرق بين الاحتراف والهواية. وإن اختلفت الأقنعة والوجوه فالجميع لصوص.

أما روايته الرائعة "بروتوكولات حكماء العرب"([62])؛ فيصفها الأستاذ محمد يوسف العدس في مقدمته النقدية البليغة التي كتبها للرواية؛ فلم تنشر لأسباب تعود إلى ظروف النشر، بأنها "أهم وأروع رواية عربية أُلّفَتْ في نصف القرن الأخير".. وقد شرع كاتبها في نشر حلقاتها في الصحف ابتداءً من سنة ٢٠٠٠م، أي في عصر مبارك، والرواية تلقى ضوءًا كاشفًا على الأوضاع الراهنة، كأنها قد وُضعت خصيصًا لتعميق فهمنا لما يحدث الآن. وإحدى خصوصيات هذه الرواية المتفرِّدة هو استخدام الإيهام بطريقة عبقرية تكتيكًا فنيًّا للدفاع والهجوم والمراوغة في آن واحد؛ مراعاة لظروف القهر السياسي آنذاك، ولحدة مضمونها، والرسالة التي تريد إيصالها، وخلاصتها أن الأمر لا يمكن السكوت عليه، وأن ثورة شعبية تلوح في الأفق البعيد، لا مفرَّ منها، وأن المسألة هي مسألة حياة أو موت، مسألة وجودية؛ فإما أن يستمر هذا النظام في الحياة ويموت الشعب، وإما أن يهبَّ الشعب ليستخلص وجوده ويقضى على النظام.. وليس هناك اختيار ثالث.

وهنا يستخدم المؤلف تكتيك الحلم برموزه وتهويماته اللامنطقية درْعًا واقيًا لامتصاص الصواعق المحتملة من قِبَلِ السلطة الغاشمة، ويأتي في هذا السياق، إيراد أسوأ الأخبار على ألسنة الآخرين، وبث النوادر والفكاهات الّلاذعة الساخرة في ثنايا الرواية على سبيل التمويه، ولكنها ترد دائما كجزء لا يتجزأ من التطور الدرامي للرواية..

وفى تاريخ الأدب العربي والعالمي سنجد نماذج قريبة الشبه من رواية محمد عباس من حيث استخدام تكتيك الإيهام لظروف سياسية واجتماعية مشابهة؛ نضرب لذلك مثلا بـ"مزرعة الحيوان" لجورج أورويل ، و كليلة ودمنة التي أجراها صاحبها على ألسنة الحيوانات، حتى لا يقع تحت طائلة السلطة الباطشة..هذه الحيلة الفنية هي بذاتها التي لجأ إليها الدكتور محمد عباس ليوهمنا أنه تلقَّى نصوص "بروتوكولات حكماء العرب" من شخص مجهول الهوية أرسلها إليه على شكل مخطوط غريب، في ظروف غريبة وبشروط مفروضة عليه هي أكثر غرابة؛ فهو لا يستطيع أن يبوح حتى عن كيفية وصول البروتوكولات إليه، إلا إشارةً أو تلميحًا.

غير أن الإيهام عند محمد عباس لا يبدأ من الخيال ليوحي بالواقع، بل من الواقع في إطار فني، يريد بذلك أن نتمثّل واقعنا نحن المأساوي، لا لِنُمَصْمِصَ شفاهنا يأسًا ثم نمضي، ولكن لكي نعقد العزم على أن هذا الواقع لا يمكن أن نستهين به أو نغفل عنه.
وفى حوار له مع صحيفة الوسط اللندنية، يكشف لنا سر الشخصية الرئيسية الغامضة التي تهيمن على المشهد خلال فصول الرواية؛ فهي توحي لحكام العرب كيف يسيطرون على شعوبهم وكيف يستمرون في السلطة؟ يقول: "تخيلت أنني عثرت على عبقري راح يعلِّم مجموعة من الناس كيف يحكمون عالمنا العربي.. والحقيقة أنني كنت أرمز به للشيطان.. وراح الشيطان يوسوس للحكام.. وكان مما وسوس به لأحدهم: كيف يخدع شعبه حتى يجعل هذا الشعب هو الذي يطالب ويلح في أن يتولى ابنه الرئاسة من بعده.

ليس الشيطان إذن هو المرجعية العليا لحكام العرب فحسب؛ ولكنه الشخصية الأساسية الملهمة والمسيطرة في هذه الرواية... وقد بيّن لهم بالأمثلة كيف ضيَّع بعضهم سلطانه، وانتهت حياتهم بالقتل أو السجن لغبائهم.. ولأنهم لم يتبعوا نصائحه ويخضعوا لحكمته، ويتنبّهوا لتحذيراته.

فالصواب في منطق البروتوكولات هو كل ما تستطيع أن تثبته بالقوة مهما كان خطؤه.. والباطل هو كل ما يقوله الآخَرُ الذى لا يملك سيفا يهددك به دفاعا عن حقه مهما كان صوابه.

الدين نفسه لا يخرج عن هذه القاعدة، وبها يمكن استخدامه والتلاعب به حتى لتكفير الجماهير بالدين الصحيح، ولكن هذا "لن يكون تحت راية الكفر، بل تحت راية الإيمان؛ فالدهماء يحتاجون للإيمان لأنه عزاؤهم الوحيد من التعاسة والحرمان، ولكن الإيمان الذي تسمح به البروتوكولات ليس هو الإيمان بالله، بل الإيمان بالحاكم، والكفر لا يعنى الكفر بالله، بل الخروج على الحاكم([63])

كتابات أخرى ضد الاستبداد:

ود. محمد عباس أديب ومفكر سياسي وثائر حقيقي، تنطق بذلك عناوين كتبه، وتصرخ به مضامينها، فهو مؤلف: "رأيت الملك عاريا"، و" الحاكم لصًّا"، و"الوعى ينزف من ثقوب الذاكرة"، و"مباحث أمن الدولة"، و"اغتيال أمة"، و"من مواطن مصري إلى الرئيس مبارك"..، وفي كلها يهاجم الاستبداد والفساد، بشكل ظاهر ومتحدٍّ، أو بأسلوب أدبي يستخدم المجاز والتورية، ويستدعي الأسطورة والأقصوصة، ويجد في قصص انتهاك حقوق الإنسان في مصر مستراحًا وثروة لا تنضب على امتداد عقود من زمن العسكر، التي شكلت اتجاهًا قويًا من حماة الاستبداد، يزينونه للحاكم حتى كأنهم يؤلهونه، ولسان حالهم يهتف: "قل هو الرئيس أحد، الرئيس الصمد"، كما يصف في أحد مقالاته([64])

تعد رواية " رجل أمن دولة " التي صدرت عام 2009 عن دار شروق، لأحمد السعيد مراد جامعة لكثير من الخيوط التي تضافرت لتشكل ثوب ثورة يناير الكبير؛ بتناولها السيطرة الأمنية على الحراك السياسي ومقاومته. وبعد أن صدرت الرواية وحققت نجاحًا كبيرًا اصطدمت بمقصلة الرقابة فمنعت طباعتها ونشرها إلى يومنا هذا !

كتب مراد في روايته " رجل أمن دولة: "ولكن إدراكه بأن الفساد قد سرى وانتشر كسرطان شرس لا تلاحقه الأدوية؛ دهمه يقين أن الرجل ما دام من قادة الحزب الوطني فقد ضمن البراءة العاجلة ولن يمسه أدنى عقاب! ولو كان شريفًا يعمل حقًا لرفعة بلده بلا تلاعب ولا رشاوٍ أو تزوير وفساد؛ للاحقته المحاكم العسكرية لتحبسه في السجن بضع سنين!

الحل الآن أن تكون فاسدا كي يرضى عنك الفاسدون، الحل أن يموت ضميرك؛ فيعلو شانك !"([66])

ويقول في موطن آخر ليعري الواقع الأمني والسياسي المظلم في تلك الفترة من خلال مشهد لطالب من التيار الاسلامي اعتقله ضابط أمن الدولة : "مد يده وأمسك بتلابيب عمرو، وعيناه تقذفان بشرر محموم ؛ وقال في تهدج: لقد تلاعبت في المنطقة الخطأ يا فتي، لو ظننت رغبتي في نيل الشريحة التي معك حقا فأنت مخطئ، بعد ربع الساعة فقط ستكون أختك هنا، سيغتصبها أحقر جندي عندنا في أمن الدولة أمام عينيك، سيتم تصوير ذلك أيضًا، فيلم رائع سينتشر بأسرع من البرق بين الطلبة الجامعة وعلى شبكة الانترنت.

لم يتوقف ارتعاد عمرو بكل كيانه، يعلم بأنه وسط أتون مشتعل، شاكر في حالته الطبيعية وحش كاسر، فما بالك لو أثير غضبه؟ "([67])

شهدت الفترة من ثورة 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2013 تفاعلات سياسية ضخمة أثرت في المشهد الثقافي المصري والعربي. وكان الأدباء الإسلاميون جزءًا من هذا الحراك الفكري عبر إنتاج أدبي متنوع، جمع بين الرواية والقصة القصيرة والشعر والمقال، ليعبروا عن رؤاهم وتصوراتهم حول الثورة، والتحولات السياسية، والتحديات التي واجهها المشروع الإسلامي في هذه المرحلة.

اتسمت كتابات الأدباء الإسلاميين خلال هذه الفترة بتعدد المسارات الفكرية، فمنهم من تبنى الخطاب الثوري باعتبار الثورة تجسيدًا لإرادة الشعب في التحرر والعدالة، ومنهم من ركّز على التحديات التي واجهتها التيارات الإسلامية بعد وصولها إلى الحكم، سواء من خلال النقد الذاتي؛ أو الدفاع عن المشروع الإسلامي في مواجهة القوى المضادة. ومنهم من توقف عند مراحل من المسار الثوري مثل: انسحاب الشرطة، وإطلاق سراح السجناء ليطلقوا حملات من التخويف والرعب، ومحاولة فلول النظام السيطرة على ميدان التحرير مجمع الثورة، بطريقة موغلة في الهمجية والرداءة، بغزو الميدان بالخيول والجمال، فيما عُرف بموقعة الجمل، وواقعة تنحي مبارك التي مثّلت حالة نجاح للثورة وما قدمته من شهداء وتضحيات، ومنها فوز د. محمد مرسي في انتخابات الرئاسة، وما عمَّ ميدان الثورة من أفراح، وانفساح الآمال بمستقبل أفضل للبلاد، وذلك الجهد المبذول في إنتاج دستور جديد لمصر، يعبر عن تطلعاتها للمستقبل..

فأنشد الشاعر خالد الطبلاوي في الخميس 27 يناير 2011 مذكرًا مبارك بجرائمه، ومطالبًا إياه بالرحيل، وإلا فإن غضبة الشعب واقعة، يقول في قصيدته "تبت يدان":

فارحل بعيدًا أو فمُت رعبًا فلن

يبكي عليك ترابُ أرضي

لا

ولن تبكي السماء ([68])

وقال الشاعر م. أشرف محمد قصيدته "في ذكرى ثورة يناير" مذكرًا بتكوين الشباب اللجان الشعبية لمواجهة سيناريو الفوضى التي خططت لها وزارة الداخلية بإطلاق سراح السجناء لإثارة المخاوف من الثورة ومآلاتها، فقال:

وتري لجانَ الشعب تحرُسُ حيَّنــا       في البردِ ساهرةً بغير غطـــاءِ

والكلُّ في حذرٍ يُؤَمِّنُ حِـــرزَه   ممن يدبرُ مكره بِخَفَــــاءِ([69])

ويعبر بعض الشعراء عن آمال الثوار في تمام ثورتهم، وتطلعهم إلى وفاء الجيش بعهده أن يسلم البلاد لسلطة منتخبة تحقق دولة العدل، تلك الظنون التي أثبتت الأحداث أنها حديث خرافة، ما لبث أن أسفر عن انقلاب الجيش على السلطة المنتخبة، وعودته إلى سدة الحكم من جديد، يقول الشاعر أشرف محمد عن تلكم الآمال:

ستتمُّ فرحتُنا بثورة شعبنــــا      عند استلام العُهدة العصمـــاءِ

عند التسلُّمِ من قيادة جيشنـــا     أمرَ البلاد بحكمةٍ ووفــــاءِ

إني أؤجِّلُ في الثناء عرائضـــي      لأزيدَ في يوم الوفاءِ ثنائـــي

أنا لا أُلامُ إذا وثقتُ بأنهــــم      يوم الوفاء سيُصدِقون رجائـــي

فلما يتم الاعتداء على الثوار في ميدان التحرير فيما عُرف بموقعة الجمل، كتب الدكتور محيي الدين الزايط ([70]) ينعى فكر نظام بالٍ يدير صراعه مع جيل الشباب بأدواته العتيقة:

أرأيت جيشًا من حميرٍ

أو جِـمــــالٍ أو بِـغـــال؟!

مُتسـلحينَ من السيوفِ

وبالـحـجــارةِ والــحـبــالِ

فرســانهـم جمـعٌ خليطٌ

مـن سَـفــــالات الـرجــال

من مدمنينَ وســارقينَ

وشـاربي طــينَ الخَـــبـال([71])

وأشار عبد الرزاق الغول في قصيدته لائحة اتهام" إلى موقعة الجمل قائلاً:

تسوق الخيول وتزجي الجمال          تعيد عهود الغزاة التتر؟

ولم تُبِقِ إلا ركوب الحمير             وجرَّ البغال وسَوْقَ البقر

ويتحدث عن تعيين عمر سليمان نائبًا لمبارك، في رغبة من النظام لإطالة عمره:

ويا شعبَ مصر الحذارَ           أيذهب حسني ويأتي عمر؟

وتبقى الكروش وسمك القروش         فتلك لعمرك إحدى الكبر

سنخلع جذر النظام العتيـق             ولا نبقي سوءًا ولا.. لا نذر

غدًا ستبيد فلول الظـلام                  ويُرمى بهم في مهاوي الحفر

فلما تفرغ جعبة النظام من الحيل، ويضطر مبارك إلى التنحي ينشد د. جابر قميحة:

كم قلت لك

لم تستمع لي

حتى رأيت

نهاية الظلم العدَمْ

وأصر هذا الشعب

أن يرميك بالنبأ اليقين:

ارحل..

رحلت وأنت مكسور الجناح

ولم يكن خلعه سهلاً بعد عقود رسّخ فيها حكمه، حتى شبهه ناصر صلاح "بقلع الضرس":

"وقلعك كان بقلع الضرس

ما كناش م الألم بنام

ولا نبطل صراخ بالليل

فكم نشف دماغه وقام

.................

وكم قال الأطبا خلاص

علاجنا تقوم لنا قيامه

وقلع الضرس ما يكفي

ويفخر د. قميحة بإنجاز الثوار وإسقاطهم أحد أعتى الأنظمة العربية، فيقول يوم الأربعاء 16 فبراير 2011 بعد أيام من تنحي مبارك:

لا تنمْ

وتحدَّ الألم

بل تحد العدم

ففخرك أنك دست الصنم

.......

وأقسمتَ

يا نعم هذا القسم

بأنك تمضي

وفيًّا أشمّ

كما النسرِ

لا يرتضي بالسفوح

ولكنَّ مَحْياه فوق القمم

كذلك عشت عزيز الجناب

وفرعون مصر صريع الندم([72])

وهنأ الشاعر د. وحيد زايد ([73]) الشعب المصري بثورة 25 يناير بعد نجاحها في إنهاء حكم مبارك، في قصيدته "فليهنأ الشعب"، ومن أبياتها:

"فليهنأ الشعب بالنصر الذي جلبا

وليشــكــر الله لــولاه لـما غـلـبـا

ولـيعـلـم الـناس أن الله ناصـرهم

إذا هموا اخذوا الأسـبـاب والأهبا

قــد كان حلـمـا عنيـدا عز مطلبه

ومـن رآه رأى في نـومه الــكذبـا

مـن كـان يحـلـم أن تنزاح غمـتنا

ويذهب الظلم بالظلماء مصطحبا

وتبـزغ الشمس بعد الليل ساطعة

تحكي بطلعتها الياقوت والذهبا ([74])

وأنشد د. أحمد والي معبرًا قصيدته "يوم الانتصار"، في ذكرى انتصار أكتوبر سنة 2011، حيث التقى نصر أكتوبر برحيل الطاغية، فقال:

اليوم يوم الإنتصارْ

اليوم ترحل ظلمة الباغين

يطلع في مرابعنا النهارْ

اليوم نكتب بالدماء على ثرى وطني دواوين البطولة ....

حينها نستعذب الأشعارْ

اليوم نثأر من قريظة والنضير ....

اليوم تسقط نجمة التلمود

تلعنها الحواضر والقفارْ

اليوم تعرف (دولة اللقطاء) أني قادمٌ

أجتثُّ غرقد حقدهم من كل دار([75])

ونشط شعراء العامية المصرية، وشاركوا الشعب فرحته، فكتب وحيد الدهشان قصيدته: " وكانت غمه وانزاحت " متفائلا بالتغيير:

وكانت غمه وانزاحت
وأيام السواد راحت
.....

وشوش الناس ماهيش هيه
شموس وبدور مِلاليَّه
وعود الناس بقي فارع
يقول أهلا يا حريه
طلع م الضلمه فجر جديد
وبعد الوقفة ييجي العيد([76])

وأدرك الشعراء الثائرون أن عزل الطاغية ليس نهاية الثورة، فقد خلف دولة عميقة لن تستسلم إلا بعد جهد جهيد، وفي ذلك يقول الشاعر عبد القادر أمين([77]) قصيدته "الحلم لسه كبير يا بكره"، ومن أبياتها:

الثورة مش إنك تغير زيد بعمرو

الثورة مش طبال وزمْر

الثورة دم وحلم جيل

حالف يجيب المستحيل

الثورة كوبري للحياة ميهمهوش ضيق الطريق

المهم إن الولاد يلقوا شط بدون غريق([78])

وبعد أقل من شهرين من الثورة كتب الشاعر العربي عمران ([79]) قصيدته " إلى أين يا مصر تخطو القدم؟ ليجيب على تساؤلات تشكك في نجاح الثورة وحصادها:

وقـالـت: إلـى أيـن تـخـطـو القـدم؟

أيا مصـر إني لأخشى الـندم

عـلـى أنني مـا امتلكت الحصـى

فقلت: اصبري الآن، لا تعجلي

وقد كان ظني امتلكت الهرم

ومن أدرك الصبر فينا اغتنم 

وتتوالى الأسئلة عنن وعورة الطريق وتشابكها أمام الثوار، وتربص فلول النظام القديم:

فـإن جمـيـع الســــــــيوف الـتـي

تســـل لـبتر رءوس الغشــم

يـقــولـون فـيـها وفـيـهـا

فقلت: هل ذاك امر جديد؟

وكل له رايه فاعلمي

وقالت: ذيول النظام القديم

وتسعى إلى فتنة في البلاد

فجـئني بسـيـف خلا من ثلم

فهذا اختلاف بكل الأمم

وحق لذي الراي ان يُحترم 

تريد الـحـديث بـرغم الهتم

تُرِي أنها خـير من قد حكم

فقلت: لقد قام عهد جديد

هيهات اخرى يعود القدم([80])

وفي أجواء ما بعد ثورة 25 يناير 2011، ومع تصاعد الجدل حول صياغة دستور جديد لمصر، برزت العديد من الأصوات الأدبية والشعرية التي عبّرت عن رؤاها لمستقبل الوطن وشكل الدولة. فأبدع الشاعر أشرف محمد ([81]) قصيدة "اكتب دستورك" التي تناول فيها ملامح الدستور، حيث يتصدر الإسلام كمصدر للتشريع، مع التأكيد على العدل والمساواة وحقوق المواطنين بمختلف انتماءاتهم، ومما جاء فيها:

"قُسِّمَ الدستورُ أبواباً تُــــرَي

خمسةً للحصنِ كالقصرِ المَشيــدْ

فاقرأ الدستور حتى نلتقــــي

يومَ الاستفتاء بالرأي السديـــــدْ

أولُ الأبوابِ فيه دولـــــــةٌ

دينُها الإسلامُ ذو شرعٍ حَميـــــــدْ

زينـةُ الدسـتورِ شرعٌ عادلٌ

قد حَوَي الأسبـابَ للعيشِ السعيد([82])

وتصاعدت الحملات العلمانية مدعومة من الدولة العميقة واليسار المصري لمعارضة التوجه الإسلامي للرئيس مرسي، وتعالت أصواتهم، واحتشد أنصارهم، فقرر أنصار الرئيس والمطالبون بتحكيم الشريعة الإسلامية الاحتشاد في ميدان نهضة مصر أمام جامعة القاهرة في أول ديسمبر 2012، وتجمع مئات الألوف هناك، وعبّر الشاعر علي متولي عن ذلك بقوله:

اللــه أكبرُ: ذَاكَ نبضُ شريعةٍ غــراءَ في قلـبِ الجِمُوعِ تُغّرِّدُ

نبضٌ يَفيـضُ حَماسَـةً وعَزيمَةً ولِكل حــرٍّ في البِـلادِ يُوَحِّـدُ

أرأيتَ زحفـًا راشِـدًا ومُنظــمًا كزُحُوفِ أهلِ الشرعِ نورًا يرشدُ؟

لا لِلْفُلُــولِ وَمَن أَذَلــوا أُمَتِي لا للئِيـمِ غَـدَا لِشَعْبِـي يَحْقِـدُ

مرسي انِطَلِقْ لا تَعْـبَأنَّ بِطُغْـمَةٍ تَبْغِي خَبَــالاً في البـلادِ وتُفْسِدُ

واهتِـفْ بِهَا (شَرْعِيَّةً وَشَرِيعَةً) للخيـرِ تَهـدِفُ للنَّبالَـةِ تَقْصـِدُ

ولما قَبِل بعض الخصوم السياسيين أن يرتموا في أحضان العسكر نكايةً في الإسلاميين؛ وشكلوا ما عرف في 2012 بجبهة الإنقاذ؛ وطالبوا بتدخل العسكر والانقلاب على التجربة الديموقراطية الوليدة؛ كتب د. أحمد والي قصيدته "بيان ثوري" فقال :

جودي بصبرٍ فمنك الفضل والأملُ فالغدر يا مصرنا ما عاد يُحتملُ

كانت لنا ثـــــــــــــــــــورةٌ تروي رجولتنا وفي علاها بحقٍ يُضرب المثل

أبطالها فتـــــــــــــــــــــــــــــــيةٌ لله بيـــــعتهم لما دنا الموت بالأرواح ما بخلوا

دانت لهم جبهة التاريخ مذعنةً ومن شــذاهم عيون الحق تكتحل

لبُّوا نداكِ وساقوا الهدي من دمهم من رجس عهدٍ قبيحٍ بالفدا اغتسلوا

قد أحرموا وثياب العز ملْبسهم لمَّا أفاضـــوا تباهت عندها الحُلل

وبالجمار رمَوا طاغوت أمتنا حتــــى تَسَـــرْبل في أصفاده "هُبل"

ماذا تقول حروفي في محَّبتِهم وفي هــواهـــم فأنَّى تفصح الجمل

والآن جاءت فلول البغي حاقدةً طعنــوا بلادي بجـرحٍ ليس يندمل

وأسسوا جبهةً منهاج خطتها خراب مصر ليعلوا صرحنا الفشل

حتى يقول :

ما الحرب حربٌ على "مرسي" فنغفرها لكــنــها مصر والإسلام والمُـــــــــثل

ما تنقمون على "مرسي" لتشتـــمه أقلام عهرٍ بآي الطهر قد جهلوا

"مرسي" الذي في قيام الليل نعرفه وغيره في خنا (البارات) قد ثملوا

"مرسي" الذي يحفظ القرآن متــبعًا هدي الحبيب ويحدو ركْبَه الأُوَل

"مرسي" المؤدِّب إسرائيل إن غدرت في حرب غزة لمَّا ضاقت السُّبل

وجيشنا في ربا سيـــــــناء منطــــــــلقٌ وكامب ديفد أحنى رأسها البطل

"مرسي" ترضَّى على الفاروق في شممٍ عند "الخميني، "فغنَّت باسمه الدول

"مرسي" الخلوق إذا كثرة سفاهتهم يعفو ويصفح، لم ينــــــزل لما نزلوا

أزاح عن مصرنا كابوس عسكرها عاثوا فسادًا وأخفوا جرم من قتلوا

مصر استعادت على عَجَلٍ مكانتها والخطب من حولها يا أمتي جلل ([83])

وفي هذه الفترة بدأ ظهور ما يمكن اعتباره من باب النقائض الشعرية.

والنقائض الشعرية باب قديم للأدب في تراثنا، وهي معارك هجائية شعـرية نشبت بين الشعراء حيث كانوا يتفاخرون ويتهاجون، فيردّ الشاعر على خصمه، ويقلب المعاني لصالحه، محاولًا إظهار تفوقه.

كتب هشام الجخ ([84]) يهاجم الرئيس مرسي هجومًا قاسيًا، في قصيدة أسماها "أنا إخوان"، يقول فيها:

"كفاية شكُوك

مش انت لوحدك الإخوان

أنا إخوان

بحق الله وبالسنة وبالقرآن

وقت الجد أنا عثمان

ووقت الحرب أنا حمزة

ووقت الفصل ببقى فاروق

أنا إخوان على الرحمة وعلى التقوى وحب الناس

لكن عمري ما هتأخون بأخونتك على الصندوق

عنيكم فيها كل النور ومش شايفة

غباوة إنك تهدد ناس مهيش خايفة

بتهدد في مين يا حزين

دا انا الآهة اللي طلَقوني وجيعة وسارحة في الشارع

ومش ممكن هتخفوني

هتسمعني

وغصب عن عنيك الجوز

على دماغك هترفعني ([85])

فرد عليه كثير من أنصار الرئيس الشهيد، نختار منهم الشاعر محمد جودة، إذ قال في قصيدة بنفس الاسم:

أنا إخوان

فاصحى وفوق ما دمت انت كمان إخوان

........

أنا اللى من سنين فاتت كنت باتحبس وحدي.. عشان خاطرك

وكنت باتجلد وحدي، عشان خاطرك

وبانزل الميدان وحدي، عشان خاطرك

وأنا اللى يادوب من سنتين..

كنا بنتحبس صحبة

وكنا بنتجلد صحبة

وكنا في الميدان صحبة

بتبعد ليه وتكتب ع الطريق غربة

مادد لك إيد فمد إيديك

نضاعف قوة الضربة

أنا إخوان.. ومش عايزك تكون إخوان

ومش لازم تكون إخوان

لكن عايزك تكون جنبى نكمل رحلة الثورة

نطهر مصر من جوة.. ومن برة

نعيش مع بعض ع الحلوة وع المرة

فلو تقبل؛ فأهلا بيك

ولو ترفض فانا الإخوان ([86])

ونشر د. محمد مختار جمعه وزير أوقاف الانقلاب في جريدة الأهرام بتاريخ 3-10-2014 كلامًا عقيم اللفظ، مكسور الوزن، ركيك الصياغة، زعم أنه ينتسب إلى الشعر يحرض فيه على من وقفوا أمام الطغاة، ويشكك في وطنيتهم، ويطعن في دينهم، وبدأ كلامه مناشدا رسول الله " قم يا رسول الله قم فارع الزماما" فرد الشاعر أحمد والي عليه قائلاً :

قم يا رسول الله قد ثار الأســـودْ ليسطِّروا بين الورى آي الصمودْ

زادت عن الدين الحنيف دماؤهم واستعــذبوا عند الفــدا نار القيودْ

قم يا رســــــول الله بارك جمــــــعنا إنَّا لنُصْـــــــــرة أمتي نِعْــــمَ الجنـودْ

هذي الصفوف تمايزت يا سيدي ثُرنا وآثــــر غيــــــــــرنا ذلَّ القعـودْ

في بيعة الرضوان بايع أُسْـــــدُنا في صُلْــب آباءٍ يصونون العهودْ

هذا غِـراســـــك طيبًا فاسعــــــد به لم ينحــنوا إلا بمحراب السجــودْ

لم يرهــبوا بطش الخئون وغدرَهُ أو يُذعنوا لعـــــــــــدوّ أمتنا اللَّــــدودْ

فالسجــــــن للأحرار أجمل خلوةٍ حتى وإن قستْ الحواجز والسدودْ

ما ضَرَّ بعضُ البعدِ في دار الفنا حتى يدوم الوصل في دار الخلودْ

هذا أبو جهلٍ أطـــــــــــلَّ بخلقةٍ غبـــــراءَ تسكنها ألاعيب اليهودْ

وثياب أزهرنا الطهور تلــــوَّثت تشكو نجــاسة كـاذبٍ وغدٍ حقودْ

في دولة الأقزام يــــــرفعُ رأسه زورًا تولَّى صــــرح أوقاف رشيد ([87])

وقدم د. جابر قميحة نموذجًا للقصة الشعرية في قصيدته "من يوميات بصير التراثي" في 25 يناير 2012، يفترض فيها أن بصيرًا المولع بالتراث الأدبي قد جاب سوقًا عربية، فوجد فيها العجائب، يفتتحها بقوله:

تجولت في السوق الكبيرة آملاً                ألاقي الغوالي: من نفيس وأنفس

لكنه لم يلاقِ بغيته، بل لاقى الواقع العربي الرديء بعد عام من الربيع العربي، يعبر عنه بقوله:

قلوبهمو شتى وكانوا بأمسنا

                       جميعًا بحبل الله شمَّ معاطسِ

فهانوا وصاروا مثل عِهن منفش

                      وتاهوا.. ومن لا يملك العزم ييأسِ

وصارت دماهم مثلما الماء مهرقًا

                        تصب وتحسي في أوان وأكؤسِ

فقلت وفي حلقي الممزق غصة

                 وقد ضاق- من كرب الخزايا- تنفسي

(لقد هزلت حتى بدا من هزالها

                         كلاها، وحتى سامها كل مفلس ([88])

جهر الدكتور حلمي القاعود ([89]) بانحيازه إلى المشروع الإسلامي، وتوهج الأمل في نجاح الثورة، والدفع برئيس إسلامي مدني لحكم مصر بعد قرون من الاستبداد العسكري المازج بين الاستبداد والإفساد، بل إنه يخوض معركة الإسلاميين في وقت الثورة ضد محاولات القوى العلمانية والكنسية الالتفاف على الإرادة الشعبية، والشرعية الديمقراطية، والناظر في عناوين مقالاته وكتاباته في عام الثورة وما يليه يدرك عمق قناعته بها، فمن مقالاته في عام 2011: الشعب ينتصر، وقناص التحرير، والإنجليز السمر والاستقلال الوطني، وحظر التجول على الإسلام. ومن مقالاته في 2012: الإعلام الرسمي ضد الرئيس، والإسلام وديمقراطية الاحتراب، أخونة الصين وتغريب الثقافة، جحا وولده والأخونة ([90]).

أما الدكتور محمد عباس فقد كتب سنة 2008 كتابه عن الإخوان المسلمين بعنوان: "الإخوان المسلمون: باقة الإيمان وعطر الإسلام"، وهو أحد كتب المختار الإسلامي، وقد صادرت وزارة الداخلية الكتاب([91])، كما كتب "نداء إلى الإخوان المسلمين" يمتدح جهودهم في التربية والحركة والجهاد ([92])

أما الدكتور جابر قميحة فكانت كتاباته ناضحة بانتمائه الفكري للحركة الإسلامية، ومن مؤلفاته "في رحاب دعوة الإخوان المسلمين"، وقد أرخ للحراك الأدبي لها في كتابه " "التاريخ الأدبي للإخوان"، ورثى بعض مرشديها عقب وفاتهم، وكتب عام 2012 مقالاً بعنوان: رسالة لمبارك وهو في شرم الشيخ، ومما جاء فيها: "كم استهنت بالشعب فحكمته بالحديد والنار؟ وكنت أنت الدستور والقانون والآمر والناهي، والعبقرية الفذة التي فاقت حدود العقل في التاريخ الإنساني كله! واستمرأت كرسي الحكم، وملاذ السُلطة، وكان حكمك أطول حكم في تاريخ مصر بعد محمد علي، إذ زاد على مدة حكم سلاطين الثورة جميعًا، وزاد على مدة حكم الملكين فاروق وفؤاد، وكنت تنوي تجديد حكمك في ظل دستور كئيب ظالم، طبخته بيديك.([93])

كتب عمرو خليل([94]) عدة روايات وقصص تتناول أحداث الثورة وتحولات المجتمع المصري التي أفرزتها، منها روايته "المماليك الجدد"، التي صور فيها حال شاب مصري من المهمشين (مجدي أو حشاد)، انتقل من عالم الجريمة والتشرد صبيًا إلى عالم الشهرة والنفوذ من خلال علاقاته بالنخبة الفاسدة في المجتمع زمن مبارك؛ من أهل الفن والمال والسلطة بأجهزتها الأمنية ومعاونيها من البلطجية، حتى تم تكليفه ضمن آخرين اختارهم نظام مبارك ليفضوا ثورة الشباب في ميدان التحرير، فيما عُرف بموقعة الجمل، وهناك تفتحت آفاقه على واقع جديد شكلته العصبة المؤمنة الثائرة، المضحية بأرواحها في سبيل غد أفضل لبلدهم، لكنه لم يستطع أن يتحرر من ثقل الأفكار السابقة وأسرها، فظل حانقًا على بلد صنعت منه كائنًا شائهًا، وحين سمع بعض الثوار يردد: نحن جميعًا فداء مصر؛ "رن اسم مصر في قلبه كأنه يسمعه لأول مرة منغمًا رقيقًا، لكنه لم يستجب لنغمه ورقته، فلفظه قلبه صارخًا: وأين كانت مصر عندما كنت أنام على الأرض، وأسف التراب، وأذوق الهوان من شعب مصر؟ كنت إنسانًا درجة ثالثة، أو حتى عاشرة، بل كثير من شعب مصر لم يرني إنسانًا، لهذا ما كان لي أن تكون مصر في حساباتي وأنا أتجه إلى القمة محققًا هدفي.. هدفي أنا فقط، وليفدِني كل شيء([95])

لم يستطع البلطجي ورجل الأعمال الفاسد أن يخرج من شرنقة الأفكار الآسنة الخاضعة للتشكل، ولم تطاوعه نفسه أن ينتمي إلى الثوار القائمين بالحق والدين، وتنتهي الرواية بتصارع حشاد مع "جمجم" الضابط في الأجهزة السيادية ورجل الأعمال الفاسد، وانتهى عراكهما بالسقوط في نهر النيل.. ليموت الفساد المستظهر بالقوة (جمجم) والفساد القادم من قاع المجتمع، المستأجَر للبلطجة والقهر معًا، مما يشكل أملاً في المستقبل.

تناولت الكاتبة شافية معروف([96]) في روايتها "دنيا بلا جدران" جانبًا من أوضاع المجتمع المصري إبان الثورة، والأحداث التي تلتها من انتخاب أول رئيس مدني، إلى تآمر الدولة العميقة، وسعيها للانقلاب عليه، تكشف فيها عن استغلال النخبة الفاسدة قاع المجتمع المصري لدفعه بالمال والقهر إلى صناعة الثورة المضادة، من خلال شخصية "بخيتة" الفتاة الفقيرة من قرية بصعيد مصر التي أتيح لها الزواج من شاب قاهري تمني النفس بالنقلة معه إلى أعلى، لكنها تجد نفسها من سكان القبور، "وكما بنت قصور الحلم في المسافة ما بين قريتها والقاهرة ، كان عليها أن تدفنه في حوش المقبرة "، ثم قُتل زوجها، ونُهب مبلغ المال الذي ادخره لشراء عرفة فول مدمس يرتزق منها، فطردت من "حوش" المقبرة، لتنتقل إلى سكنى الشوارع والتسول، ويألف ولداها وبنتها حياة التشرد والبؤس والانحراف، وتحمل ابنتها سفاحًا بعد أن كثر بياتها في أقسام الشرطة، وتبيع ثمرتها الحرام عن طريق جمعية كنسية. واعتادت "بخيتة" وأولادها الإقامة على الرصيف لبيع الشاي، وقضاء الليالي في أقسام الشرطة إثر حملاتها ضد الباعة الجائلين والمتسولين، حتى انفتحت أمامها أبواب الرزق مع قيام ثورة يناير، فنقلت "نصبة" الشاي إلى ميدان الحرية، وجندت أولادها وأصدقاءهم لمساعدتها في بيعه لحشود الميدان.

ثم تلقفتها أيدي الثورة المضادة، تستجلب هؤلاء المهمَّشين والمسحوقين والمجرمين، ليكونوا وقودًا لحرب الشرعية السياسية والرئيس المدني، وتبديد أحلام الثوار بمستقبل يُنهض البلاد من قاع الفقر والفساد، فيحتلون ميدان الحرية والتحرير، وتعبر الكاتبة عن ذلك بقولها: "أصبح يجتمع في الميدان الأغنياء ليتآمروا لقتل الفقراء ، بأيدي فقراء مثلهم، إنقاذاً لرقاب الأغنياء الفسدة من أن تقطعها سيوف الحرية، وكأنما قدرُ الفقراءِ دائماً أن يكونوا وقودًا للثورة ، ووقودًا للثورةِ على الثورةِ "!.

ولا تنس الكاتبة أن تشير إلى دور الكنيسة في صنع الثورة المضادة، من خلال المال والمؤسسات الاجتماعية التي تديرها أمثال "جيجي هانم"، والقيادة السياسية المقيمة في الميدان تخطط من وراء ستار.

وسرعان ما تنتقل "بخيتة" من وهدة السلم الاجتماعي لتصبح من البارزات في الميدان مع أولادها، وتصبح ابنتها "دينا" من قيادات الثوار الجدد، ويتقاسم ابناها مع أختهم الظهور الإعلامي، والثروة الهابطة ممن ينفقون أموالهم بسخاء، أملاً في استعادتها بسخاء أكبر، وينتهي بها الأمر إلى أن يتقدم الناشط السياسي "أحمد فودة" - القيادة البارزة في حركة "تمرد" التي صُنعت للإطاحة بالحلم الثوري والرئيس المنتخب- لخطبة ابنتها "دنيا عز الرجال([97])، وهو شاب يبدو عليه الثراء المفاجئ، فلما تسأله عن عمله يقول: "ناشط سياسي ، وكل الدنيا عارفاني وبطلع في التلفزيون كل يوم ، وربنا رازقني، وعندي عربية وشقة وحساب في البنك، ومستورة والحمد لله" .ويحظى حفل زفافه بعناية أجهزة الإعلام، فيسابق إليه مراسلو الفضائيات والصحف، والساسة المعارضون من رموز "جبهة المنقذين"، وجمع من رفاق الثائرين العروسين، ويرقص أحدهم رقصة محمومة وهو يطلق الرصاص ابتهاجًا، فتصيب إحدى الرصاصات شقيق العروس، عوض عز الرجال، حيث "سقط تحت أقدام العروسين مضرجاً في دمائه . تقطع القنوات الفضائية إرسالها ، معلنة في خبرٍ عاجل عن تعرض حفل زفاف الناشط السياسي المعارض أحمد فودة ، لهجوم مسلح يقوده أحد مؤيدي الرئيس ، مما أسفر عن استشهاد الناشط السياسي الثائر عوض عز العرب ....!!يتحول الحفل إلى مأتم , يتبادل فيه النشطاء السياسيين إلقاء الكلمات النارية , بينما تعقد جبهة المنقذين مؤتمراً صحفيًا , تؤكد فيه عزمها وتصميمها على القصاص للشهيد عوض من الرئيس ومن يؤيده .ينتقل الثوار والنشطاء السياسيين بجثة عوض عز العرب إلى ميدان التحرير، وفى الميدان قام الشيخ "ميمي" بتغسيله وتكفينه، ثم صلى عليه الثوار ركعتين ركوعًا وسجودًا ثم طافوا بجثته أرجاء الميدان للمرة العاشرة , هاتفين بسقوط الرئيس وأي رئيس"! ([98])

وتحاول الرواية -بالرغم من المباشرة والإسقاط السياسي الواضح- أن تقدم صورة لذلك الدجل السياسي الذي ابتليت به مصر في ذلك الوقت، حيث تتم صناعة الأحداث وتوجيهها لتحقيق سيناريو معد سلفًا.

لا شك في شيوع القصص القصيرة في تلك الفترة التي أججت مشاعر الثوار، غير أن التقصير الواقع في لملمة ذلك النتاج الأدبي والحفاظ عليه جعل البحث عنه، وجمعه، والحفاظ عليه؛ واجبًا.

وقد كتبت الأستاذة شافية معروف على هامش روايتها السابق ذكرها "دنيا بلا جدران" ترنيمة على الهامش في أكتوبر 2012، تنعى فيها ضياع الحلم الثوري الديمقراطي، بعودة الدولة العميقة، التي رمزت لها باسم "ريمة"، التي يقول الإرث الشعبي أنها عادت لموضتها القديمة، تقول فيها: "أزالت ريمة كل مساحيق التجميل، وألقت قناعها البراق جانبًا، حيث خمَّنت أن دوره قد انتهى ...توقفت عن الهتاف للحرية، وتبدَّى سافرًا وجهها القبيح، كانت قد استطاعت أن تخفيه شهوراً عصيبة؛ ظنًّا منها وخوفًا أن سيوف الحرية لن تُبقي، ولن تذر، فإذا هي تكتشف أنها هادئة .. وديعة .. لا تذبح ..!وأنها تسمح بالمعارضة إلى حد القتل، وتطبق القوانين إلى حد الضياع ..

الدار أمان يا ريمة إذن .. فاخرجي ..

خرجت ريمة ونظمت صفوفها على مسرح الأحداث , وعلى منابر الفضائيات وحتى في ميادين العز .. أقامت فيها ريمة استعراضاتها الراقصة , وظلت تخلع ملابسها قطعة قطعة حتى بدت عارية تماماً ..!!

كان الشرفاء يرونها كذلك، بينما المتحولون والمتقمصون والمتمولون يرونها في قمة الاحتشام والانسجام مع جوقة العازفين، المتبارين على إجادة لحنهم الأساسي: "إحنا آسفين يا ريمة .

وجدت ريمة -دون عناء بحث- من يتمول في مواسم الفوضى .. ووجدت أيضاً من يدفع ليصنع الفوضى ..الدار أمان يا ريمة فاجمعيهم، ووحدي مخارج قاذوراتهم، وحددي من يتولى إيقاع الفتنة، ومن يتولى مزمار الحاوي، حتى يتكامل اللحن الإبليسي ..!!

الكثيرون قالوا :احترسوا فإن السيارة ترجع إلى الخلف .... وها هي ريمة تضع العراقيل أمامها كي لا تتقدم للأمام شبرًا ... وتدفعها بكل قوة كي تسقط في الهاوية ..!!"([99])

وكتب القاص عصام عبد الحميد ([100]) قصة بعنوان "إيهاب الجن"، تلوم ضعف أصحاب الحق في الدفاع عنه، ففي جزء من القصة يقول " كنا في حلقات تحفيظ القرآن مع الأشبال حين دخل مخبر من أمن الدولة، ووقف وسط المسجد، وقد علا صوته؛ طالبًا الهويات الشخصية؛ منذرًا متوعدًا باعتقالنا جميعًا لمجرد أننا نحفِّظ الأطفال الصغار القرآن... وقد ركبَنا جميعا الخوف، فران علينا صمت مطبق، فعاد المخبر للصياح مهددًا بالاتصال بمدرية الأمن للقبض علينا الآن، وأخرج هاتفه، وبدأ في إجراء اتصال.. وفجأة دوت صفعة هائلة على وجه مخبر أمن الدولة فأوقعته على الأرض.. فالتفت فإذا بإيهاب الجن بطوله وعرضه الذي انحنى إليه، فرفعه بيد واحدة، واستمر في صفعه صارخًا فيه: ملعون أبوك، وأبو اللي أرسلك، ثم جذبه من قفاه، وقذفه خارج المسجد صارخا فيه: لو رأيتك هنا سأعلقك من قدميك في وسط الشارع، ثم التفت إلينا -والشرر يتطاير من عينيه- قائلاً: يا جبناء.. يا جبناء! ما تفعلونه صحيح أم خطأ؟ فلم يجب أحد من هول المفاجأة، فقال كأننا أجبنا بنعم: كونوا رجالاً، لا تخافوا من حشرة مثل هذا.. خيم الصمت علينا فلم يقطعه سوى صوت المؤذن لصلاة المغرب." ([101])

أما القاص محمد السيد عبد الباسط ([102]) فصدر له "كل مغرب جمعة"، وهي مجموعة تناولت الأوضاع السياسية، والاجتماعية، صدرت بعد شهور من الثورة، وإن كان قد نُشرت بعض قصصها بشكل منفصل قبل الثورة، ومن قصصها القصيرة، على سبيل المثال: قصة "من جديد"، تقول: "أخذت ألواني، وبدأت أرسم لوحة زيتية، رسمت باللون الأسود منابر مكسورة، سنابل قزمة، لسانًا متدليًا ، جوادًا أحمق بعينين زائغتين، دينارًا يملأ عرض الصورة، ونهيرات جافة عطشى، ثم رسمت بكل الألوان الأخرى نُقَيْطة مقهورة، وفجأة سمعت أصواتًا تهتف بالروح بالدم نفديك يا ... ، فأسرعت ورسمت موسى وهو يولد من جديد" ([103])

جاء انقلاب الثالث من يوليو عام 2013 حدثًا مفصليًا في التاريخ السياسي لمنطقتنا، وقد تفاعل معه أدباء الحركة الإسلامية بكتابات رافضة إياه، كاشفة أسبابه الحقيقية وسط ركام إعلامي متزايد، وحملات تضليل تبرره وتسوّقه.

وسلطت هذه الإبداعات الأدبية المتنوعة الضوء على حالة الحريات في مصر، وفضّ اعتصامي رابعة والنهضة، والمحاكمات الجماعية، والقمع السياسي، ومعاناة المعتقلين والمطاردين، واستلهمت صمودهم في وجه القهر والاستبداد.

جاء بعض ذلك النتاج الشعري الرافض الانقلاب في صورة غنائية سهلة، تواكب أجواء المظاهرات والاحتشادات الجماهيرية، وتلبي حاجتها إلى الإنشاد السهل الحامل رسائله السياسية، أو الغناء الثوري الداوي في ميادين الثورة، وقد حاول الشاعر مصطفى الصاوي أن يجيب على تساؤلات الشارع حول ما حدث في 30/6/2013 هل كان ثورة أم انقلابًا، في قصيدة " ثورة دي ولا انقلاب؟" التي تغنت بها جموع المتظاهرين في رابعة، قال:

"لما تلغى الانتخاب

لما تقتــل الـشـــباب

لما تفتح السجون

لـما يرجـع الـعـذاب

لما تقتل السجود

لـما تنزع الـحجـاب

ثورة دي ولا انقلاب؟!" ([104])

وكتب الشاعر خالد الطبلاوي، قصيدته المغنَّاة المشهورة" هنا القاهرة " يبثها أحزانه على مدينته الحبيبة "القاهرة" بعد أن لفَّها ظلام الانقلاب، وشق خاصرتها الغدر في ثورة "الغباء":

"إذا ما نـظـرتَ من الطـائرةْ

سـتــعـرفُ أنّ هُــنا القـاهرةْ

وأن الذي شقـها ليس نيــــلاً

ولـكـنهـــا طــعــنـةٌ غـــادرةْ

هنا ثورةٌ قد محـاها الغـــباء

ودنيـا تُمــزّقُ فـي الآخــــرةْ

هـنـا مـصــرُ تفقـــدُ أبناءَها

وفي عينــها نظـــــرةٌ حائـرة ([105])

شموخ الرئيس:

كما كتب الشاعر د. أحمد والي أغلب قصائد ديوانه الثاني في مواجهة الانقلاب وآثاره وبعضها كُتب في السجن يحكي معاناته وإخوانه في السجون والمعتقلات ؛ فكان من أشهر قصائده قصيدة "ما أعظمك" التي يخاطب فيها الرئيس مرسي رحمه الله يوم ظهر شامخا بين الأقزام في أول مشاهد محاكمته الهزلية:

يا سيدي ما أعظمكْ

تاهت على شَفَةِ الزمان حروفنا ...

والشعر مهما قلتُ – عذرا سيدي – ما أنصفكْ

اليل خضَّب بالظلام ديارَنا

ويظل نورك رغم غدر ذئابهم ....

قمرا تلألأ في السما ... ما أروعك

كن كالجبال كما عهدتك سيدي ....

وأعد لقاموس العروبة مفردات إبائها ....

إن البطولة في اجتماع صفاتها سُجنت معك

لا تبتئس .... مهما تمادى غدرهم يا سيدي ....

سنظل في الميدان ننسج فجرنا ....

ونظل في الإشراق نرْقب مطلعك

يا سيدي ...

علمتنا أن الرجولة تنتهي دوما إليك

والعز والشرف الرفيع وجاه أمة أحمدٍ يتتلمذون على يديك

طبع العبيد إذا عفوت "تمرد ٌ" .....

والحال لا يخفى عليك

شبوا على عشق السياط ...

وأدمنوا لعق النعال فخلـِّهم ...

وانفض على عجلٍ يديك

لن يرحم التاريخ من باعوا ... ومن خانوا ... ومن سفكوا الدماء

من كبَّلوا صوت الشعوب ... وحاربوا هدي السماء

من هللوا للغادرين ... وأعدموا صوت الوفاء

لن يرحم التاريخ إعلام الحقارة والقذارة والغثاء

سيُسطِّر التاريخ ما فعلوا ...

ليلعنهم أباة الضّيم في الدنيا ... وفي الأخرى سينتصر القضاء

وسيذكر التاريخ يا أبتِي بأنك ما انحنيتْ

وتكاثرت في صفحة الصدر الوفي حرابهم ...

فكتمت جرحك ما اشتكيتْ

وسيذكر التاريخ أن دماءنا سالت مع الدمع الثخين على حصارك...

وعزمت أنت على الصمود ...

فسرت ترجع للحياة شموخها ...

وأراك وحدك قد مضيتْ

والغادرون تسربلوا من لعنة التاريخ أثوابا لتستر عهرهم ...

ومن النجوم قد اكتسيت ([106])

خطبة شيطان الانقلاب:

أما الشاعرة شافية معروف فتتحدث على لسان قائد الانقلاب - وقد قلب ظهر المجنّ لشعبه الذي صدق بعضه زيفه- ويكشف خبيئات نفسه، وما أعده له، وتلجأ إلى "التناص"([107]) مع آيات القرآن الكريم في وصف الشيطان حين يغوي البشر، وما ينتظره([108])، فيقول:

اسمعوني ...

أنا طبيبٌ الفلاسفة

وفيلسوف الأطباء الحصاف

وأنا ..

بعد تفكيرٍ عميق

قررت ألا أبيع نفسى

كما وعدتكم

لأنى سأبيعكم وما تملكون

وأعقد عليكم صفقة القرون

وقلتم وأنتم تصفقون :

افعل ما تشاء .. لن نسألك ..

فنحن ملكك

وقد صرنا ..

من حريتنا وكرامتنا نعاف!

....

قلت:

اقتلوا انفسكم لأجلى

فذبحتم بعضكم بعضاً

ذبح الأضاحي والخراف

أنا لست كاذباً ...

ولست خائناً ...

ولست وضيعاً ...

فلم أخف عنكم نيتي

ولم أنكر أمامكم هويتي

وما أنا بمصرخكم

وما أنتم بمصرخي

لكن رؤوسكم ..

فقط راقت لي

حين دانت ومالت للقطاف

ومن أجل حصادها

حالفت الحفاة والعراة والأجلاف

وجاءتكم على عجل تلظى

نارُ وسنوات عجاف

فلا تلوموني ... ولوموا أنفسكم

فليس بيني وبينكم أدنى اختلاف([109])

مجازر الانقلاب:

أما الشاعر محمد فؤاد ([110])، فقد أصدر ديوانين بعد الانقلاب: ديوان (وردة أخيرة للجرح) سنة ٢٠١٦([111])، وديوان (هوامش على متن القصيدة) عام ٢٠٢٢([112])، ومن قصائده عن مذبحة رابعة والنهضة، قصيدة "يمامات شعرية"، يقول فيها:

شعري يمامات الجمال الرائعة

حـطـت على غصن الجلال برابعة

شـعري شـهيد مات ملء دمائه

مـــــــــتهللا يـحـــكي مـآثر رائـعة

شــعري فـتاة حين طلّ نجيعها

فتفتـــــــــحت وردا بحقل الجــامعة

بقـع الدمـاء تهللت فوق الـثرى

طفل هنا يبكي وثكــــــلى دامـعة ([113])

وتبكي الشاعرة شافية معروف شهداء مجازر العسكر، ملقية باللوم على من شارك العسكر في جرائمهم ممن فوضوا في القتل، وأعانوا عليه، فتقول:

يا ويحك ...

يا من فوضت الثعلبَ كي يسرق غنمك

وهتفت طويلاً للسفهاء

يا ويحك ...

يا من غنيت لكفٍ تقطر من جرحك

ورقصت لها صبحًا ومساء

يا ويحك...

يا من أيدت الخائن كي يقتل جارك

ويعيد مبارك لقصور الأمراء

يا ويحك ...

يا من أوشيت لهم بسماتِ الأوجه

وعناوين الدور ...

وحروف الأسماء

يا ويحك ..

يا من شجعت المجرمَ كي يخطف أتقانا..

يحرق أذكانا..

يدهسنا في رابعةٍ أحياء

يا ويحك ...

يا من فوضته كي يجرف آلاف النبلاء

كي يكتسح الجرحى والحرقى

والخيمة والمنبر وجميع الأشياء

وتوقظ هؤلاء بعتاب قارص، وتهزهم بعنف كي يفيقوا من غفلاتهم، ويدركوا سوء صنيعهم، ومبلغ جريمتهم:

يا ويحك ..

يا ويح الخِبّ ...

ألا تقطن مثلى نفس الأرض ؟

ألا تعبد مثلى نفس الرب ؟

فماذا تفعل يوم العرض ؟

أتقول فوضتُ الخائن كي يقتل من أهلي ما شاء ?

.................

وما أبأس من ذاق نعيم العز فمَجُه

وشم هواء الفجر فمقته

وكره الحق فأسكن زيف الباطلِ جمجمته

ويا لغباء ...

أولم يأتك أحدٌ بالأنباء ؟

أولم تدرى بعد .. من كان أساس العلة وبيت الداء ؟

والطرف الثالث لمَ عجزت فيه الأدواء ؟

....

فيا من فوضت الخائن

ورقصت على دم الشرفاء

أخبرني : ما طعم الخبز المغموس دماء ؟

وبكم بيع السُجَد والركع كشواء ؟

وأي الأحرار كانت رائحته أشهى في الأجواء ؟

محرقة العيدِ ..؟

مجزرة الفجرِ ..؟

مذبحة النُصبِ ..؟

أم كانت رابعة الحمراء ؟

....

يا ويحك ..!

كيف سرِى سم الذلِ في جسد الحر الغِر كما الأدواء ؟

وكيف استمرأ رق العقل بعض النخبة والعقلاء

وارتشفوا الخوف وتضلّعَوا حتى التخمةِ ذل الغرباء

باعوا ... فبئس البيع

وبئس شراء

يا بئس الخلف لسلف كان من العظماء

يا ويحي ... يا بعضي ..

يا بعض الشعب

لك من قلبي كل مودة

لكنك أبداَ لن تنتظرَ طويلاً

فأعد العدة

كي تصبح يوماَ أحلى شواء ...!

كي تلقى في تل قمامتهم

كالجيَف النتنة والشوهاء([114])

ويعجب الشاعر محمد جودة من زعماء الانقلاب الذين تلطخت أيدهم بدماء الشعب، ثم يقدمون أنفسهم على أنهم منقذوه، ويطلبون تأييده، فيقول:

يا طبطبات الدم فوق ضهر الوطن

ممكن تسامحيهم

وتصبى فوق أياديهم المليانه دم وتغسليهم

سامحي بقى

عاوزين بلدنا تنعدل

شفتوا بقى التهريج

إزاى هتعدل مصر بالمعاويج؟

من إمتى كف الظلم بتأسس لدولة عدل؟

وإزاى تقيم العدل من غير حساب؟

كداب يا دايس فوق رقاب الناس

وبتزرع اﻹرهاب

للعدل باب واحد

ملوش الف باب

وأنا مش هفرط فى دما اﻷحباب

بكره هيجى اليوم، وتتحاسبوا

وهتدفعوا ثمن الخيانة دم([115])

وكتب الشاعر الدكتور حمدي والي([116]) راثيًا شهداء الإعدامات بالمنصورة قصيدته "مواكب الأفـــراح" فقال : "في ليلة التنفيذ كان الإفراج عن أرواح الشهداء الثلاثة أحمد ماهر والمعتز بالله غانم وعبد الحميد عبد الفتاح من ضيق الأشباح الى رحابة الأرواح فكتبت على ألسنتهم :

يا أيها الباكي على إعدامنا أفلا ذكرت مواكب الأفراح

أفلا ذكرتم ما أعـــــــــــــــــــــــد إلهنا لعباده من جـــــــــــــنة وفلاح

أفلا شكرت الله في عليائه أن توج البرءاء صك سماح

أعمارنا بيد الإله فمن له أن يسلب الجبار ريش جناح ؟

.....................

إني إلى لقيا الإله مشمر أرجــو لديه سعــــــــــــــــــــادتي وفلاحي

إن كان أقصى ما يدور بخلدهم أن يمنحوا روحي فكاك سراحي

أو يطلقوها من قساوة حبسها في ضيق جلدي بين عمق جراحي

لتهيم في جنات خلد تبتـــغي فضل الإله الواحـــــــــــــــــــد الفتاح

فليفعلوا بالطين ما شاؤوا إذا غادرت طينـــــــــــــــــــــــــــــــهم فما أتراحي

إني إلى ربي أذوب صبابةً وإلى الطيور الخضر حان رواحي

فلتسرعوا في فك قيـدي إنني طلقت دنياكم ونلت سراحي

إني إلى الصحب الكرام مشــمر أرجو لديهم بهجة الأفراح

إني إلى لقيا الإله مبادر وأهـــيم شوقا للحبيب الماحي ([117])

وشارك الشعراء في رثاء الشهيدات، والاحتفاء بأدوار النساء في الثورة والتضحية، فقال الشاعر إسلام هجرس ([118]) عقب استشهاد هالة أبو شعيشع ([119]) أثناء مشاركتها في مسيرات الاحتجاج على الانقلاب:

"مسروقه روحك ..

من وطن مسروق

يا هالة الشمس ..

اللي مالها شروق

...

يا دفترك ..

والوردة بين أوراقه

خطك وعطرك ..

فوق سطوره اتلاقوا

بُكراكي بيسلم ..

على الحلم الشهيد

وبيبني جنة خلد ..

فوق أشلاؤه ([120])

وكتب الشاعر أشرف محمد قصيدته" حرائر الإسكندرية" يعني بهن مجموعة من الأخوات كنَّ يحملن بالونات رسمن عليها شعار "رابعة"، وقد ألقي القبض عليهم، وقدمن للمحاكمة، فحكمت عليهن بالسجن إحدى عشرة سنة وعدة أشهر، وأحكام أخرى، وقد لفقت لهم الاتهامات بالبلطجة وإتلاف ممتلكات وحيازة أدوات للاعتداء على المواطنين، قال:

"أميراتٌ بأعمـارِ الـزُّهــــورِ

حُبِسْنَ بِحُكمِ جَوْرٍ أو فُجُورِ

ضُبِطْنَ مع الأدِلَّةِ واضِحاتٍ

على الجُرْمِ المُؤَكَّدِ والخطيرِ

بـلالـيــنٍ مـلــــوَّنةٍ عـلـيـهـا

رسـومـاتٌ وبالخَـطِّ الـكـبيرِ

رَسَمـْـنَ بها لرابعةٍ شِـــعارا

وقُلْنَ لها إذا ما شِئتِ طِيري

وقاضي الانقلابِ قَضَى لهُنَّ

بإحدى عشـرةٍ غـيرِ الشُّهورِ

أَتَتْـهُ أوامــرٌ عُـلـيـا فَـنَـحَّـى

موازينَ العَدالةِ والضَّميرِ"([121])

وضج الأحرار في مصر غضبًا من هذه الأحكام الجائرة التي يصدرها قضاة الجور القابعون على مقاعد القضاء العسكري والاستثنائي، فسجل الشاعر محمد جودة بقلمه غضبه على هؤلاء فقال:

قاضي قضى وانقضى

....

محتاج لحد يفككه ويركبه إنسان

...

قاضي جبان

يحكم على هبّة بنات رفعوا شعار رابعة

بخمس سنين سجن!

يلعن أبو الجبن

يلعن أبو الفيديوهات اللي ممسوكة على الحضرات!

يلعن أبو الدولارات

يا ابو قلب مات من زمان!

ايه اللي باقي في الميزان.. غير قبضة السجان؟

مين اللي كسرك يا ميزان العدل؟

مين اللي خلاك ندل

يقبل يهين الورد ويحطه ورا القضبان؟

آسف لكم كلكم..

هيبات وطنكم في أحضان البنات في السجن

والعار يبات عندكم ([122])

وكتب الشاعر أشرف محمد يكشف التسريبات التي خرجت من مكتب السيسي في 4/12/2014 وتفضح تلاعبه بالعدالة، وادعاءاته عن محاربة الإرهاب؛ ولا إرهاب إلا ما صنعه الانقلاب، وروَّج له ليبرر بقاءه، فقال:

"هو صانع الإرهاب مختلِقًا لكي

يبقى المبرِّرَ كي يصولَ ويمرحا

في عـهـد ذلك الانقــلاب أتى لنا

الإرهاب ينشد مسكنًا أو مســرحا

لم نلق إرهاباً بمصر سوى الـذي

قد جاء يصحب الانقلاب مصافحا([123])0

واستمر في متابعة الأحداث بقلمه الشعري، ففي عام 2015م كتب: " قالوا: إلى السجن أنت اليوم مرتحل"، "منا الوسام لمرسي؛ لا الإعدام"، وفي 2016م كتب:" يا من تخاصم دعوة الإخوان"، وفي 2017م كتب: "إلى كرام حكموا عليهم ظلمًا بالإعدام"، وفي 2018م كتب:" إلى الدكتور عصام العريان ومن معه"، وفي 2019م كتب: "إلى مرسي الرئيس فقل: هنيئًا"، "فيا مرسي جزاك الله خيرًا"، وفي 2020م كتب:" ستسقط صفقة القرن"، وفي 2023م كتب:" بربك أرض غزة خبرينا"، وفي 2024م كتب:" يا فرحة الفتح"، وفي 2025م كتب:" أنا عائد".

أما الشاعر محمد جودة فكتب يرد على المغني حسين الجاسمي في أغنية "بُشرة خير" التي ترحب بالانقلاب، وتذيع دعاواه، وتجعله بشرى للمصريين، وأهدى القصيدة إليه، ونعى فيها الديمقراطية التي لم يهنأ بها أهل مصر إذ عاجلهم الانقلاب، جاء فيها:

انتخبت وصوتي راح

والجراح هي الجراح

شعب ورياسة وشورى

كلهم جوا السجون

والكلاب هي اللي مطلوقة السراح

الحرامي أبو بندقية

إللى بيصوبها فيّا

واللى سارقك يا بهية

نفسه يلقط صورة لينا

عند صناديق الاقتراع

نفسه يحكم مصر شرعي

لجل يأمر؛ فيطاع ([124])

وكانت قصيدة الشاعر أحمد والي " ورؤيا الشعراء حق " صورة ناطقة عن السجن وعذاباته وقد بدأها " أحمد والي " معارضا المتنبي فقال :

مللٌ على مللٍ ومثليَ يسـأمُ ماذا بربكَ في السجون يُنعِّمُ

زنزانةٌ يكسو التجهُّم وجهَها جــــدرانها صمٌ وبابٌ أبكمُ

وروايةٌ كتب الشقاءُ فصولَها ومدادُها في كلِّ زاويةٍ دمُ

سكَّانها من قبل يوسف عاقروا غصصًا تُؤجَّج في الفؤاد وتُضرمُ

أحلامُهم مثل الفراش بسيطةٌ شمس تحنُّ لهم وروْحٌ يُنسَمُ

وضَّاءةٌ تلك النفوس شفيفةٌ أتراهُ يقهرها الظلام المعتمُ

يهفو الفراش إلى الضياء وإن يكن فــيه الهلاك فإنه لا يحجِمُ

وكذا نفوسـهمُ تعانق نورها فتموت شامخةً ولا تستسلم ([125])

وينادي الشاعر محمد فؤاد الشعب المصري للثورة على الظلم والقهر، قائلا:

"ثرْ أيّها العملاق ثر..

ثرْ واقتلع جذر الطغاة الجائرين..

ومزِّقْ الأوهام

ثرْ..

خذْ دمعتي الحرّى..

وريشةَ شاعرٍ

وارسم بها

وبحزنها

شمسا ًيناغيها قمرْ

خذ ذلك القلب الحزينَ

ونقهِ من حزنه

واغسله بالمسك المقطر من دم الشهداء

والماء المعطر من تسابيح المطر ([126])

وتتلاقى الشاعرة شافية معروف مع نداءات الغضب وتثوير الأمة، والاستمداد من ذكريات الشهداء ورفات الضحايا، فالثورة هي السبيل للنجاة من خيبات الأمل واليأس المقيم، فتقول في قصيدتها: "مستني إيه؟":

كل الحاجات

معقول بسرعة زمانها فات ؟

يتمرجح الحلم الجميل

ما بين تلال الذكريات

تكتشف إن انت أصلاً كنت ضيف

وان الضيافة برضه طالت .!

خليك خفيف

كل اللى قدمته ف حياتك

كان حلم مبنى في الهوا

مسنود على جدار الفراغ

................

مستني إيه ..!

اكتم ف صدرك كل دخان الغضب

وخد شهيق من غير ما تستنى الزفير

خلى الألم يطلع زئير

خد شمة من ريحة اللي مات

وعضمة من جبل الرفات

وادفن دموعك والآهات

اصرخ بعلو الصوت :

(الناس هنا معجونة ..

الناس هنا بتموت ..

الناس هنا مش لاقية أكفان تكفى الموت)

وما زال الأمل يراودها بحراك ثوري يشفي وجع الشعب، فتنادي في قصيدتها العامية "بانده":

بانده ع الأسد الرابض في أنحاء البرية

اليائس من زمنه ومن الأزمان الجاية

الكاظم غيظه ...

الكاتم جرحه

الحابس أنفاسه بيستنى ....

لاجل يزلزل عرش الهمجية

بانده لاجل ما يدفن خوفه

تحت تراب الأرض الغرقانة

من دم البشرية

الشرقانة لشجر الحب ونسيم الحرية([127])

وفي قصيدته " الركض إلى حدائق الأحبة" يخبر الشاعر محمد فؤاد عن غربته الاضطرارية، وصعوبة عودته إلى وطنه بسبب ظرف الانقلاب العسكري، وهي قصة مكرورة عند كل من هاجر مضطرًا بسبب الموقف السياسي، يقول:

"طريقي محاصرة

والمسافة بيني وبين الأحبة

أشلاء ورد قتيل

فكيف الوصول إلى من أحب؟

كيف الوصول؟

إذ كيف لي أيها الصمت أن أعبر المستحيل

وأن أعبر الشارة المستحيلة للحظة الماتعة"([128])

ولكن الأمل يظل موجودا، لم يغب، فيقول:

"والسحب تسحب أذيالها

والنهارات عادت تتوجني

بالضياء الجميل

وهذا دمي الآن يبزغ فجرًا

يوصلني للأحبة

بعد الغياب الطويل

فهيا اركضي واركضي يا خيول"([129])

كان ثراء أحداث الثورة وتحولاتها الدرامية فرصة مواتية للإبداع عند الإسلاميين ومخالفيهم، حيث شكَّل عند معارضي الإخوان وخصومهم أداة لإدانة الثورة، والدور الإسلامي فيها، ولعل من أبرز تلك الروايات التي عُبئت بالروح المعادي للإسلاميين وأدوارهم رواية "جمهورية كأن" لعلاء الأسواني التي صدرت سنة 2018، وجاءت مليئة بالمواقف والإيحاءات الجنسية، وكشف صور النفاق الاجتماعي، مع الدعاية الفجة ضد الإخوان المسلمين وتجربتهم في الحكم، وفي خلال ذلك تم إظهار المتدينين قتلةً ومنافقين، ووحوشًا تجري خلف مصالحها في أنانية مطلقة، فتم التعريض باللحية والحجاب والنقاب وأداء الصلوات وغيرها من مظاهر التدين. في الجانب الآخر تم تقديم من تخلصوا من كل مظاهر التدين أكثر صدقاً ووفاء وإنسانية ولم ينج من هذا التصنيف المسلمون أو المسيحيون([130]). وجاء مجتمع الرواية مظهرًا الأوضاع في البلاد كأن بها عدالة، وكأن بها تعليمًا، وكأن بها ديمقراطية، فجاءت رواية الأسواني معبرة عن آراء سجلها في مقال له قبل صدور الرواية بسنوات أربع، بعنوان "تسقط جمهورية كأن" ([131]).

وقبل رواية الأسواني بسنوات أربع أيضًا أصدر د. عمار علي حسن روايته "سقوط الصمت"، فجاءت في أثناء اشتعال المجتمع المصري بمواجهة الانقلاب، وضعف اليقين الذي يلف مستقبل البلاد، ودعايات تهاجم الثورة والثوار، وتحمِّلهم نتائج الحال المريرة. دافع الكاتب عن الثورة، ومن خلال البطولة الجماعية لشخوص الرواية، وتباينهم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وتقلبهم بين الغنى والفقر، والثقافة والجهل. يقدم الكاتب رؤيته بأن الثورة كانت من صنع الشعب على اختلاف بناه الاجتماعية، ولم تكن مؤامرة ولا نتاج خطة أجنبية ومصالح خارجية. ([132])

أما الإسلاميون فقد أدلوا بدلائهم في مجال الرواية، فنشر الأديب د. أحمد السعيد مراد روايته "سرداب قارون " وتحكي عن رجل عاد به الزمن من 2015 إلى 2011 فراح ينصح، ويحذر من أسباب انتصار الثورة المضادة ونجاح الانقلاب؛ فيقول في أحد صفحاتها:

"وقع بصره على مصطفى ساكنا في سيارته، ممسكًا بمصحفه الصغير، منهمكًا في التلاوة، واختطف بصره نظرة سريعة الى المنزل المكون من طابقين، والقائم أمامه مباشرة، وعاد ليكمل تعبده، نظر ماجد نحو هذا المنزل، فإذا به منزل السيدة التي جاء إليها برفقته ليمنحها لحم الأضحية في المستقبل، طلب من السائق أن يقف جانبا، وترجل منها، وسار ببطء نحو مصطفى، الذي لم يلحظه إلا بعد إلقاء السلام عليه، نظر نحوه ببسمته الوضاءة رادًا السلام، وعينيه تحملان تساؤلاً عما يريده، فقال ماجد ببطء: ما رأيك لو قلت لك بأن هذه السيدة ستقذف جثتك بحذائها لاعنة إياك في المستقبل؟

بهت مصطفى بالسؤال غير المتوقع والغريب، ورغم تساؤلاته الكثيرة والمستنكرة إلا أنه فضل التركيز على إجابة الرجل أولاً، فحتمًا لها أهمية أتت به، فقال بهدوء:

- وما دافعها الى ذلك ؟

- سيُرضي ذلك المانح الجديد بعدك.

اتسعت ابتسامة مصطفى قائلا:

- اذا هي الحاجة وليس شعورها الحقيقي.

هتف ماجد بسخط:

- هذا الشعب لا يستحق منك أي تضحية.

- لم نر من الشعب سوى كل خير، وذلك عندما نال حريته الحقيقية، أما حين وقوعه تحت أي سطوة كانت إعلامية أو تجبرية، لا تؤاخذه عندها.

- لم يودي (!) بك سوى مثاليتك السخيفة هذه.

اتسعت عينا مصطفى، وقال:

- هل من الممكن معرفة من أنت ؟

- تنهد ماجد وقال:

- أنا قادم لك من المستقبل لأبلغك رسالة واحدة، أتمنى أن تأخذها بجدية، رجاء لا تذهب الى القاهرة يوم الرابع عشر من أغسطس القادم[133].

هم مصطفى أن ينطق، ولكن تركه ماجد، واندفع منصرفًا عنه)[134](

في مجال القصة القصيرة: كتب الدكتور جابر قميحة قصته القصيرة "أرض النفاق" يصور فيها انقياد الأجهزة الحاكمة في مصر لتوجيهات القيادة المستبدة، حتى لو غيرت مساراتها السابقة جذريًا، واستبدلتها بسياسات مناقضة لها.

لقد أوى الكاتب إلى فراشه مهتمًا باعتقال جماعة من الإسلاميين من إخوانه وأصدقائه، رفيعي المقام والقدر، فنام ليلته مغتمًا، فرأى في منامه أن الرئيس أصدر قرارًا إلى رئيس الديوان بتغيير سياسة الدولة كاملة تجاه الإخوان المسلمين، إذ تبين له أنهم وطنيون مخلصون مسالمون، فأصدر رئيس ديوانه توجيهاته إلى كافة الأجهزة والمؤسسات والهيئات بمراعاة التوجه الجديد للدولة، فانقلب الحال رأسًا على عقب، وهرع المسؤولون إلى تغيير جلودهم، وأقلامهم، وأفكارهم، من النقيض إلى نقيضه، ليوائم توجه الحاكم الفرد الملهم!!([135])

وتحكي قصة "اعتقال ميت" للأديب علي علي عوض ([136]) عن جهود الشرطة لاعتقال أحد من تسميهم "إرهابيين"، وتحيط ببيته ومسجده، وتقتحم البيت والسيارة، وتعتقل الزوجة والأولاد، أما المتهم نفسه فيكتشفون -بعد كل هذا العنت - أنه مات منذ سنة ([137])

وكتبت الكاتبة شافية معروف قصتها "استراحة قصيرة"([138]) عن امرأة تلاقي زوجها الهارب من طغيان الحكم الجائر لحظات، ثم يمضيان كغريبين كل في طريق، فتحيط حبيبها بوداعة الجو الماثل رغم كآبة النفس، فتقول: "احسست أن قدميه لا تلمسان الأرض ، مر من نفس الفرجة التي يمر منها شعاع الشمس بين الشجر ، تقابل مع زوج من الحمام أقلقه مروره فطار لكنه لم يصطدم به ، حط بجواري في هدوء وابتسم لي ..

أسعدني أنني لم أعد أرى الدم ولا أثر الجرح الذى في جبهته... وظللت أحكى له كل ما حدث منذ فارقني ، سألني عن بيتنا .. وعن أبيه وأمه وعن أخيه وأخته .. وعن صديقه ورفيق دربه، لم اجبه سوى بدمعات هطلت على خدىّ... كيف اقول لحبيبي إن نصف من سأل عنهم لحق به ، ونصفهم الآخر لحق بيونس في بطن الحوت ، وأن بيتنا صار أطلالاً ؟"

وكتبت الأستاذة شافية معروف قصتها القصيرة "غرباء في وطن مسروق"، تعبر فيها عن محنة الاغتراب المفروض على كثير من الأحرار الذين اضطروا إلى الفرار من الطغيان الضارب أطنابه في الوطن بعد الانقلاب، وذلك الصراع النفسي الذي يعانيه ذلك المهاجر المحب لوطنه، الراغب في أداء الواجب نحو تحريره من الاستبداد، وتعبر عن ذلك من خلال مهاجر توزع بين نفسه وروحه وذاته، حيث اضطر إلى ترك روحه في الوكن، بعدما أبت أن تفارقه، وصاحب نفسه التواقة إلى العودة، حتى اضطر إلى ارتكاب الخطر، والعودة إلى بلده، فتقول: " انتظرنا كثيراً .. كثيراً .. لعل شعاعاً ضئيلاً يتسرب إلينا من الشمس ... لكن الغيوم مازالت تُثقل السماء ... والسائل الأحمر مازال يشق في جسدها أنهاراً .. فهل سينزل الغيث لتغتسل ... أم أن مغتصبيها لم يرتووا بعد من الدماء ...!! تأخرت إجابة السؤال عشر سنوات .. فعدنا .. أنا ونفسى ..بينما ثالثتي التي لم تفتأ تبكى على شهيَّة الحسن، وتبكينا؛ لم تبرح أبداً مكانها ...

التأم الشمل .. وتعانق ثلاثتنا طويلاً ... صرنا واحدًا مرة أخرى .. أنا ونفسى وروحي ... !غرباء في وطن مسروق ..([139]).!!

وفي مجال المسرحية، كتب النائب في مجلس الشعب المصري أحمدي قاسم([140]) مسرحيته التي تحمل عنوان:" الثورة، والانقلاب، مصر 2011"، حيث جمع في مسرحيته مزيجًا مميزًا من العناصر البشرية المصرية في أزمنة مختلفة، فهذا شاب فرعوني، وآخر من ثوار التحرير، وشاب من شباب ثورة 1919، وشاب من الإخوان المسلمين، ولواء يمثل الجيش المصري الانقلابي. المسرحية نداء من مخلص يُظهر فيها عمالة الأنظمة العربية الحاكمة بالوكالة عن الغرب. نادى فيها أننا لن نرى عزة في أرضنا، ولن نتخلص من سايكس – بيكو إلا بعد سقوط الهويات الزائفة، والعودة للهوية الإسلامية.

برز أدب التغريد نوعًا أدبيًا جديدًا مع ذيوع وسائل التواصل الاجتماعي، وبخاصة منصة X (تويتر سابقًا)، وهو أدب ييسر لصاحبه انتشارًا واسعًا لحظيًا، ويرتكز على الكثافة التعبيرية والاقتصاد في الكلمات، إذ يكمن التحدي في تقديم نص أدبي في حدود 280 حرفًا فقط، وهذه البنية المختصرة والمتحدية لها فرسانها المجيدون، ومن أبرزهم في الساحة الإسلامية المناصرة للثورة د. محمد الجوادي رحمه الله ود. محمد عباس الأديب والمفكر الإسلامي.

وهذا اللون الأدبي يتاخم أدبًا آخر جديدًا قديمًا في آن.. هو أدب "الحكمة الساخرة" أو "الإيبجرام" Epigram، ويُقصد بالإيبجراما في النقد الأدبي: القصيدة القصيرة التي تتميز على وجه الخصـوص بتركيز العبارة وإيجازها، وكثافة المعنى فيها، فضلًا عن اشتمالها على مفارقة، أما في الشعر فكانت تتشكل أحيانًا من جزء من القصيدة، يتمثل في بيتين أو رباعية؛ دون أن يكون لها كيان مستقل. ([141])

وقد برع الدكتور محمد عباس في ذلك اللون الأدبي شديد التركيز والتكثيف، مع نزوع ساخر حادٍّ كنصل السيف، فبعد مذبحة رابعة دوّن في 13 يناير 2014:

"مهما كانت سفالتهم فإن دم الشهداء يطهرنا.. يطهرنا نحن .. لا هم.. هم السفلة.. الشعب الآخر ذو الرب الآخر" ([142])

وانظر إليه يغرد بعد تنازل نظام الانقلاب عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، بالرغم من المعارضة الشعبية والنضال القانوني الرافض ذلك التنازل، فيقول بتاريخ 14 أبريل 2016: "الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، نمت بالأمس والقاهرة جزء من مصر، واستيقظت وهي ما تزال جزءًا من مصر".

ويغرد في نفس اليوم معرِّضًا بقائد الانقلاب في تعبيراته المبتذلة، وقسمه المتكرر الغموس، فيقول: "في مسرحية سعد الله ونوس "الملك هو الملك" جاءوا بشحاذ شبيهٍ ليقوم بدور الملك الذي اختفى، فحكم أفضل من الملك، وأقل سوقية وبذاءة، ولم يقسم بشرف أمه"!.

ويغرد في اليوم نفسه ساخرًا سخرية مريرة من التعذيب المنهجي للأحرار في سجون الانقلاب: "أسفل النموذج

أسفل النموذج

ويا لسذاجة جورج أورويل([143])! كانت أشد أنماط التعذيب رعبًا عنده أن تهاجم الفئران المتوحشة وجه الضحية، بالنسبة لأساطيننا ونشامانا الشامخين هذه زغزغة!"،

ويغرد د. عباس بتاريخ 3 مايو 2016 ساخرًا من احتشاد حكومة الانقلاب مع النصارى والمجرمين ضد إرادة الشعب في استمرار الثورة والقضاء على الفساد، قائلاً: عجيب! لماذا لا تخرج الحكومة والنصارى واللصوص والبلطجية في مظاهرات مليونية صاخبة ضد الشعب، تصرخ فيه: ارحل..ارحل..ارحل..ارحل!

ويوجه النقد المرير إلى أجهزة الإعلام في ولائها المطلق إلى باطل الانقلاب قائلاً في اليوم نفسه: "أكاد أسمع الشيطان يهتف- وأرى قرنيه-: "يسقط الإسلام. تسقط الحرية. تسقط الوطنية. يسقط الصدق. تسقط الرحمة، وكان كل من في مدينة الإنتاج يرددون خلفه"!

وفي باب المقال الأدبي نجد مقالة د. محمد عباس "علامة رابعة"، بعدما أصبحت الإشارة باليد بعلامة رابعة، أو رسمها، أو رفعها في المظاهرات والاحتجاجات مثار غضب الانقلاب، إذ تذكره دائمًا بجريمته في اقتحام ميدان رابعة وقتل المئات من المعتصمين العزل والمصابين، وحرق جثث بعضهم، وتجريفها، فلجأ إلى معاقبة حاملها، وراسمها، فيقول في مقالته:

أطلق الرصاص كلما رأيتها..

صوب عليها مدافع الدبابات.. وقواذف الراجمات.. وحاصرها بالمشاة

والمركبات..

لكنها لن تموت..

قد يموت حاملها..

لكن العلامة لن تموت..

علامة رابعة لن تموت..

فالمعنى لا يموت، والروح لا تموت..

ستأتينا مع نبضات القلوب بالأمل.. ومع خفقات الروح باليقين..

ستشرق كل يوم مع الشمس.. فإذا غربت بزغت مع القمر وتلألأت مع النجوم..

انظروا إلى كبد السماء ترون أشعة النجوم ترسم علامة رابعة.. فأطفئها إن

استطعت.. بل انظر إلى الملائكة إن رأيتها تحمل علامة رابعة، وإذا بعلامة رابعة حالقة وفاضحة.. لا يكاد يحبها إلا مؤمن، ولا يكاد يبغضها إلا منافق....

اقصفها بالسلاح الجرثومي.. بالإيدز المخزن في مدينة الإنتاج الإعلامي.. انثره

عبر أفواه الدعارة والبغي كي تقتل به العلامة التي تأبى أن تموت..

ستذهب وتبقى علامة رابعة..

ستبقى.. ستطل من عيون الأطفال.. ومن ضمائر الكبار.. ومن قلوب الأمهات..

ستولد من أرحام النساء وتترعرع في ضمائر الرجال..

وستتوالد حتى تسد الأفق..

سوف تشق الأكفان وتطير فوق الرؤوس..

ستطاردك..

.....................

لم ينهزم أصحاب رابعة..

ولم تنتصر..

انتصرت الدبابة والمدفع..

انتصر القناصة في الطائرات..

انتصر المرتزقة..

انتصر "البلاك ووتر"..

لكنه شبه نصر..

فالفصل الأخير لم يكتب بعد..

ستكتبه علامة رابعة..

ستنتصر علامة رابعة وتنهزمون..

ولن يفيدك الساحر، حليف إبليس، خليفة الشيطان، عميل المخابرات الأمريكية، فلا يفلح الساحر حيث أتى..

ألم يكن هو الذي اشار عليك بحرقنا في أخدود رابعة؟

الغبي الأحمق خدعك..

ماتت الأجساد فمنح المعنى حياة تظل إلى أبد الآبدين، تطل عليك وعلى الآخرين..

هل قلت الأخدود؟ بل عشرة أخاديد..

أخاديد رابعة، وأخاديد النهضة، وأخاديد رمسيس، وأخاديد القائد إبراهيم، وأخاديد

السويس، والمنصورة.. و.. و..

اغفر لي يا رب! فأنا أدعو ولا أتألَّى حين اقول: إن شهداء أخدود رابعة لا يقلون عن شهداء الأخدود..

الشهداء التي نبتت من أجسادهم الطاهرة واقتاتت على دمائهم الزكية علامة رابعة.. ([144])

وفي مجال النقد الأدبي تبرز دراسة د. حلمي القاعود التي أصدرها سنة 2023 بعنوان "الوردة والمستنقع"، ودرس فيها التناول الأدبي لمصطلح "الإرهاب" الذي وُصم به الإسلاميون في الكتابات الغربية والعربية على السواء، و ذلك في تمهيد عن المشهد الأدبي الراهن، وبيان فساده الذي أدى لانحراف المعالجة لظاهرة الإرهاب وسطحيتها ودخولها دائرة الدعاية الفجة في كثير من النماذج.

وينقسم البحث إلى ثلاثة أسفار وفقا للجغرافيا ونشوء الظاهرة، الأول خُصص لمصر، واستعرض بإيجاز نماذج عديدة، وأتبعه مبحثُا مطولاً للتطبيق على إحدى الروايات، وهو منهج سار عليه البحث في السفرين التاليين، فقد تناول الرواية في الجزيرة العربية- السعودية نموذجًا، والشمال الإفريقي-الجزائر نموذجًا.. ويشير حلمي القاعود إلى أن توصيف الإرهاب بات حكراً على الجهات مالكة القوة، وصاحبة المصلحة في إذلال المسلمين واستئصالهم، يطلقونه في الأحداث والمناسبات المختلفة، حين تتهدد مصالحهم الاستعمارية والقمعية ([145])

لم يحظ الأدب الإسلامي الثوري في يناير حتى الآن بجمعه وتبويبه، وهو أمر ضروري يسبق بحثه ودراسته، وقد حاولنا في هذه الدراسة جمع نماذج متعددة منه، وهي كافية إلى حد ما لاستجلاء قسماته وملامحه، ولعل أهمها:

من ناحية الشكل: لم ينحز أدباء هذا النهج إلى فن أدبي واحد، فقد صاغوا أعمالهم شعرًا ونثرًا، وكانوا في أشعارهم يجمعون بين الفصحى والعامية، وفي كلتا الحالتين آثروا الوضوح دون الغموض الفني، مراعاة لطبيعة الموضوع والخطاب، فهم يعبرون عن ثورة شعبية، ويخاطبون جماهير عريضة هجرت الفصحى منذ أمد بعيد، حتى غدت غريبة على أسماع كثير ممن يدعون الثقافة، فضلاً عن غيرهم. لكن فصحى التعبير الأدبي الثوري كانت قريبة، لا ترى فيها التقعر اللفظي، ولا المفردات المعجمية، كما كانت عاميتهم قريبة من الفصحى، لا سوقية، ولا مبتذلة. ومالت بعض أشعارهم إلى أوزان شعرية تصلح للإنشاد وللهتاف وللغناء، تبتغي بذلك الوصول إلى أعظم مساحات التأثير الشعبي. ولعل نموذج مصطفى الصاوي في أنشودته العامية: ثورة دي ولا انقلاب؟ وكذا نموذج خالد الطبلاوي في أنشودته الفصحى "هنا القاهرة" واضحا الدلالة في هذا السياق.

وفي الشعر أيضًا جمعوا بين الشعر العمودي التقليدي وشعر التفعيلة الحديث، والنماذج في ذلك كثيرة، كما مرت بنا. لكنهم نفروا مما يسميه الحداثيون "قصيدة النثر"، وهاجمها الشاعر عصام الغزالي فقال: "اللغة شعر ونثر، أما هذا الكيان المسخ فهو ابن حرام جاءنا من الأدب الغربي !!!

ويقول في أحد قصائده:

النثر ليـــس قــصـــيـدة والأُذْن تفصِل في الخلافْ

والبحر سجن العاجزين وإن تــرفَّــق بالــزحــاف([146])

ومن ناحية المضمون: تعددت الأغراض التي تناولوها في أدبهم، فقد تحدثوا عن معاناة الشعب في أخريات سني حكم مبارك، وتناولوا تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وأفسحوا مساحة كبيرة للحديث عن المظالم السياسية، من استبداد وقهر، واستطالة حكم الطوارئ، وبطش الأجهزة الأمنية، ومعاناة السجون والمعتقلين، وهاجموا محاولة توريث الحكم إلى جمال مبارك، وتوقعوا اندلاع الثورة حين استمرار القهر. وتجاوبوا مع أهل فلسطين وقضية المقاومة، وجريمة نظام مبارك في إقامة جدار العزب مع قطاع غزة، وحصار أهلها، كما تفاعلوا بشرًا مع ثورة شعب تونس واستبشروا بها خيرًا، وترقبوا ثورة أهل مصر بعدها.

لقد استمرت معاناة الشعب والأدباء بعد الانقلاب سنة 2013، فعبروا عن المظالم الواقعة نفسها، والآمال ذاتها، وكأن ثورة الشعب، وتضحياته لم تكن! وقال الشاعر محمد جودة:

انتخبت وصوتي راح

والجراح هي الجراح

شعب ورياسة وشورى

كلهم جوا السجون

والكلاب هي اللي مطلوقة السراح

فتحدثوا عن مجازر الانقلاب وجرائمه، وعن سجونه ومحاكمه، وما ضمته من ظلم، وما مثلته من جور، وتجاوبوا مع المعتقلين من شباب ثائر وحرائر، وتنادوا بوجوب الثورة والقصاص، وتلاوموا في عجزهم وخذلان شعبهم إياهم!

وبين الثورة والانقلاب كان الأدب حاضرًا في أحداث رئاسة مرسي، وفي التدافع المرير مع قوى الثورة المضادة ودعاواهم.

ومن حيث القيمة الفنية تراوحت النماذج المتاحة بين الجودة العالية، والسرد الفقير في أدواته وتميزه، وهذا أمر متوقع بالنظر إلى كثرة العدد، وإلى طبيعة الأحداث التي غلبت روعتها أو مأساتها قدرات الفن والأدب في ذلك الحين، لقد كان بعض تلك الأحداث جليلاً أو مروعًا إلى حد يحتاج فيه إلى قدرات أدبية استثنائية لم تتوفر آنذاك، قل مثل ذلك عن لحظة لإسقاط مبارك، أو تولي مرسي الرئاسة، أو مذبحة الساجدين أمام الحرس الجمهوري، أو رابعة، وما أدراك ما رابعة!

لا يمكن للناظر إلى تلك النماذج الأدبية أن يغفل قدر الصدق البادي، أو الحماسة الطاغية، أو المشاعر الفائرة.

ولا يمكنه أن يغفل عن حقيقة أن معظم هؤلاء الأدباء كانوا شبابًا لم تمتد بهم التجربة، ولم ينفسح أمامهم الأجل كي يصقلوا مواهبهم، ويشحذوا أدواتهم. ولم تتوفر لهم سبل الرعاية الفنية من الرواد والأساتيذ!

كما لا يمكنه أن يغفل عن كونهم كانوا وحدهم في الميدان يصاولون دولة بمؤسساتها الثقافية، وأجهزة إعلامها الطاغي، وإغراءات أموالها المسفوحة.

مر الأدب الإسلامي في ثلاثينات القرن الماضي بمرحلة تمتع فيها بدعم الحركة الإسلامية، كما رأينا في بداية دعوة الإخوان المسلمين، حيث وقف الإمام البنا مشجعًا للأدباء، وفاتحًا لهم صفحات جرائد الإخوان، وداعيًا لهم في مؤتمرات الجماعة ومناشطها.

وقد مر بنا أن حسن البنا كان بليغًا وخطيبًا يميل بالقلوب حيث شاء، يقول معاصره محمود عبد الحليم: إنه كان "يضع أدب الرافعي في أعلي مراتب الأدب في عصره، وينظر إلى الرافعي باعتباره رائد الأدب الإسلامي، فكان يرى الرافعي في مقام حسان بن ثابت في عصر النبوة، وكان يحفظ الكثير من شعر الرافعي"، وكان " حريصًا على تربية خليفة يخلف الرافعي في أدبه؛ لأن الدعوة الإسلامية لا تستغني عن قلم يدافع عنها في عالم الأدب، ويرفع رايتها بين الرايات فيه، وكان يرشح اثنين لهذه الخلافة: إسماعيل حمدي، وعبد المنعم خلاف، وكان يعمل دائمًا على افساح الطريق لهما بكل ما يستطيع من وسائل، ولكن يبدو أن النكبات التي توالت على الدعوة لم تدع لهما فرصة، وكان من الكتاب الذين يوصيني الأستاذ بالعناية بهم وإفساح المجال لمقالاتهم " محمد الغزالي " الذي كان إذ ذاك طالبا بكلية أصول الدين أيضا، فقد كان الأستاذ المرشد يبدي إعجابه بقلمه وبأسلوبه".([147])

لم يخلف البنا مثله! تلك حقيقة يكررها من يتحدث عن عطائه الدعوي والحركي، لكنها حقيقة أيضًا إن تحدثنا عن رعاية الجماعة أبناءها الأدباء، وتدريبهم، وتقديمهم في محافل الأدب والثقافة.. وإذا كانت فترات المحنة والتأزم السياسي تقدم بعض العذر في ذلك، فإن استمرار ذلك النهج في فترات العافية لا يسمح بمزيد اعتذار.

لكن النتاج الأدبي في بفترات المحنة -في العهد الناصري- لم يقف دون توهج الأدب، وما حال دون أن يشق طريقه يلهب المشاعر، ويحمل المشاعل.

وتصاعد نتاج الأدباء في فترة المحنة وانتشاره يحتاج إلى تفسير، فقد كانت منابر النشر شارعة في الدول العربية المناهضة للنهج الناصري، تتلقف أدب الإخوان فتذيعه، ويحتفي به الإسلاميون في تلك الأنحاء، ، كما أتيحت له أدوات الذيوع بعد هلاك الطاغية ومجيء السادات يريد أن يشق طريقًا صعبًا تملؤه هالات الناصرية، وتسده أصنامها، فأفسح للإخوان المسلمين ساحة للعمل إلى حين.

ولما عاد التضييق في ثلاثينية مبارك كانت وسائل التواصل الاجتماعي تفتح آفاقها، ويستحيل صدها، وتحمل نتاج من شاء إلى الجماهير الغفيرة، وبخاصة قطاعات الشباب. وكانت النقابات المهنية وصحف المعارضة والمؤتمرات السياسية تحتاج إلى أصوات الشعراء وحماسة دمائهم الساخنة.

لكن الحق أن تلك الفضاءات المنفتحة للوصول الأدبي كانت محدودة التأثير في مواجهة وسائل الإعلام الضارية التي تقتحم كل بيت، وتخاطب كل سمع، ومؤسسات الدولة العتيدة المخصصة للثقافة، والثرية بميزانيات مفتوحة. ما دامت تروج لحرب الإسلاميين، بل الإسلام نفسه في أحايين كثيرة.

لم تعد صناعة الرموز الأدبية مرهونة بمواهبها فحسب، بل أصبحت صناعة تقف وراءها مؤسسات إعلامية وثقافية لها أهدافها، ولها تمويلها. ولديها هواجسها وتخوفها من الإسلاميين وطموحهم الدعوي والسياسي. فرفعت بأهوائها أقوامًا، وخفضت آخرين من دون جدارة واستئهال.

وزاد الأمر صعوبة أن هذه المؤسسات يقف على رأسها - منذ أمد- شخصيات نافذة من اليساريين والعلمانيين المتغربين، المعادين للإخوان المسلمين ومشروعهم التغييري الذي يعتمد على التواصل مع الشعب، وتقديم البديل الإسلامي إليه، بعدما أثبتت البدائل العلمانية الغربية والشرقية فشلها في الأخذ بيده إلى مستقبل أفضل. وهذه النخب المتغربة طاردة بحكم الإيديولوجية والمصالح الآنية لكل ما يخالفها، ولا تكتفي بالطرد، بل تشن عليها حملات ضارية من الاغتيال المعنوي والثقافي.

كان الشعور بفقدان دعم الحركة الإسلامية قائمًا، فلم تبادر جماعة الإخوان ولا غيرها بتأسيس تجمع ثقافي يكون إطارًا جامعًا وموجهًا وراعيًا، وربما كان انشغال تلك الحركات الإسلامية بالعمل السياسي في هذه الفترة حائلاً دون الانتباه إلى خطر ذلك الثغر، وربما كان قصورًا منها في تقدير خطورة الثقافة ودورها في صياغة الفرد والمجتمع، وهذا ما يبدو سببًا واضحًا، إذ إن ذلك القصور لم يكن وليد الانشغال بمستجدات العمل الثوري، بل هو سابق له، فلم يظهر كيان مؤسسي إسلامي ثقافي قبل الثورة. وفي حالة الإخوان المسلمين غالبًا ما كان يُحال أمر الثقافة والفن إلى أحد أقسام الجماعة المعنية بالعمل المجتمعي، مثل قسم نشر الدعوة.

وقد اجتهدنا في إجراء مسح ميداني يستهدف البحث عن أية أدوار مؤسسية للجماعة فيما نحن بصدده؛ وتم أخذ عدد 18 محافظة -عيِّنة بحثية- من إجمالي محافظات مصر ال 27، بنسبة 66.6% وهي نسبة كافية لتعميم النتائج.

وكانت المحافظات التي تم بحث حالتها هي: القاهرة (شرق وجنوب)، الجيزة، القليوبية، الإسكندرية، البحيرة، الدقهلية، الغربية، الشرقية، دمياط، الإسماعيلية، السويس، شمال سيناء، بني سويف، الفيوم، المنيا، سوهاج، قنا، الأقصر.

وكانت النتيجة وجود لجنتين تُعنيان بالأدباء في محافظتين اثنتين هما: الدقهلية وسوهاج ، أي بنسبة 11%، ولا شك أن تدني نسبة وجود هيكل مؤسسي للأدب مرتبط بجماعة الإخوان يشير إلى غياب استراتيجية واضحة في هذا المجال.

غير أن ذلك لم يحُل دون ظهور مبادرات فردية من بعض أدباء الجماعة ومثقفيها يجتهد ليقدم بديلاً محدود الأثر بالطبع..

ومن أصحاب الهمم العالية من أدباء هذه الفترة، والرغبة الصادقة في تجميع جهود الأدباء الإسلاميين في هذه الفترة م. وحيد الدهشان، حيث كان له دوران مهمان تميز بهما:

الأول : أن له الفضل بعد الله ـ سبحانه ـ في تجميع أدباء الحركة الإسلامية من كل محافظات مصر، ورسم دائرة كبيرة تربطهم كان هو مركزها ، فكان لا يمر شهر أو شهران حتى يتلقى عديد من الشعراء دعوة منه لعقد صالون أدبي، ويرافقه في هذا الجهد الشاعر ناصر صلاح، وسيد درويش بجهده الذي لا يكل عن السعي لتجميع الشعراء . وكان صالون "الدهشان" عامرًا ، يحضره عدد من الشعراء الإسلاميين والنقاد، منهم : د مصطفى أبو طاحون([148])، د خالد فهمي([149])، و د. محمد بدوي المرسي([150]) ود. مصطفى أبو طاحون، والناقد والشاعر د حمدي والي دكتوراه في الأدب من كلية دار العلوم، الناقد والفنان د أسامة أبو طالب أستاذ الدراما بأكاديمية الفنون، محمد يونس رحمه الله، الشاعر عصام الغزالي رحمه الله، الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي، الشاعر محمد جوده، الشاعر د. محمود خليل، الشاعر أمين الديب، الشاعر يوسف أبو القاسم الشريف، الأديبة شافية معروف، الشاعر العربي عمران، الشاعر محمد فؤاد، الشاعر ناصر صلاح، الشاعر خالد الطبلاوي، الشاعر أحمد حمدي والي، الكاتب والروائي عبد الله عبد الباقي، المخرج عز الدين دويدار، وغيرهم.

فكان كل شاعر يجود ببعض لآلئه ، ثم ينبري د. خالد فهمي في نقد القصائد نقدا عميقا ، فكان هذا المنتدى متنفسا طيبا ، ومحرضا على الكتابة والإجادة إذ يُعد كل شاعر أفضل ما لديه ليحظى بإعجاب هذا الحضور الكريم.

أما عن دوره الثاني الذي لا يقل أهمية عن سابقه ؛ أنه فتح الأبواب لكثير من الشعراء للظهور والنشر عندما عمل محررًا أدبيًا بالعديد من الجرائد والمجلات منها مجلة المهندسين، وجريدة آفاق عربية، وجريدة الأسرة العربية. وعندما كان مقررًا لنادى أدباء المهندسين قبل فرض الحراسة على النقابة عام 1995م ؛ ولم يبخل على أحد بالنصح والتوجيه في مجال طباعة الدواوين ونشرها([151])

فلما قامت الثورة كان هناك مسعى للإفادة من روحها، وتوهج قيم العمل الجماعي في أثنائها، فبادرت أعداد من أبناء الحركة الإسلامية إلى تأسيس بعض الروابط والجمعيات الأدبية. يمكن أن نقف هنا عند عملين رائدين: تأسيس رابطة الحرية، وساقية رابعة العدوية.

أما رابطة أدباء الحرية فقد تأسست في 26 أكتوبر 2011، ودعت إلى لقاء أدبي شهري عام لأدباء الإخوان والحركة الإسلامية، بالتعاون مع حزب والعدالة. وكان لها دور كبير في جمع شمل شعراء الحركة الإسلامية وأدبائها بعد ثورة يناير. وضمت الرابطة أدباء من الجنسين. وحظيت بمشاركة وعضوية عدد من أساتذة النقد الأدبي مثل د. حمدي والي و د. محمد بدوي المرسي ود. مصطفى أبو طاحون ود. خالد فهمي.

وعبرت الرابطة عن أهدافها بأنها تنشد الحرية، وتعمل على كسر القيود الفكرية التي تعوق الإبداع، وتنير الطريق نحو الوعي، وتصحح المفاهيم المغلوطة، وتطرح رؤى بديلة للمستقبل.

وأعلنت الرابطة أنها تسعى إلى تكوين قادة فكريين يُلهمون مسيرة التغيير الاجتماعي والسياسي عبر أعمالهم الأدبية. وتهدف إلى تقديم أدب راقٍ يجمع بين الروح الرسالية العميقة والأسلوب الجمالي المتميز، سواء في اللغة، أو الفكرة، أو التصوير الفني.

ومن أجل تحقيق أهدافها تعمل على تيسير تعارف الأدباء الطامحين إلى الحرية، والذين يرون الإسلام مرجعية للفكر، وأساسًا للتصور، وتسعى لنشر أعمال الأعضاء، والتفاعل معها ؛ وتبادل الخبرات الأدبية، ودعم المواهب الأدبية الجديدة. وتقيم منصات للحوار والتفاعل عبر الندوات، والأمسيات الشعرية، والنقاشات الأدبية التي تعزز دعم القيم والفكر النقدي الحر والمنضبط. وتسهم في تقديم أعمال تُجسد القضايا المعاصرة، وفي بعض الأحيان تعدى إبداع أدباء الرابطة الداخل المصري إلى قضايا الأمة العربية والإسلامية، خاصة قضية فلسطين والقدس.

ومن أعمال رابطة الحرية التي أتمتها: عقد ندوة شهرية عامة في الجمعة الأخيرة من كل شهر ميلادي، يلتقي فيها الأدباء والنقاد، حيث تعرض الأعمال الأدبية، وتناقش. وعقد ندوة شهرية لفروع الرابطة في المحافظات؛ وكان أنشط تلك الفروع فرع الدقهلية برئاسة د. حمدي والي الذي عقد عدة مؤتمرات أدبية، منها المؤتمر الأدبي الثاني للرابطة تحت عنوان "الأدب والدين والثورة.. آفاق جديدة" في 9 سبتمبر 2012 بدار نقابة العلميين بمدينة نصر، فضلاً عن عدد من الأوراق البحثية، ومناقشة بعض الكتب، كما عقدت عدة مسابقات أدبية، وأمسيات شعرية.

ورأس الرابطة الشاعر محمد جودة، واختير الشاعر يوسف أبو القاسم الشريف([152]) نائبًا للرئيس، أما الأمين العام للرابطة فالشاعر عبد القادر أمين، بينما انتشر أعضاؤها في عدة محافظات.

وقد كان المستوى الفني لبعض الأعضاء مرتفعًا جدًا، وحاز بعضهم عدة جوائز، كالشاعر أحمد حسن الذي حصل على جائزة يوم الأرض، والتي أقامتها سفارة فلسطين بسلطنة عمان، عن شعر الفصحى بقصيدة "الجدار للجار"، والشاعر ناصر صلاح، فقد كان الأول في مسابقة جمعية أصدقاء باكثير عام 2002، والأول في جمعية الرابطة الإسلامية عام 2007، والثاني في مسابقة آفاق عربيه عن الإسراء والمعراج عام 2005.

تم افتتاح ساقية رابعة في أثناء اعتصام رابعة العدوية يوم 3 أغسطس 2013، لتكون بمثابة ملتقى ثقافي للمثقفين والأدباء والمهتمين بالأدب بشكل عام، ومعتصمي رابعة بشكل خاص([153]).

وقد تم افتتاحها بحضور د. علاء عبد العزيز وزير الثقافة في حكومة الثورة، ولفيف من الشخصيات العامة. ([154]) وأعلنت صفحتها الإلكترونية عن طبيعتها وأنشطتها، وأنها "مركز ثقافي في قلب ميدان الثورة "رابعة العدوية"، يقدم العديد من الفنون والآداب الموسيقية، والمسرحية، والفنون التشكيلية، وكذلك الندوات وورش العمل الشبابية، ويتيح للفنانين المبتدئين والهواة من الثوار مساحة للتواصل مع الجمهور الثوري العريض. ([155])

يغرس المشروع الإسلامي جذوره في تربة العالم الإسلامي، وأعماق شعوبه؛ عقيدة وحضارة، ولا جدوى من السؤال عن تاريخ ظهوره، لأنه بدأ مع الإسلام، واتسع مع انتشاره، وساد حيث وصلت خيول فاتحيه، وارتكزت بيارقهم.

أما المشروع العلماني في ديار الإسلام فيمكن تلمس بداياته مع وصول رسل الغزو الفكري التي مهدت الطريق للاستعمار الغربي، وعمقت وجوده، وأمدته بأسباب البقاء.

التصارع بين الفكرتين والمشروعين الإسلامي والعلماني قديم، ربما يصل في الحالة المصرية إلى زمن الحملة الفرنسية 1798-1801، وحكم محمد علي الذي تلاها. ومنذ ذلك الحين لم يعد التدافع مقتصرًا على المجال الفكري، حيث كان النظام السياسي يتسلح بأدواته العسكرية، وقواه الناعمة والخشنة، وأجهزته الإدارية والمالية، ويحاصر المشروع الإسلامي في أرضه.

لا شك أن ظهور حركة الإخوان المسلمين في النصف الأول من القرن العشرين أكسب المشروع الإسلامي زخمًا من العنفوان والمدد، وقدم نماذج واقعية خرجت به من حيز العواطف والنظريات إلى دوائر الواقع والتنفيذ؛ بحسب طاقة جماعة لا دولة.

وكانت مواجهة جمال عبد الناصر للإسلاميين سياسية في ظاهرها، لكنها كانت ثقافية تستهدف تكوين تشكيل الهوية، والقناعات الصارفة للشعب عن التوجه الإسلامي السياسي، فقامت الحكومة المصرية بتأميم المؤسسات الثقافية والإعلامية، وسخرت إمكانات تلك المؤسسات للدعاية لتوجهات النظام الجديد، الذي سعى إلى حشد الجماهير خلفه، فأنشئت أول وزارة ثقافة سنة 1958، باسم "وزارة الثقافة والإرشاد القومي"، بعدما كانت ملحقة بوزارة التعليم، وكان "الإرشاد القومي" بمثابة صك بدور الوزارة في توجيه الشعب نحو المسارات الفكرية للثورة والنظام الجديد، كما بدأ إنشاء قصـور وبيـوت للثقافـة فـي المحافظـات عـام 1960. وكان قد سبق ذلك إنشاء "المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب" سنة 1956- وقد تغير اسمه إلى "المجلس الأعلى للثقافة" سنة1980- والمعهد العالي للسينما في السنة نفسها 1959 ([156])

كانت توجهات الحكم خلال الفترة الناصرية تفسح المجال لليسار والعلمانية لمواجهة التوجه الإسلامي الذي مثلته جماعة الإخوان المسلمين، وكانت منابر ومؤسسات الدولة الثقافية الرسمية ساحات احتكرها هؤلاء العلمانيون والشيوعيون، وسخرت الدولة طاقاتهم في تلك المواجهة.

تغيرت الحال قليلاً مع مجيء السادات للحكم (1970-1981)، وتغير توجهاته من اليسار إلى اليمين، وأفسح الطريق أمام الإسلاميين للتعبير عن آرائهم في وسائل الإعلام، وأدوات التثقيف، نكاية في أنصار سلفه الذين احتفظ كثير منهم بحظوط في وزارة الثقافة والإعلام، مع أجواء الانفتاح الجديد.. لكن هواجسه تجاه الإسلاميين لم تختف، وكانت مساحة الظهور العلماني الليبرالي أوسع من العلمانية الشيوعية، واستمر الحال على ذلك زمن مبارك (1981-2011)، وزادت حدة المواجهات الثقافية والسياسية في أخريات عهده الذي امتد ثلاثين سنة.

‫Farouk Hosny فاروق حسني‎‬‎ تولى فاروق حسني أمر وزارة الثقافة في عصر مبارك، وظل قابعًا في منصبه زهاء ربع قرن، (1987-2011)، واستمرت سياسات الفترة الماضية، وزاد عليها مظاهر أكثر تحررًا من الدين، وانصياعًا للنزوع الشمولي للنظام الحاكم في الشأن العام، وقامت ثورة يناير وهو يتشبث بكرسي الوزارة، ويعينه عليه قوم آخرون من نفس توجهاته التغريبية، وبالرغم مما أثير حوله من شبهات فقد رشحه نظام مبارك لمنصب مدير منظمة اليونسكو، فخرّ مهزومًا هزيمة شنعاء، واتهم الإخوان المسلمين بأنهم كانوا السبب في ذلك، إذ استفزه أحد نوابهم في مجلس الشعب سنة 2008 بعد اتهامه بأنه يسعى إلى تطبيع العلاقات الثقافية مع إسرائيل، فرد عليه منفعلاً بأنه "مستعد لحرق أي كتب إسرائيلية يثبت وجودها في المكتبات العامة في مصر"، لكنه سرعان ما تراجع عن هذا التصريح، وقدم اعتذارا عنه، مشيرا إلى أن الجملة انتزعت من سياقها، وقد عبر فيما بعد ثورة يناير أنه ما زال مقتنعًا بترجمة الأدب الإسرائيلي إلى اللغة العربية، وأن "مسألة التطبيع أصبحت كلمة جوفاء لا معنى لها، ليس هناك ما يسمى التطبيع الآن، لقد تجاوزنا هذه المرحلة وأصبح العالم قرية صغيرة، أما مسألة أن نكون ضد التطبيع، فقد أصبح شعارًا رنانًا ليس أكثر، التعامل مع إسرائيل اليوم في أي نطاق سلمي، أدب، وفنون، وغيرهما من المجالات الثقافية، في صالحنا لنعرف كيف يفكر الآخرون، ولا يجب أن نكون طوال الوقت سجناء لفكرة مضى وقتها وانتهت"([157]).

ولما قامت ثورة يناير وفارقه منصبه أحيل للنيابة العامة للتحقيق معه في قضايا فساد، حيث طالبه جهاز الكسب غير المشروع برد 18 مليون جنيه (نحو 3 ملايين دولار) اكتسبها بغير حق([158]). ثم أفرج عنه فيمن أفرج عنهم قضاة مبارك من رجاله، ضمن ما عُرف ب "مهرجان الإفراج عن الجميع"!! ولما وقع الانقلاب وصفه محاوره في موقع اليوم السابع بأنه "لم يكن وزيرًا فحسب، ولم يكن فنانًا فحسب، ولم يكن سياسيًا فحسب، ولم يكن واجهة مشرفة فحسب، ولم يكن تنويريًا فحسب، بل كان إنسانًا مصريًا يعرف قيمة الإنسانية التي تتجلى في أبهى صورها في الفن، ويعرف قيمة التاريخ الذى صنع الحضارة، وفعل الكثير في ظل نظام لم يكن يقدر الثقافة حق قدرها"!! ([159])

وكانت لفاروق حسني تجاوزاته في حق الثوابت الإسلامية التي استوجبت ردودًا عنيفة من الأزهر والإخوان المسلمين ومفتي السعودية وغيرهم.

وفي شهر 11/2006 صرح فاروق حسني في تصريحات له ان مصر لن تتقدم مادام شعبها يستمع الى فتاوى شيوخ "بتلاتة مليم. وقال "نحن عاصرنا امهاتنا وتربينا وتعلمنا على ايديهن عندما كن يذهبن للجامعات والعمل دون حجاب.. فلماذا نعود للوراء الآن".

وكان «الحجاب» هو الموضوع الذى أثاره الفنان فاروق حسنى سنة 2006، حيث رأى «أن ارتداء الحجاب هو عودة إلى الوراء وجهل»، وهو ما أثار جدلًا واسعا بينه وبين الأزهر، ووقتها رد عليه وكيل الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، الشيخ محمود عاشور، وقال «إن ارتداء الحجاب يتفق مع نصوص ثابتة في القرآن والسنة، وأضاف أن الوزير لا ينبغي له أن يتحدث في علوم الدين، بينما صرح شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي وقتها بأنه مستعد للذهاب إلى مجلس الشعب ليبين الآيات والأحكام الدينية التي تتعلق بالحجاب.

هذا التصريح وغيره أثار ردود فعل عنيفة، وتم تقديم استجواب له في مجلس الشعب من أحد نواب الإخوان المسلمين، وعارضه شيخ الأزهر وقتها، وأدان مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ تصريحات حسني "المسيئة للحجاب وعلماء الإسلام"، ووصفها بأنها "مصيبة حلت بديار الإسلام". كما وصف الشخصيات الصادرة عنها مثل هذه التصريحات بـ "المبطلين"، معتبراً إنكار الحجاب "مصادمة للقرآن". ([160])

وفيما بعد الثورة برر فاروق حسني موقفه بأنه "ضد مظاهر التدين الشكلي، لأنني كنت أعلم أن الإخوان يستخدمون هذه المظاهر كـ «عداد» لعدد أتباعهم، وحينما اكتست رؤوس البنات في المدارس بالحجاب قفز الإخوان على حكم مصر، وهذا الذى كنت أراه وأواجهه" ([161])

A person in a suit and tie

Description automatically generatedلم تقف خطايا الوزير عند مهاجمة المعلوم من الدين بالضرورة تحت تبريرات شتى، بل هاجم تأثيرات المساجد على الأجواء الثقافية المصرية، فتعقبه بالرد الأستاذ فهمي هويدي في مقال بعنوان: "هل نغلق المساجد؟" فقال: "السؤال طرحه السيد فاروق حسنى وزير الثقافة أثناء مناقشة أجرتها معه مجلة روز اليوسف... وكان السؤال الذي وجهه رئيس تحرير المجلة للوزير هو: لماذا انتصرت عليك مؤسسة التطرف؟ وهو ما رد عليه الوزير بقوله: قل لي من الأقوى في المجتمع: الخطيب الواقف على المنبر أم المفكر؟ ثم ألحق كلامه بالسؤال عن تناقض الأدوار بين قصور الثقافة والمساجد والزوايا.

لم يكن السؤال استفهاميًا بقدر ما أنه احتجاجي واستنكاري، أراد به الوزير أن يعبر عن التضاد بين الدور «التنويري» الذي تقوم به قصور الثقافة، والدور «الظلامي» الذي تؤديه المساجد والزوايا. والجملة الأخيرة من عندي، لأن الوزير لم يستخدم هذه الكلمات، ولكن سياق حديثه أشار إليها ضمنا. فضلاً عن أن ثمة خطابًا عبر عنه نفر من المثقفين يعتبر أن التدين هو المشكلة، وهو التربة التي تستنبت التطرف. ولأحد كبار موظفي وزارته كتابات عدة ادعى فيها أن جريمة التدين زادت عن حدها في مصر."([162]) واستطرد إلى أن قال: " وإذا صح ذلك فإنه يندرج ضمن الآثار الخطيرة للفاجعة. التي وضعت الإسلام وتعاليمه والمتدينين على إطلاقهم في قفص الاتهام، وبات السؤال المطروح هو كيف يمكن التصدي لكل هؤلاء." ([163])

أما أكبر الخطايا في وزارة الثقافة آنذاك فكانت قيام الهيئة العامة لقصور الثقافة -إحدى هيئات الوزارة- بإعادة طباعة رواية "وليمة لأعشاب البحر" للكاتب السوري "حيدر حيدر"([164]) في نهاية العام 1999، وكانت الرواية قد نُشرت لأول مرة عام 1983، وتضمنت مقاطع مسيئة للإسلام وللذات الإلهية، مما أثار ردود فعل غاضبة من علماء الدين والمؤسسات الإسلامية. وتم نشر أخبار تفيد بأن وزارة التعليم المصرية كانت بصدد إدراج الرواية ضمن المناهج الدراسية لطلاب الجامعات في مصر.. فأصدر مجمع البحوث الإسلامية بيانا موقعًا باسم شيخ الأزهر ليدين الرواية ويعتبرها كافرة، لأن بها فقرات تستهزئ بالذات الإلهية والرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، كما أدان تولى وزارة الثقافة نشر هذه الرواية.

وثار الكاتب د. محمد عباس، فكتب سلسلة مقالات في صحيفة الشعب حول الرواية، مطالبًا بمحاكمة كل المسئولين عن نشرها، متهمًا مؤلفها بالكفر والإلحاد. أشعلت تلك المقالات ردود فعل واسعة، وهيجت مظاهرات كبيرة في جامعة الأزهر وجامعات أخرى، وخلقت أزمة سياسية فعلية في البلاد. كما خلفت تلك المظاهرات عددًا كبيرًا من الجرحى والمصابين في مواجهات الطلبة مع قوات الأمن ([165])، أما وزير الثقافة فاروق حسني فقد أشيع أنه قدم استقالته إثر تلك الاضطرابات، لكنه نفي ذلك وقال: لم أستقل، كانت معركة بيني وبين الإخوان المسلمين([166])! وبذلك كان يصور هذا الفعل الكارثي من وزارته بأنه خلاف بينه وبين جماعة الإخوان.

لقد دافع العلمانيون واليساريون المتربعون على منابر الثقافة آنذاك عن الرواية باعتبارها عملاً فنيًا يعبر عن أزمة اليسار العربي. وأخيرًا اضطر النظام السياسي إلى الانحياز للرغبة الشعبية المطالبة بحظر الرواية، خوفًا من اتساع نطاق الغضب الشعبي.

ولم تنته الوزارة عن العبث في معتقدات الشعب وعاداته، فطبعت "هيئة قصور الثقافة" - ويرأسها على أبو شادي - روايات ثلاث احتوت على صفحات مليئة بالعبارات والمشاهد الجنسية الفاحشة([167])، مما حدا بالنائب د. جمال حشمت أن يقدم طلب إحاطة لوزير الثقافة عن ذلك، وعن إنفاق المال العام للترويج لما يخالف دين الأمة، ولأن الوزير كان مرتعبًا من تكرار سيناريو انتفاضة الشعب ضد رواية وليمة لأعشاب البحر؛ فقد آثر الانسحاب سريعًا والتسليم بخطأ ما تم في وزارته، وأنه سيحاسب المسؤولين عنه، وقرر الوزير "إقالة علي أبو شادي مؤقتًا، ليعيده بعد أقل من عام إلى الوزارة لتولي مناصب أكبر، كرئيس لـ «المركز القومي للسينما» ورئيس لـ «مهرجان الاسماعيلية» ورئيس لـ «المهرجان القومي للسينما»، وفوق ذلك كله كرئيس للرقابة على المصنفات الفنية. كما لو أن فاروق حسني كان يسخر ممن اتهموا أبا شادي إبان أزمة الروايات الثلاثة بـ «الترويج للخروج على الآداب والإلحاد"!([168])

وبالرغم من ثقة عصبة اليسار والعلمانيين من المثقفين في عداء فاروق حسني للتيار الإسلامي وأفكاره فقد حملوا عليه حملة شعواء، ليثبتوا قوتهم، وتأصل عداوتهم، فصحيفة "صوت الامة" التي يرأس تحريرها الصحفي عادل حمودة أصدرت عددًا تصدرته صورة - تم إعدادها من طريق الكمبيوتر- للوزير وهو يرخي لحيةً طويلةً، ويرتدي العمامة،  ومنحته لقب "الشيخ فاروق حسني". ثم ذكَّرت في عدد تالٍ الوزير بافكاره المتحررة والليبيرالية، وتصدرت الصفحة الاولى صورة لسيادته وهو يجلس في منزله وخلفه أحدى لوحاته التي تمثّل إمرأة عارية وفي جوارها رجل.

اما صحيفة "اخبار الادب" فكان عنوان عددها الاخير "فاروق حسني يعظ.. هل يستحق الكرسي التحالف مع التطرف؟". وقال رئيس تحريرها جمال الغيطاني إن "التراجع امام التطرف يزيد التطرف قوة".([169])

يمكن القول إن الوزارة اتبعت السياسات التالية بخصوص التعامل مع الإسلاميين:

ظلت الوجوه نفسها تسيطر على الساحة الثقافية والمؤسسات الرسمية وكأن مصر عقمت أن تنجب مثل عبقريات هؤلاء اليساريين والعلمانيين!

يكفي أن نعلم أن أحمد عبد المعطي حجازي ظل رئيسًا لتحرير مجلة "إبداع" منذ سنة 1990 حتى اضطر للاستقالة سنة 2014 كما سيأتي بيانه!

وخذ الغيطاني نموذجًا، فقد ولد سنة 1945 وحصل على شهادة تعليم متوسط من مدرسة الفنون والصنايع بالعباسية، واعتقل سنة 1966 متهَمًا في قضية تنظيم شيوعي، ثم أفرج عنه بعد ستة أشهرـ ليتقطه القطب اليساري المشهور محمود أمين العالم -وكان رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم- ليعينه صحفيًا بالجريدة سنة 1969، ثم مراسلاً حربيًا في أثناء حرب الاستنزاف، في الرابعة العشرين من عمره، ولتنفتح أمامه أبواب الشهرة، فتنشر له مجلة "الطليعة" اليسارية أيضًا حوارًا صحفيًا ضمن تحقيق صحفي مع مجموعة من الأدباء الشبان، في السنة نفسها، ويستمر تألقه في دوائر نفوذ اليسار المتملك سدة الثقافة والإعلام، ليسند إليه سنة 1993 تأسيس جريدة "أخبار الأدب" ورئاسة تحريرها. فظل على رأسها منذ ذلك التاريخ حتى تركها سنة 2010([170])

وظل "علي أبو شادي" رئيسًا لهيئة قصور الثقافة إحدى هيئات وزارة الثقافة، "ولم يكن يخفي أبدًا انتماءه لليسار المصري والناصرية، حتى في أكثر الفترات التي كان يتعرض فيها اليسار والناصرية للهجوم. ووكان متحمسًا بالقدر نفسه للأفلام ذات المضامين الثورية واليسارية، وكان خصماً شرساً لأي فيلم يسيء لليسار أو عبد الناصر. إلى جانب أبي شادي، ضمّ هذا الاتجاه الراحل سمير فريد، وكمال رمزي، وهاشم النحاس. وشكل الأربعة معًا ما يمكن وصفه بالنزعة اليسارية في النقد المصري، رغم الاختلافات التي يمكن أن نجدها بينهم. ومن خلال كتاباتهم منذ نهاية الستينيات، أسهموا في تأسيس هوية النقد السينمائي المصري وخصوصيته. حتى أطلق عليهم من قبل خصومهم من النقاد والسينمائيين لقب «عصابة الأربعة»، الذي يبيّن مدى تأثيرهم ونفوذهم في الحياة السينمائية والثقافية.([171])

لم تقف حدود الإقصاء عند تخوم النتاج الثقافي؛ بل تعدته إلى العنف والاعتقال حين لم تجدِ وسائل الضغط السياسي! وما يزال كثير من أدباء الحركة الإسلامية ومثقفيها خلف أسوار القهر والسجن والتغييب، أو في المنافي، وقيد الاختفاء القسري أو الاختياري!

تم تجاهل الأعمال الأدبية والفكرية ذات الطابع الإسلامي من قبل المؤسسات الرسمية مثل المجلس الأعلى للثقافة والهيئة العامة للكتاب، ولم تحظَ كتب أو دراسات الأدباء والمفكرين الإسلاميين بالدعم أو الترويج الحكومي، رغم تأثيرها الكبير، مثل كتابات محمد عباس، وجابر قميحة، وعبد الوهاب المسيري، ومحمد عمارة.

بينما تم الترويج لكتب تنتقد الفكر الإسلامي، مثل بعض أعمال نوال السعداوي التي تم تبني أفكارها إعلاميًا بوصفها "صوتًا حداثيًا ضد التخلف الديني"، ويوسف زيدان، الذي حصل على دعم واسع رغم مواقفه المثيرة للجدل ضد التراث الإسلامي، وسيد القمني، الذي منحته الدولة جائزة الدولة التقديرية رغم عدائه الشديد للفكر الإسلامي.

لقد ترتب على إقصاء الإسلاميين والتحيز لخصومهم أن جرى تقديم صورة زائفة عن الواقع المصري عبر وسائل الأدب والفن، والانتصار للتوجه العلماني التغريبي للمجتمع، وحال دون وجود تدافع حر وغير مسيَّس بين الاتجاهين الإسلامي والعلماني، كان يمكنه ترقية الأدب في أجواء تنافسية تنتج الأفضل، وقد رأينا آثار التدافع بين التيارات بين التيارات السياسية والحزبية المتصارعة غي العصور الإسلامية، مما أنتج أدبًا يمتاز بالثراء والجدة.

وأدى تجاهل الأصوات الأدبية للحركة الإسلامية والتحامل عليها إلى ضياع تراث وافر لهؤلاء الأدباء والمثقفين، بسبب من عدم إتاحة فرص النشر. كما حرم نتاجهم من فرص التطور والعمق التي كتن يمكن أن تتحقق لو صاحب نتاجهم حركة نقدية محايدة([172]).

وأدت هذه السياسات إلى تكوين طبقة تتوارث ادعاء الثقافة، وتستمرئ الالتصاق بالسلطة على خلاف المعهود من المثقفين الحقيقيين الذين يتخوفون من قيود السياسة على الإبداع، ويرون أن صدق المثل العربي القائل: "مَنْ أَكَلَ مَرَقَةَ السُّلْطَانِ احْتَرقَتْ شَفَتَاهُ ولَوْ بَعْدَ حِينٍ"!([173])، وقد ضرب ذلك المثل في عصور السلاطين العدول، فما بالنا بأمثال عبد الناصر والسادات ومبارك؟ وترتب على رواج النقد الزائف أن توارى الصحيح..

هذا يحدث إزاء التدافع الاجتماعي السلمي، فما الظن إزاء حملات الترويع والانتقام التي تعرض لها المثقفون الإسلاميون على مدى عقود!

وترتب على إقصاء الأدب لإسلامي وتخويف المبدعين منه أن تجنبته كثير من الأكاديميات المصرية، مما وجهها إلى حركة النقد التطبيقي بها إلى الأصوات غير الإسلامية

تم استبعاد أغلب الأدباء والمثقفين الإسلاميين من الجوائز الثقافية الكبرى مثل جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية، التي كانت تذهب إلى كتاب موالين للنظام، بينما صدر قرار إعطاء جائزة الدولة التقديرية لسيد القمني ود. حسن حنفي بتاريخ 25/6/2009، ورفع عدد من المحامين دعوى بسحب الجائزة من القمني، وقررت هيئة مفوضي الدولة بمجلس الدولة المصري يوم 26/7/2011 سحب جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من الكاتب سيد القمني وإلغاء قرار المجلس الأعلى للثقافة رقم 707 لعام 2009.

وجاء في القرار أن إبداعات الكاتب الفكرية خالفت القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وشككت في نسب بعض الأنبياء، وشملت بالازدراء بعضهم الآخر، وتطاولت بالألفاظ على الذات الإلهية، وهذا الأمر من غير المتصور حدوثه أو قبوله، وقد اعترض عليه مجمع البحوث الإسلامية.

وأكد التقرير أنه إذا كان من حق القمني أن يكتب ما يشاء وأن يبلغ في اجتهاداته إلى أي درجة، إلا أنه لا يجوز للدولة أن تعطيه جائزتها العليا، خاصة أن الهيئة اطلعت على كامل مؤلفاته، وتقرير مجمع البحوث الإسلامية، وثبت من خلال العبارات الصريحة التي كتبها أن فكرة النبوة بالنسبة له هي فكرة مخترعة من البشر، وأن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ما هو إلا رجل، بحث ليكون زعيماً على العرب، وأنه أخذ أفكاره من جده عبد المطلب.

وأضاف نص التقرير الذي حصلت العربية. نت على نسخة منه وليس من شأن هذه الهرطقات أن تكون إضافة للعلوم الاجتماعية التي هي جزء ومكون أساسي يبنى عليه منح الجائزة التقديرية([174])

وكانت جبهة علماء الأزهر، والمفتي السابق نصر فريد واصل قد نشرا فتوى تكفير القمني لأسباب عدة أورداها([175])

ونظرت المحكمة الدعوى بتاريخ 10/11/2009، رفضت محكمة القضاء الإداري في جلستها بتاريخ 10/7/2012 دعوى يوسف البدري ومن انضم إليه في دعواه بحرمان القمني وحسن حنفي من جائزة الدولة التقديرية([176])

لعبت الرقابة المشددة دورًا رئيسيًا في تحجيم دور الثقافة والفن في مصر، ولم يكن الهدف من هذه الرقابة حماية قيم المجتمع، بل إقصاء القضايا السياسية والاجتماعية الحقيقية عن الساحة الثقافية، ومنع أي عمل أدبي أو فني من أن يتحول إلى أداة تثوير ضد النظام القائم.

واستخدمت الوزارة من وسائلها المصادرة والمنع، حيث تم منع العديد من الكتب والروايات والأفلام بحجة مخالفتها "للآداب العامة" أو "تهديد الأمن القومي"، في حين أن السبب الحقيقي كان انتقادها للسلطة أو تسليط الضوء على الفساد.

لقد كانت الرقابة سياسية لا فنية! ولولا مساحة الحرية التي أنتجتها الضغوط السياسية على النظام الحاكم؛ ووجود أحزاب سياسية، ونشاط النقابات ومؤسسات المجتمع المدني؛ وما خصصته من صفحات ثقافية، وما عقدته من مؤتمرات وندوات؛ لما أتيحت الفرصة أمام بعض الأصوات الإسلامية للبروز..

ودافع الوزير فاروق حسني عن الرقابة التي طالت أعملاً كثيرة خالفت توجهات النظام، بينما غطت عينيها عندما خالفت منظومة القيم التي تدين بها الأمة، فقال: ""الحريّة إن لم تكن محسوبةً بدقّة تصبح فوضى وليست حرية، أنا ضد أي رقابة، هذا لا يعني أني أريد هدمها، لكن في الوقت ذاته هناك من يخالف تعريف الحرية، هنا يكون دور الرقابة مطلوبًا، أقبل دورها لفترة ما، تتعلق بنضج الشعوب وقدرتها على التمييز بين الحرية والفوضى" .([177]) أي أن وزير مبارك مثل رئيسه ورئيس وزرائه السابق أحمد نظيف، كان يعبر عن قناعة متأصلة لديه بأن الشعب المصري يفتقد النضج، ولا تصلح معه الحرية حتى يحظى بها.

في بداية حكم الرئيس محمد مرسي تنبه إلى أهمية تهدئة مخاوف الفنانين والمثقفين إزاء التوجهات الإسلامية للنظام الجديد، فدعا إلى عقد لقاء معهم في 6/9/2012 ، وألقى فيهم كلمة تطمئنهم على حرية الفكر والإبداع، وحرصه على تنمية دور مصر الثقافي الرائد ([178]).A person in a suit and tie

Description automatically generated

غير أن ذلك لم يلق قبولاً من جماعة منهم تحيزوا داخل معتقدهم الإيديولوجي المعارض للهوية الإسلامية، وعبر عن ذلك بعضهم بوضوح، فصرح الفنان مدحت العدل – بعد الانقلاب- إنه رفض لقاء الرئيس، وشبهه بالدكتاتور النازي هتلر، فقال: "هل يمكن أن تجلس مع هتلر لتحدثه في الفن([179]).

معركة المثقفين ضد وزير الثقافة في عهد د. مرسي :

وفي مايو 2013، أصدر الرئيس محمد مرسي قرارًا بتعيين د. علاء عبد العزيز وزيرًا للثقافة، وهو أستاذ جامعي متخصص في النقد السينمائي([180]).

كان الوزير الجديد يدرك حقيقة الأزمة التي يعانيها قطاع الثقافة في مصر، حيث يتزاوج الفساد الاقتصادي مع المصالح الخاصة، في حال من الرغبة في استمرار وتراكم السيطرة النخبوية للعلمانيين والشيوعيين على الساحة الثقافية.

وزير الثقافة يستقيل من منصبه.. ويؤكد: «الانقلاب» لن يستمرصرّح الوزير بأن الوزارة تعاني من الفساد، وأنه جاء ليطهرها، واتهم بعض المثقفين بأنهم "أوصياء على الثقافة"، ويريدون إبقاءها مغلقة أمام التغيير، ويمس جانب الحقيقة حين يقول: "ببساطة شديدة جدًا أنا من خارج الجماعة الثقافية التقليدية التي ظلت مسيطرة على الحياة الثقافية بمصر عقودًا طويلة"

كما أشار إلى أن المؤسسات الثقافية لا تخدم الشعب المصري، بل تخدم "نخبة مغلقة".. "وضرب لذلك مثلاً، فقال: عندما يقام عرض للباليه على مسرح يسع 620 مقعدًا؛ ولا يتم حجز إلا ثمانية مقاعد فهذه كارثة.. وعندما تقوم بإجراءات لإصلاح هذه الأخطاء تجابه بهذه الهجمة الشرسة المخيفة البربرية".

كما أن استيلاء المدن الكبرى على ميزانيات هيئة قصور الثقافة يحرم بقية المحافظات من دورها ونتاجها، "فالدور المطلوب الآن هو إعادة تأهيل هيئة قصور الثقافة والاعتناء بالمواهب والتقاطها وإبرازها".([181])

وهذا يعني أن الوزير ارتكز إلى عدة ركائز في مشروعه:

  1. إنهاء احتكار لون ثقافي واحد مناصب التأثير في الوزارة
  2. محاربة الفساد المالي والإداري في الوزارة.
  3. قيام الوزارة بدور جاد في توصيل رسالتها الثقافية إلى عامة الشعب باعتبارها وزارة للجميع ([182]).

وكان من المتوقع أن لا يستسلم بارونات وزارة الثقافة للخطر الجاثم.

قوبل تعيين الوزير برفض من مجموعة من المثقفين، الذين رأوا أنه جاء ضمن خطة "أخونة الوزارة"، أي إحلال قيادات موالية للإخوان بدلاً من الشخصيات المستقلة، واتهموه بأنه يهدف إلى هدم المؤسسات الثقافية وإخضاعها للسلطة السياسية.

واتخذ د. علاء عبد العزيز قرارات بإقالة كل من إيناس عبد الدايم - رئيسة دار الأوبرا المصرية، وأحمد مجاهد - رئيس الهيئة العامة للكتاب، وسعد عبد الرحمن - رئيس هيئة قصور الثقافة، ومجدي صابر- رئيس قطاع الإنتاج الثقافي.

أثارت قرارات الوزير ثائرة القوقعة اليسارية التي تسيطر على مؤسسات وهيئات وزارة الثقافة، فبادر الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي إلى تقديم استقالته من رئاسة تحرير مجلة "إبداع" الصادرة عن هيئة الكتاب، مع جماعة من أمراء الإقطاعيات الثقافية بالوزارة الذين عششوا فيها على مدى عقود متتالية،  وأوضح حجازي، في أول تصريحات صحفية له، بعد استقالته أن "ما يقوم به وزير الثقافة استمرار لعمليات الإبادة، والتي يراد بها التنكيل بالمعارضين، وتكميم الأفواه والأصوات، والانفراد بالسلطة، ومحاولة تزوير التاريخ، والانفراد بالجمهور، وتزييف الحقائق، والقضاء على كل القوى التي ترفع مطالب الثورة. وأشار حجازي إلى أنه لابد من الانتقال من مرحلة الانتظار إلى المواجهة، مضيفًا أنه لا بد أن يواجه المثقفون الهجمة عليهم مجتمعين، والوقوف ضد الحرب الشرسة عليها، مطالبًا المجلس الأعلى للثقافة بأن يجتمع، لأن ما يحدث لا يمكن السكوت عليه. وبسؤاله عما إذا كان يطالب بإقالة وزير الثقافة؟ قال: "لا أطالب بإقالته فقط، ولكن أطالب بإقالة الحكومة كلها، وأن يستطيع المصريون إجبار السلطة كلها على الاستقالة، من أول رئيس الجمهورية حتى وزير الثقافة، وما بعد هذا الوزير" ([183])

ولم يكن حجازي جادًّا في استقالته التي أعلنها على الهواء، ولم يتقدم بها عمليًّا، وقد عاد إلى المجلة فور الإطاحة بوزير الثقافة علاء عبد العزيز بعد الانقلاب، ليضطر إلى الاستقالة سنة 2014 بسبب اختلافه مع وزير الثقافة وقتها جابر عصفور، الذي انتقد الخسارة الجسيمة التي تسببها المجلة لسوء معدل توزيعها، وأراد ضخ دماء جديدة في مناصب الوزارة المتكلسة، بعد أن ظل حجازي رئيسًا لتحريرها منذ أسسها سنة 1991([184])

وفي يونيو 2013، تصاعدت الأزمة بعد أن أعلن معارضو الوزير اعتصامًا مفتوحًا داخل مقر وزارة الثقافة بالزمالك، احتجاجًا على قرارات الوزير، كان أبرز المشاركين في الاعتصام حلمي النمنم "الصحفي والكاتب"، جمال الغيطاني "الروائي"، وسيد حجاب "الشاعر"، وخالد يوسف "المخرج السينمائي"، حسن كامي "الفنان الأوبرالي"، ولبلبة، إلهام شاهين، ويسرا "ممثلات"، وكانت مطالبهم: إقالة الوزير فورًا، ورفض "أخونة الثقافة"، وإعادة القيادات المقالة إلى مناصبها، ونظموا حفلات موسيقية وندوات ثقافية أمام الوزارة، وخرجت مسيرات احتجاجية إلى ميدان التحرير وأماكن أخرى لدعم مطالبهم.

وكشف عدد من المعتصمين أن حراكهم ليس لأجل إقالة الوزير، بل لغرض سياسي أكبر هو إسقاط الرئيس المنتخب، ورؤيته السياسية، فقال الفنان سامح الصريطي -أحد المعتصمين ضد وزير الثقافة - إن الهدف من الاعتصام لم يكن إسقاط وزير الثقافة، بل إسقاط النظام([185]).

وقال الكاتب يوسف القعيد: نحن أخذنا قراراً بالاعتصام لحين اندلاع تظاهرات 30 يونيو ، ونسعى إلى توسيع نطاق التظاهرات لتشمل جل المحافظات المصرية. وأن مستقبل الثقافة على المحك، وأنها معركة حياة أو موت بالنسبة للمثقفين، وأن ما يحدث هو اغتيال معنوي لهم، عازيًا ذلك إلى أن جماعة الإخوان المسلمين ضد أدبيات الثقافة والإبداع والنحت. ولفت إلى أن التلفزيون المصري بث مقطع فيديو للرئيس محمد مرسي قبل أن يصل إلى هرم السلطة، يقول فيه إنه ضد رقص الباليه. ([186])

أما د. أحمد ماهر أحد المخرجين السينمائيين المعتصمين فقال في وضوح: "المعركة ليست معركة أشخاص، ولكنها معركة هوية مصرية، وأنه سيتم وضع خطة بديلة يتم تنفيذها حينما يتم إقالة وزير الثقافة" ([187])

وأعلن المخرج عصام السيد -أحد المشاركين في الاعتصام- أن أحد مستشاري الرئيس محمد مرسي طلب مقابلة وفد من اعتصام المثقفين لمرسي لكننا رفضنا ([188])

ولم يطل انتظار المثقفين المعارضين، فقد كان تنسيقهم مع حركة "تمرد" ومع المجلس العسكري، ومع الدولة العميقة وقيادات المعارضة أمرًا ظاهرًا يعبرون عنه بوضوح، ويشد من أزرهم في حربهم ضد الشرعية السياسية للرئيس المنتخب، ولم يستنكفوا أن يضعوا تحركهم في إطار سياسي لا ثقافي محض!.

ومع انقلاب 3 يوليو 2013، أعلن الجيش عزل الرئيس مرسي، وتمت إقالة د. علاء عبد العزيز من منصبه، وعادت إيناس عبد الدايم إلى منصبها في دار الأوبرا، وعُيّن محمد صابر عرب وزيرًا جديدًا للثقافة، واحتفل المعتصمون في الوزارة بسقوط الوزير، وعودة ما اعتبروه "حرية الثقافة المصرية".

أما محمد صابر عرب وزير الثقافة الذي تولى بعد الانقلاب فهو الوزير الذي منح إحدى جوائز الدولة لنفسه سنة 2011، أما المعتصمون ضد الوزير علاء عبد العزيز، والذين كانوا ينسقون مع قادة الانقلاب فقد حصد كبراؤهم جائزة "نضالهم"، حيث فازوا بجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية بعد أشهر من الانقلاب سنة 2013، وسجلت صحيفة الأخبار اللبنانية ذلك الحدث حين قالت عن الجوائز: "ذهبت للمثقفين المعروفين بمناصرتهم للحريات، كما شارك أغلبهم في اعتصام المثقفين طوال شهر حزيران (يونيو) الماضي ضد جماعة الإخوان، وكأن الاعتصام كافأ رجاله بالجوائز([189]) !!

وهذا النهج من تكريم أصحاب الولاء السياسي على حساب أصحاب العطاء الثقافي والفكري الحق أصبح السمة البارزة لجوائز الدولة بعد انقلاب السيسي، فها هو د. مراد وهبة الفائز بجائزة النيل- كبرى الجوائز وتبلغ قيمتها نصف مليون جنيه – يقول في جلاء: لولا عهد السيسي لما حصلت على جائزة النيل". وهكذا فإن " جوائز الدولة في مصر، حديث ذو شجون يتجدد كل عام، وتساؤلات عدة لها إجابة واحدة؛ هي: "لا وزن للإبداع.. الولاء وحده هو المعيار([190]).

يمتد عطاء الحركة الإسلامية الأدبي إلى بداياتها حيث كان مؤسسها الإمام حسن البنا بليغًا ، وتشهد كتاباته وخطبه بذلك . كما كانت له جهود في تشجيع الأدباء ونشر نتاجهم ، خلال صحف الجماعة ومؤتمراتها .

ولم تحل المحن المتتالية من اهتمام الإخوان بالأدب فكان معبرًا عن معانتهم وآمالهم تجاه حريتهم وحرية بلادهم . وبرز في هذه الفترة أدباء كثر من أمثال سيد قطب ، وهاشم الرفاعي ، ومحمد الغزالي ، ويوسف القرضاوي ،ونجيب الكيلاني وغيرهم .

وكانت جهودهم الأدبية في أخريات عصر مبارك تعبيرًا عن معاناة الشعب ورغبته في الحرية والخلاص من أزماته ومحاولات تقزيم دوره ومكانته .

فكان في أشعارهم نشدان الحرية والعدل ، والتنديد بتزوير إرادة الأمة حين زوّر النظام الحاكم انتخابات مجلس الشعب المتتالية وتراكم المظالم الاجتماعية والاقتصادية ، كما تفاعل الأدب مع الثورة التونسية التي استلهمت بها الشعوب العربية ثوراتها . كشف الادب عوار النظام العميل للصهيونية حين أقام الجدار العازل بين مصر وقطاع غزة ، وحاصر أهلها .

هاجم الأدباء خطة النظام توريث الحكم من مبارك إلى ابنه جمال .

وأخيرًا توقع الشعراء اشتعال الثورة التي تواردت اسبابها ونضجت بمعاناة الشعب ومصابرته .

ولم يكن النثر بعيدًا عن ميادين العمل التي تصدر فيها الشعر ، فكانت روايات الدكتور محمد عباس التي تنبأ فيها بالثورة ، وحدد ملامحها ومكان احتشاد الجماهير فيها ، ففي رواية (الحاكم لصا.)...... وكشف في رواية (برتوكولات حكام العرب) طبيعة عمل هؤلاء الحكام الذين يصدرون عن شيطان واحد يمسك بخيوط اللعبة كلها

وكانت روايات أحمد السعيد مراد التي عرّى فيها الواقع السياسي المهترئ للنظام المصري كما في روايته (رجل امن دولة) .

وفي المبحث الثاني "إبداعات أدباء الحركة الإسلامية من الثورة إلى الانقلاب" بدا ظاهرًا تعدد مسارات الشعر واهتمامات الشعراء في رصد التطور الثوري، فمنهم من تبنى ضرورة استمرار المسار الثوري كي تستكمل الثورة أهدافها، ومنهم من استوقفته التحديات التي واجهت الثورة، فتوقف للنقد الذاتي، أو للدفاع عن المشروع الإسلامي في مواجهة خصومه، ومنهم من سجل بشعره محطات الحراك الثوري، مثل ترويع الثوار في موقعة الجمل، أو توترات انتخابات الرئاسة حتى ظفر بسباقها الرئيس محمد مرسي، ومنهم من دخل في مبارزات شعرية مع المخالفين له، مما أسماه بعضهم "النقائض الشعرية"، إحياء لمسمى تراثي في العصر الأموي كانت فيه مناقضات بين جرير والفرزدق.

وانحاز الشعراء الإسلاميون إلى تجربتهم الجديد في الحكم بالرغم مما يحوطها من مؤامرات وخطر. كما ظهرت فنون أدبية سوى الشهر، فكتب عمرو خليل روايته "المماليك الجدد"، وكتبت شافية معروف روايتها "دنيا بلا جدران".

وفي المبحث الثالث "إبداعات أدباء الحركة الإسلامية من الانقلاب حتى الآن"، استوعب الأدب صدمة الانقلاب، بما صاحبها من قتل وحشي في الساحات والميادين، واعتقال وتشريد ونفي في آفاق الأرض. فواكب الأدباء مجازر رابعة وأخواتها، وواكب انحدار قيمة العدالة حيث تشكلت المحاكم الاستثنائية بظلالها الدموية الكريهة، وصاحبوا المعتقلين، بل كانوا منهم، ولم يجد الأدباء بدًّا من استئناف الثورة، وإسقاط الانقلاب، والدعوة إلى التضحية العزيزة في مواطن الخطر.

وشارك النثر الشعر في حراكه النبيل، كما نجد في رواية "سرداب قارون" لأحمد سعيد مراد، وقصة "أرض النفاق" لجابر قميحة، ومسرحية "الثورة والانقلاب" لأحمدي قاسم، وقصص أخرى لشافية معروف.. وظهر لون أدبي جديد عُرف بأدب التغريد، ارتاده عدد من البلغاء، كان منهم د. محمد عباس، وله أيضًا جهد مشكور في كتابة المقال الأدبي، ومنه مقاله "علامة رابعة"، ورزت جهود في النقد الأدبي، كما نجدها عند د. حلمي القاعود في كتابه "الوردة والمستنقع" الذي تناول فيه نماذج من الروايات العربية في أقطار شتى تناولت فكرة الإرهاب ومواجهته.

وجاء المبحث الرابع "حول سمات أدب الثورة ومؤسساته الراعية" ليتناول سمات الأدب في هذه المرحلة، من حيث الشكل، حيث تجاورت نماذج الشعر التراثي العمودي، ونماذج شعر التفعيلة الحديث، وتصاحبت نماذج الفصحى ونماذج العامية المتفاصحة، وزدت المشاعر والأفكار مستراحًا في النفَس الشعري والفنون النثرية من قصة وأقصوصة ورواية ومقالة وتغريدة.. ومن حيث المضمون حيث تعددت الأغراض لتغطي الساحة الثورة الواسعة، بأحداثها المكثفة والمتسارعة، وعوامل صناعة الأحداث على تشابكها، وتباين أهداف أصحابه.. ووجدت القامات الأدبية العالية، بجوار الناشئة الشادّة في الطلب، ولف الجميع حرص على وضوح التعبير، وقرب النجعة، مراعاة للمخاطبين من مثقفين وعامّة، وللثائرين من عجِلين ومتعقلين.

واسترعى الانتباه غياب الساحة الإسلامية من مؤسسات راعية لأدب، معينة على لأوائه.. آملة في توريث الموهبة الصقيلة، حريصة على ميلاد المدرسة الأدبية ذات التقاليد والامتداد.. لولا ما كان من محاولات فردية، رادها حراص على الدعوة، سعاة إلى استمرار نجابتها.

ثم كانت أجوار الحرية في يناير داعية إلى العمل الجمعي، وقد أثمر للرائين ثورة عظيمة، فتنادى بعضهم لتأسيس بعض تلك التجمعات مثل رابطة أدباء الحرية وساقية رابعة.. وحينها لم تكن الحركة الإسلامية اللاهثة وراء الأحداث، ثم المثخنة بالجراح في حال يؤهلها وقت المحنة لاستدراك ما فات وقت الرخاء!

وفي المبحث الخامس والأخير "المواجهة الثقافية بين المشروعين الإسلامي والعلماني في ظلال الثورة" عرضنا جذور الصراع بين المشروع الإسلامي الحامل هوية الأمة والمشروع العلماني المجلوب مع جحافل الغزو الفكري والعسكري، وتأكد أن ميلاد الحركة الإسلامية في صورتها المعاصرة الأكبر "الإخوان المسلمين" كان نقلة نوعية في مسيرة ذلك الصراع، فقد أكد اتساع المواجهة إلى شتى فضاءاتها ومنها الساحة الأدبية..

لقد واجه المشروع العلماني الناصري متسلحًا بسلطة العسكر الطاغية في يوليو 1952 المشروع الإسلامي بمحاولة الاستئصال لا التعايش، ومن أسلحته تأميم وسائل التثقيف ووزارته، وتوسيع هيئاتها وإمكاناتها لتكون منبرًا لنشر توجهات النظام العسكري، وكان الأدباء بين طيِّع -رغبًا ورهبًا- وعصيٍّ واجه القتل شهيدًا، أو فارًّا بدينه وحريته خارج وطنه..

وفي نسختها العلمانية المستغربة الأخيرة أيام مبارك تولى وزارة الثقافة فاروق حسني زهاء ربع قرن، بغير استحقاق فكري مذكور، ولا تميز أدبي أو فني مشهور، فأوقع نفسه في صراع مكشوف مع الإسلاميين، كان أعظمه سوءًا عليه إثارته الأزهر شيوخًا وطلابًا، كما حدث حين أعادت هيئة تابعة له طباعة رواية مغمورة لأديب مغموز الدين والخلق، "وليمة لأعشاب البحر، وتملكت وزارة الثقافة غرور القوة، فأقصت مخالفيها، وأصبحا ذات الصوت المنفرد في الحياة الأدبية الرسمية، وهي في الواقع إحدى مؤسسات الدولة، لكل مثقف فيها نصيب. وانفردت في عصر مبارك وفي مرحلة الانقلاب الدموي بالاستحواذ على جوائز الدولة، ومناصبها الثقافية. وكان اصطفاف المثقفين من العلمانيين واليساريين في مواجهة محاولة وزير ثقافة الثورة علاء عبد العزيز إشارة لما آلت إليه أحوال الوطن من صدع ووهن.

  1. أهمية اعتماد الأدب بأنواعه المختلفة كواحد من أهم طرق مخاطبة الشعوب، وتثمين دورة في التغيير، ضمن رؤية عامة للمؤسسة تجعل الثقافة أحد ركائزها.
  2. أن تدعم الحركة الإسلامية بشكل مؤسسي أدباءها، بما يحقق تنمية المواهب ورعايتها، وترشيد الجهود وتعاضدها,
  3. البحث عن المواهب الأدبية الناشئة بشكل شامل، ومساعدتها.
  4. أهمية وجود رؤية لكسر التجاهل الإعلامي وغيره لأدباء الحركة الإسلامية من خلال المطالبة بالمعاملة العادلة في تلك المؤسسات والمنابر التي يمتلكها الوطن بكل أبنائه، مع إيجاد مؤسسات ومنابر بديلة.
  5. إعادة ما يصلح للنشر من إبداعات أدباء الحركة الإسلامية، وما يناسب الوقت الحالي.
  6. استثمار الشبكة العنكبوتية والإعلام البديل لنشر إبداعات الأدباء.
  7. تحفيز الجهود والمبادرات الفردية والجماعية لأفراد المؤسسة لتحقيق رؤيتها في المجال الثقافي.

8- الاستفادة من تجارب الأدب العالمي في تقديم الرسائل الفكرية عبر الرمزية، والدراما، والتشويق.

9- الاهتمام بالنقد الأدبي بمدارسه المتعددة، فالنقد أعظم دافع لتقويم الأبداع وتحفيزه.

من أهم مصادر هذا البحث المراسلات والاتصالات التي أجراها المؤلف مع عدد من الشعراء ليتفضلوا ببيان سيرهم الذاتية ونتاجهم الشعري، وهم في ذلك مأجورون مشكورون إن شاء الله.

  1. أحمد عبد اللطيف الجدع وحسني أدهم جرار: شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث، مؤسسة الرسالة، ط1، سنة 1978 
  2. أحمد السعيد مراد رواية " رجل أمن دولة " ؛ دار شروق، سنة 2009  
  3. أحمد السعيد مراد: رواية "سرداب قارون:، دار البشير، سنة 2018
  4. أحمد والي : ديوان " سباق لجواد واحد " دار المنارة، سنة 2012
  5. ديوان " ذاكرة المرآة " سنة 2011
  6. الحياة الثقافية والأدبية قبل ثورة يناير (مذكرات خطية غير منشورة)
  7. أحمدي قاسم: مسرحية الثورة والانقلاب مصر 2011،
  8. أمينة قطب : ديوان رسائل إلى شهيد، دار الفرقان، عمان الأردن، ط1، سنة 1985 
  9. حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية ص 79، تقديم عبد الله العقيل وأبي الحسن الندوي، مركز الإعلام العربي، الجيزة، مصر، ط1، سنة 2011
  10. حميدة قطب: رحلة في أحراش الليل، مقدمة الرواية، دار الشروق، ط1، سنة 1998 
  11. عمرو خليل: رواية المماليك الجدد، دار مشاعر غالية للنشر الإليكتروني، ديسمبر 2016 
  12. محمد السيد عبد الباسط، كل مغرب جمعة، مجموعة قصصية، دار الإسلام، المنصورة، سنة 2012. 
  13. محمد فؤاد محمد، ديوان وردة أخيرة للجرح، مركز الحضارة العربية، القاهرة، 2016،
  14. محمد قطب: منهج الفن الإسلامي، دار الشروق، ط6، 1983 
  15. محمد قطب وآخرون: الأطياف الأربعة"، مقدمة المستشار عبد الله العقيل، مركز الإعلام العربي، الجيزة، ط1، سنة 2015 
  16. محمد المجذوب: علماء ومفكرون عرفتهم، مكتبة الشواف، الرياض، ط4، سنة 1992م 
  17. محمود خليل، ديوان عصافير اللهب، القاهرة، دار النشر للجامعات، سنة 2014
  18. محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع ، القاهرة، ط5، سنة 1994 
  19. محمود خليل: ديوان عصافير اللهب. القاهرة: دار النشر للجامعات، سنة 2014.
  20. مسلم بن الوليد ، ديوان مسلم بن الوليد صريع الغواني ، نقحه وصححه الأستاذ حسن أحمد البنا، المكتبة العلامية، (د. ت.) 
  21. الميداني، أحمد بن محمد بن إبراهيم (ت ٥١٨ هـ):  مجمع الأمثال، تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد [دار المعرفة - بيروت، لبنان  
  22. ناصر صلاح: ديوان "بحلع الضرس، من أغاني حرفوش المجذوب، ضمن سلسلة آفاق أدبية، يناير 2012
  23. هاشم الرفاعي: ديوان هاشم الرفاعي، جمع وتحقيق محمد حسن بريغش، مكتبة المنار، الأردن – الزرقاء، ط2، سنة 1985 
  1. أحمد بلال: "يا شعب تونس"، قصيدة منشورة بتاريخ 26 يناير 2011، على موقع إخوان أون لاين: على الرابط: https://www.ikhwanonline.com/article/78450
  2. أحمد حسن، "الجدار"، قصيدة على موقع صدى البلد، 30 مارس 2012، متاح على الرابط:  https://www.elbalad.news/123132  
  3. أشرف محمد، "تسريبات السيسي"، قصيدة على موقع رابطة ادباء الشام، 13 كانون الأول، 2014، متاح في الرابط
  4. أشرف محمد، "حرائر الإسكندرية"، قصيدة على موقع رابطة أدباء الشام، 7 كانون الأول، 2013، متاح في الرابط
  5. جابر قميحة: أرض النفاق، قصة منشورة بتاريخ 19 مايو 2022، على قناة دعوة الفضائية، على الرابط
  6. جابر قميحة: "إلى الثائر الحر"، قصيدة منشورة بتاريخ  16 فبراير 2011، على موقع إخوان أون لاين على الرابط
  7. جابر قميحة: "إنه عام الحذاء"، قصيدة منشورة بتاريخ 17 ديسمبر 2008، على موقع إخوان أون لاين،   https://www.ikhwanonline.com/article/43213  
  8. جابر قميحة: "بمناسبة ثورة الشباب التي هبت في 25 يناير 2011"، مقال أدبي منشور بتاريخ نوفمبر 2012، على الفيسبوك، على الرابط
  9. جابر قميحة: "حدث في جمهورية "ظلمستان"، قصيدة على موقع رابطة أدباء الشام، 7 شباط 2009، على الرابط  
  10. جابر قميحة: "رسالة إنذار إلى حكام العرب"، قصيدة على موقع إخوان أون لاين، يوم 20 يناير 2011، على الرابط
  11. جابر قميحة: "الفرعون الطريد"، قصيدة منشورة بتاريخ 27 فبراير 2011، على موقع إخوان. نت
  12. جابر قميحة: "في سوق العجائب العربية"، قصيدة منشورة على موقع إخوان أون لاين، بتاريخ 25 يناير 2012 على الرابط: https://www.ikhwanonline.com/article/100039
  13. جابر قميحة: "كلمات من القلب إلى خيرت الشاطر والذين معه"، قصيدة على موقع إخوان. نت، على الرابط
  14. خالد الطبلاوي، "تبت يدان"، قصيدة منشورة بتاريخ 27 يناير 2011، موقع إخوان أون لاين، متاحة على الرابط: https://www.ikhwanonline.com/article/78553  
  15. خالد الطبلاوي، هنا القاهرة، قصيدة منشورة بتاريخ 2/2/2014، على موقع نافذة مصر.
  16.  شافية معروف: على صفحتها على الفيسبوك، على الرابط
  17. استراحة قصيرة"، قصة منشورة بتاريخ 29 أغسطس 2020
  18. "غرباء في وطن مسروق"، قصة منشورة بتاريخ 1 مارس 2017
  19. مستني إيه؟ قصيدة منشورة بتاريخ 18 فبراير 2017  
  20. "دنيا بلا جدران"، رواية منشورة بتاريخ 22 سبتمبر 2016   
  21. " ترنيمة على الهامش، قصة منشورة بتاريخ 23 أكتوبر 2014
  22. "خطبة الشيطان"، قصيدة منشورة بتاريخ 12 مارس 2019
  23. "يا ويحك"، قصيدة منشورة بتاريخ 10 نوفمبر 2019
  24. عبد الرازق الغول: قصيدة "لائحة اتهام، منشورة بتاريخ 10 سبتمبر 2011، على موقع إخوان أون لاين، على الرابط: https://ikhwanonline.com/article/90912
  25. عبد القادر أمين، قصيدة الحلم لسه كبير يا بكره، منشورة بتاريخ 3 أبريل 2011، على موقع مدونــــة شاعــــر القــلم، متاح:  http://weghtnathar.blogspot.com
  26. العربي السيد عمران: قصيدة إلى أين يا مصر، على موقع يوتيوب: https://www.youtube.com/watch?v=FnUxejXC61Q   
  27. عصام عبد الحميد، قصة إيهاب الجن، موقع رابطة أدباء الحرية، 26 مارس 2012، متاح: https://dohtadab.blogspot.com/2012/03/blog-post_26.html  
  28. على على عوض، قصة اعتقال ميت، الفيس بوك: صفحة رابطة أدباء الحرية فرع دمياط، 25 نوفمبر 2013، متاح: https://www.facebook.com/odbaa.7orriah.demiat
  29. محمد الصاوي، أغنية ثورة دي ولا انقلاب، موقع لايف نيوز، 7 أغسطس 2013:https://www.akhbar4now.online/2013/08/mp3_3049.html
  30. محمد فؤاد، زهرة من دم الشهداء،  قصيدة منشورة بتاريخ 13/4/2011على ملتقى الدباء والمبدعين العرب: https://almolltaqa.com/vb/node/53097  
  31. محمد عباس: "كأنهم يقولون الرئيس أحد الرئيس الصمد"، مقال أدبي أعيد نشره على صفحته على الفيسبوك، بتاريخ 29 يناير 2014، على الرابط:https://www.facebook.com/mohammadabbas47/posts/687102951311420/
  32. محمد عباس: علامة رابعة، مقال أدبي على صفحته على الفيسبوك
  33. محمد يوسف عدس: مقدمة رواية "بروتوكولات حكام العرب، لمحمد عباس، منشورة بتاريخ 25 يونيو 2014، على صفحته على الفيسبوك
  34. محمود خليل: غثاء شعر، موقع جريدة الأمة
  35. وحيد الدهشان: "واحدة بواحدة"، قصيدة منشورة بتاريخ 6 كانون أول 2008، على موقع رابطة أدباء الشام
  36. وحيد الدهشان: "وكانت غمه وانزاحت"، قصيدة منشورة على موقع منتدى الدهشان الثقافي، 22/2/2011
  37. وحيد زايد: "فليهنأ الشعب" قصيدة منشورة على موقع  رابطة أدباء الحرية.
  1. صفحة الشاعر محمد جودة: https://www.facebook.com/profile.php?id=100022755231092
  2. صفحة ناصر صلاح (حرفوش المجذوب): https://www.facebook.com/hrfwsh.almjdhwb
  3. صفحة شافية معروف https://www.facebook.com/ShafiaMarouf/?locale=ar_AR
  4. صفحة عصام عبد الحميدhttps://www.facebook.com/esamface
  5. صفحة محمد السيد عبد الباسط https://www.facebook.com/profile.php?id=100011564743862  
  6. صفحة ساقية رابعة، على  فيسبوك،  بتاريخ 5 أغسطس 2013، على الرابط: https://www.facebook.com/Rab3a.CultureWheel  
  1. الايبجراما، تعريف على موقع ويكيبيديا 
  2. إسلام هجرس، تعريف به على موقع موسوعة الشعراء 
  3. جابر قميحة، تعريف به على موقعه الشخصي
  4. "جمال فوزي"، مقال على موقع إخوان . سايت 
  5. حمدي والي، تعريف على موقع ويكيبيديا
  6. حلمي القاعود:  تعريف به على موقع إخوان ويكي
  7. حيدر حيدر، تعريف على موقع: fulla book
  8. طاغور تعريف به على موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة
  9. عبد القادر أمين، تعريف على موقع رابطة ادباء الحرية، بتاريخ 4 فبراير 2012: على الرابط:https://dohtadab.blogspot.com/2012/04/blog-post_4682.html  
  10. عصام الغزالي، تعريف به عقب وفاته، على موقع الإخوان المسلمون، 25 فبراير 2025، على الرابط:https://www.ikhwanonline.com/article/252746
  11. محمد عباس: تعريف به على موقع إخوان ويكي
  12. محمد فؤاد محمد، تعريف به على موقع أدب. كوم https://adab.com/mohamedfouad
  13. محمود خليل، تعريف به على موقع جريدة الأمة، 4 يناير 2025
  14. نجيب الكيلاني، تعريف على موقع ويكيبيديا
  15. هشام الجخ، تعريف على موقع ويكيبيديا
  16. وحيد الدهشان، تعريف بالشاعر على موقع عارف
  17. وليمة لأعشاب البحر، تعريف على موقع المعرفة
  18. يوسف أبو القاسم الشريف، تعريف به على موقع رابطة ادباء الحرية
  1. حلمي القاعود: القرضاوي أديبًا، مقال منشور بتاريخ 11 أكتوبر 2022، على موقع إخوان أو لاين
  2. حلمي القاعود: مقالاته على موقع مجلة المجتمع الكويتية
  3. د. خالد فهمي: أدب الحركة الإسلامية في مصر بين التجاهل والتحامل، موقع إخوان ويكي.
  4. شريف الشافعي: جوائز الدولة: تقدير للمبدعين أم مكافأة سياسية؟ مقال على موقع المنصة، بتاريخ 17/6/2018، على الرابط: https://manassa.news/stories/3130  
  5. شيماء جلهوم ورنا على: "الجخ.. أشعار تنتقد الرئيس وعشيرته"، موقع الوطن، 20 مايو 2013
  6. عبد الرحمن حبيب: جمال عبد الناصر والثقافة.. مؤسسات ثقافية ظهرت في عهد الزعيم الراحل، مقال منشور على موقع المصري اليوم، بتاريخ 28 سبتمبر 2021
  7. علاء الأسواني: تسقط جمهورية كأن، موقع المصري اليوم، 10/3/ 2014
  8. عمار علي حسن: روايتي «سقوط الصمت» ترد على المشككين في ثورة يناير، تقرير على موقع الشروق، بتاريخ 11 سبتمبر 2013 
  9. فهمي هويدي، نهاية الإصلاح السياسي، موقع الشرق، 12 يناير 2011
  10. كمال هداية: وفاة حميدة قطب شقيقة سيد قطب، مقال موقع مصرس
  11. محمد ثابت: "حب جيهان وجمهورية الأسواني.. صدى 25 يناير في الإبداع"، مقال على موقع الجزيرة نت، 22-1-2019
  12. محمد الطيب: "جمهورية كأن" لعلاء الأسواني (كأنها رواية)! ، مقال على موقع القدس العربي، 18 أبريل 2018
  13. د. محمد عباس: "نداء إلى الإخوان المسلمين"منشور على موقع إخوان ويكي
  14. مدحت صفوان: جوائز الدولة المصرية: اعتصام المثقفين يكافئ نفسه"، مقال منشور بتاريخ 27 آب 2013، على موقع صحيفة الأخبار اللبنانية
  1. "أحمد عبدالمعطى حجازى يتقدم باستقالته لـ"جابر عصفور" من رئاسة مجلة إبداع وبيت الشعر وعضوية الأعلى للثقافة". تقرير بلال رمضان موقع اليوم السابق 14 أغسطس 2014
  2. "إحالة فاروق حسني وزير الثقافة السابق إلى الجنايات بتهمة الكسب غير المشروع"، تحقيق على موقع فرانس 24، منشور بتاريخ 4/ 9/ 2012
  3. "أزمة "الحجاب": شيخ الأزهر والمفتي يستعدان لمواجهة فاروق حسني"، تحقيق موقع العربية: منشور بتاريخ  19 نوفمبر 2006 
  4. "جدل مصري بشأن التكفير وجوائز الدولة تقرير منشور على موقع الجزيرة بتاريخ 15/7/2009
  5. "دهشان الإخوان يرد الشعر بالهجاء"، تقرير شيماء جلهوم ورنا على: صحيفة الوطن، في 20 مايو 2013
  6. شريف حسين: "في أول تصريحات بعد استقالته.. حجازي لـ"الوطن": يجب أن نجبر السلطة كلها على الاستقالة بداية من الرئيس"، تحقيق بجريدة وطن، بتاريخ 29 مايو 2013، على الرابط: https://www.elwatannews.com/news/details/190565
  7. الـمـعـركـة عـلـى أشـدهـا فـي الـقـاهـرة بـيـن الـثـقـافـة وأعـدائـهـا..."، تحقيق منشور بجريدة النهار اللبنانية، عدد الاثنين 22 كانون الثاني 2001، على الرابط: https://mafhoum.com/press/nawas27.htm
  8. "الوردة والمستنقع".. حلمي القاعود يناقش مصطلح الإرهاب في الرواية العربية"، تقرير على موقع الهيئة الوطنية للإعلام، بتاريخ  7 ديسمبر 2023
  9. "وزير الثقافة المصري الأسبق يدعو للتخلي عن شعار "لا للتطبيع الثقافي مع إسرائيل"، تقرير منى مدكور، على موقع  INDPENDENT   العربية، بتاريخ 5 أغسطس 2019
  10. وزير الثقافة المصري: المعترضون أصحاب مصالح، "تقرير موقع الجزيرة ، بتاريخ 20/6/2013
  11. يوسف القعيد: القطاع الثقافي بمصر خارج أدبيات الإخوان"، تقرير على موقع العربية، بتاريخ 6 يونيو 2013
  1. "بينكروا الفن.. د. مدحت العدل رفضت حضور لقاء المثقفين مع مرسي"، لقاء مدحت العدل على قناة  eXtra news  بتاريخ 29 يونيو 2023
  2. "علاء عبد العزيز.. مستقبل الثقافة المصرية"، حديث الوزير إلى برنامج "لقاء اليوم: على موقع قناة الجزيرة في 2/6/2013
  3. الفنان سامح الصريطي يتحدث لأول مرة عن كواليس اجتماع محمد مرسي الشهير مع المثقفين في قصر الاتحادية"، لقاء سامح الصريطي في برنامج "رأي عام"، على قناة ten ، الدقيقة 4.5 إلى 5.2 بتاريخ 30/6/2022
  4. "كلمة السيد الرئيس أثناء استقباله للفنانين والمبدعين"، لقاء الرئيس مرسي مع المثقفين،  اللقاء على موقف يوتيوب في التاريخ المذكور.
  5. "المخرج عصام السيد: أحد مستشاري محمد مرسي طلب مقابلة وفد من اعتصام المثقفين لمرسي لكننا رفضنا"، اللقاء على قناة يوتيوب، بتاريخ 11/06‏/2024
  6. وائل السمري، "فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق في حوار المفاجآت والذكريات"، حوار منشور على موقع اليوم السابع بتاريخ 18 يناير 2018
  1. () حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية ص 79، تقديم عبد الله العقيل وأبي الحسن الندوي، مركز الإعلام العربي، الجيزة، مصر، ط1، سنة 2011،

  2. () مذكرات الدعوة والداعية ص 34

  3. () ديوان مسلم بن الوليد صريع الغواني، نقحه وصححه الأستاذ حسن أحمد البنا، المكتبة العلامية، (د. ت.)

  4. () أحمد عبد اللطيف الجدع وحسني أدهم جرار: شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث 4/42، مؤسسة الرسالة، ط1، سنة 1978

  5. () المرجع السابق 4/46

  6. () محمد المجذوب: علماء ومفكرون عرفتهم 2/ 283، مكتبة الشواف، الرياض، ط4، سنة 1992م

  7. () محمد قطب: منهج الفن الإسلامي ص 6، دار الشروق، ط6، 1983

  8. () شاعر هندي بنغالي، حاز على جائزة نوبل في الآداب سنة 1913 بعدما ترجم بعض نتاجه الشعري إلى الإنجليزية (ويكيبيديا الموسوعة الحرة)

  9. () منهج الفن الإسلامي ص199-200

  10. () المرجع السابق 212-221

  11. () المرجع نفسه ص 206-211

  12. () ديوان رسائل إلى شهيد ص17، دار الفرقان، عمان الأردن، ط1، سنة 1985

  13. () المرجع السابق ص54

  14. () كمال هداية: وفاة حميدة قطب شقيقة سيد قطب، موقع مصرس، على الرابط: https://www.masress.com/moheet/395556

  15. () محمد قطب وآخرون: الأطياف الأربعة"، مقدمة المستشار عبد الله العقيل، ص13ـ مركز الإعلام العربي، الجيزة، ط1، سنة 2015

  16. () حميدة قطب: رحلة في أحراش الليل، مقدمة الرواية، دار الشروق، ط1، سنة 1998

  17. () رحلة في أحراش الليل ص 7-11

  18. () المرجع نفسه 24-25

  19. () المرجع السابق 1/12، ط3، سنة 1983

  20. () ديوان هاشم الرفاعي ص 398-399، جمع وتحقيق محمد حسن بريغش، مكتبة المنار، الأردن – الزرقاء، ط2، سنة 1985

  21. () ديوان هاشم الرفاعي ص 358

  22. () تعريف بالشاعر جمال فوزي، موقع الإخوان المسلمين على الرابط: https://ikhwan.site/pv-127

  23. () الجدع وجرار: المرجع السابق 1/97-101

  24. () د. حلمي القاعود: القرضاوي أديبًا، مقال منشور بتاريخ 11 أكتوبر 2022، على موقع إخوان أو لاين، ورابطه: https://www.ikhwanonline.com/article/255844

  25. () الجدع وجرار: شعراء الدعوة الإسلامية ج1 ص 9

  26. () التعريف بنجيب الكيلاني

  27. () د. جابر قميحة يكتب: الفرعون الطريد.. "قصيدة"

  28. () كلمات من القلب إلى خيرت الشاطر والذين معه … شعر: الدكتور جابر قميحة

  29. () حدَثَ في جمهوريةِ ظلمِسْتَان

  30. ()أحمد والي شاعر فصحى وطبيب أسنان من المنصورة ولد بمدينة نجران بالسعودية سنة 1987 م، عضو رابطة الأدب الإسلامي ، وعضو اتحاد كتاب مصر ، وعضو رابطة أدباء الحرية ، له ديوانان "سباق لجواد واحد" و " ذاكرة المرآة " ، أدرجته الباحثة المغربية فاطمة بوهراكة في الموسوعة الكبرى لشعراء العرب من 1956-2006 ، وفي موسوعة الشعر المصري الفصيح 1953-2023 ، تُوج في دولة قطر بشاعر " الغرة " في دورتها الأولى . له قصائد مشهورة على وسائل التواصل منها " شيد جدارك " – "المسبحة ". رابط صفحته على الفيس بوك

    https://www.facebook.com/profile.php?id=100034769648061

  31. () قصيدة " إصلاح غير سياسي" من ديوان "سباق لجواد واحد "، ص26، دار المنارة، القاهرة

  32. () قصيدة "سباق لجواد واحد"، من ديوان " سباق لجواد واحد ص 89

  33. () قصيدة يا رياح الحق هبي، منشورة على موقع رابطة أدباء الشام، على الرابط:

  34. () وحيد حامد قابل الدهشان، ولد في قرية منشاة بخاتى، شبين الكوم، محافظة المنوفية 28/1/1957، بكالوريوس الهندسة، عمل محررًا أدبيًا بالعديد من الإصدارات، وله أكثر من عشرين ديوانًا، صدر منها في سنة 2005: البشائر، عندما تتوضأ الحروف، سنا العلماء لا يفنى. وبعد ذلك أصدر: ماذا لو عاد صلاح الدين عام 2006م، أغاريد المنافي عام 2007م، في انتظار الفجر عام 2007م، ولا تهنوا عام 2008م، أنوار وأكدار عام 2009م، يا قدس فجرك ساطعًا سيعود صدر عام 2009م، ضب القريض، صدر 2009م، في مدارج الحكمة في 2011م، ونبض الوجدان صدر عام 2012م (وحيد الدهشان، موقع عارف):

  35. ()محمود محمد محمود خليل، ولد 15 يناير 1960 بمحافظة الشرقية، بكالوريوس الإعلام جامعة القاهرة، دكتوراه جامعة عين شمس، في دراسات الطفولة قسم الإعلام وثقافة الطفل، مدير عام برامج علوم القرآن بشبكة القرآن الكريم من القاهرة‏ وكبير مذيعيها سابقًا، صدرت له دواوين منها: ميراث الأرض لمن؟ وفي الصباح نلتقي، رسالة إلى سيف الله المسلول، سبع سنابل، وله العديد من الكتب والمقالات المنشورة (موقع جريدة الأمة، 4 يناير 2025):

  36. () د. محمود خليل، ديوان عصافير اللهب، القاهرة، دار النشر للجامعات، 2014، ص 55.

  37. () أحمد عصام الدين الغزالي خليل، ولد بمدينة المنصورة، محافظة الدقهلية في 20/9/1945م، وتخرج في كلية الهندسة جامعة القاهرة، كما تخرج في كلية أصول الدين من جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض في دفعتها الأولى في عام 1398هـ.. له دواوين شعرية: الإنسان والحرمان، لو نقرأ أحداق الناس، أهددكم بالسكوت، دمع في رمال، هوى الخمسين، الشعر ورد حدائقي، اللهم هل غنيت، فستذكرون ما أقول، قُلتها.. فعشت، بيني وبينكم الزمانُ، كأني أراك، خطفة الخريف، توفي يوم الجمعة 11 فبراير 2022(رحيل الشاعر عصام الغزالي بعد صراع مع المرض عن 77 عاما، موقع الإخوان المسلمون، 25 فبراير 2025):

    https://www.ikhwanonline.com/article/252746

  38. ()عصام الغزالي، ديوان بيني وبينكم الزمانُ، المنصورة، 2010.

  39. ()وحيد الدهشان، قصيدة: واحدة بواحدة، موقع رابطة أدباء الشام، 6 كانون أول 2008، على الرابط:

  40. () د. جابر قميحة: إنه عام الحذاء، بتاريخ 17 ديسمبر 2008، الرابط

  41. () المقال السابق

  42. () خالد الطبلاوي، قصيدة تبت يدان، الخميس 27 يناير 2011، موقع إخوان أون لاين، الرابط:

    https://www.ikhwanonline.com/article/78553

  43. ()محمد جودة، شاعر مصري، من مدينة الزقازيق محافظة الشرقية، شاعر يصوغ أشعاره بالعامية المصرية، مشهور بإجادته الشعرية في أوساط الأدباء، مما جعلهم يختارونه رئيسا لرابطة أدباء الحرية بعد الثورة (الفيس بوك: الشاعر محمد جودة (الصفحة العامة):

    https://www.facebook.com/profile.php?id=100022755231092

  44. () Facebook صفحة الشاعر محمد جودة، تاريخ 13سبتمبر2010

  45. ()أحمد والي: قصيدة "ارحل غير مأسوف عليك"، كتبها الشاعر في سجن المنصورة العمومي في 3 فبراير 2010 ؛ ديوان " سباق لجواد واحد " ص 39 ؛ دار المنارة

  46. ()قصيدة "رسالة إلى هبل" ص55 من ديوان " سباق لجواد واحد " دار المنارة للنشر والتوزيع ، 2012

  47. ()ناصر صلاح (حرفوش المجذوب)، مواليد 12 مايو 1968 بالمنصورة، شاعر عامية، صدر له دواوين: إلى الوطن السليب غدا نعود، المجموعة الأولى من أغاني حرفوش المجذوب، المجموعة الثانية من أغاني حرفوش المجذوب، من حواديت جدي، أشرف على الصفحة الأدبية بجريدتي (الميثاق الدولية وصوت بلدي)، وشارك في الإشراف على الصفحة الأدبية بجرائد (آفاق عربية – الأسرة العربية – النهوض)، (الفيس لوك: صفحة ناصر صلاح (حرفوش المجذوب): https://www.facebook.com/hrfwsh.almjdhwb

  48. () ديوان "بحلع الضرس، من أغاني حرفوش المجذوب، ص14-15، ضمن سلسلة آفاق أدبية، يناير 2012

  49. () د. أحمد والي: الحياة الثقافية والأدبية قبل ثورة يناير (مذكرات مخطوطة)

  50. () https://www.ikhwanonline.com/article/78450 منشورة بتاريخ 26 يناير 2011

  51. () https://ikhwanonline.com/article/90912 منشورة بتاريخ 10 سبتمبر 2011 

  52. ()منشورة بتاريخ 20 يناير 2011على موقع إخوان أون لاين، على الرابط: https://www.ikhwanonline.com/article/78112

  53. ()منشورة بتاريخ 10 سبتمبر 2011 على موقع إخوان أون لاين، على الرابط:  https://ikhwanonline.com/article/90912

  54. ()أحمد حسن محمد، ولد في 28/1/192، تخرج في كلية التربية قسم اللغة العربية جامعة الزقازيق، صدر له عدة دواوين منها: نغمات متقطعة على أوتار ممزقة، مدينة شرق الوريد، البرد ينسج معطفا، حصل على عدد كبير من الجوائز منها: جائزة مؤسسة البابطين لأفضل ديوان شعري عام 2010، جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة 2010، درع جامعات مصر، والمركز الأول في مسابقات أسبوع شباب الجامعات السادس 2003، جائزة الحكايا الأدبية دورة الأديبة حنان الآغا، جائزة تجمع شعراء بلا حدود 2010، جائزة مركز الإعلام الدولي بالقاهرة 2010

  55. ()حمد حسن، قصيدة "الجدار" لأحمد حسن.. القصيدة الفائزة بجائزة "يوم الأرض"، موقع صدى البلد، 30 مارس 2012، متاح: https://www.elbalad.news/123132

  56. ()قصيدة " شيد جدارك " للشاعر أحمد والي ، ديوان " سباق لجواد واحد " ص35، دار المنارة ، 2012 ورابط نشرها على موقع المركز الفلسطيني للإعلام https://palinfo.com/news/2010/01/21/234705

  57. ()جابر المتولي قميحة، ولد 12 أبريل1934 م، في مدينة المنزلة بمحافظة الدقهلية بشمال دلتا النيل، بجمهورية مصر العربية، شاعر وأديب وناقد، حصل على ليسانس دار العلوم ثم الماجستير، والدكتوراه في الأدب العربي الحديث، وعمل بالتدريس في عديد من الكليات بجامعات مختلفة، عضـو في اتحاد الكتاب المصريين، ورابطة الأدب الإسلامي العالمية، صدر له العديد من الدواوين، منها الزحف المدنس، ولجهاد الأفغان أغني، وحديث عصري إلى أبي أيوب الأنصاري، ولله والحق وفلسطين، وله العديد من المسرحيات الشعرية  ، منها "الحكاية المستحيلة"، وهي مسرحية فازت بالجائزة الأولى في المسرح السعودي، وكذلك مسرحية الهجرة إلى الحب، ووحشي الحبشي، والعديد من الكتب الثقافية والنقدية، كما نشر له العديد من المقالات.(الموقع الرسمي للدكتور جابر قميحة):

  58. () موقع إخوان أون لاين، يوم 20 يناير 2011، على الرابط: https://www.ikhwanonline.com/article/78112

  59. () - خالد علي الطبلاوي، ولد عام 1965م، بمحافظة المنوفية، وتخرج في كلية التجارة بجامعة المنوفية، قسم المحاسبة سنة 1988م، له عدة دواوين منها: من أجل فلسطين، بكائية الألم والأمل، ما أجملك، هنا القاهرة، يا عالمي، وقد صدر له ديوان أزجال بعنوان "صح النوم"، ومن أدب الأطفال صدر له "أيام عز الدين"، "بوابة التاريخ"، وله مجموعة قصصية بعنوان “عندما يظمأ النهر”، ومجموعة مسرحية بعنوان "القرية والحاوي"، عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو منتدى الإبداع الثقافي بالمنوفية، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية (“الأمة” تحاور “خالد الطبلاوي”.. شاعر الأنشودة وديوان المرحلة، موقع جريدة الأمة، 1 فبراير 2024) على الرابط:

  60. () - خالد الطبلاوي، قصيدة تبت يدان، الخميس 27 يناير 2011، موقع إخوان أون لاين، متاح:

    https://www.ikhwanonline.com/article/78553

  61. () موقع صدى البلد في 22 مايو 2013، على الرابط: https://www.elbalad.news/498310

  62. () وصف من أ. محمد يوسف عدس صفحة الفيسبوك

  63. () بروتوكولات حكماء العرب

  64. () صفحة الدكتور محمد عباس علي الفيسبوك

  65. () د. أحمد السعيد مراد طبيب وروائي، ولد بالمنصورة عام 1974 م. عضو اتحاد كُتاب مصر ، وعضو رابطة أدباء الحرية ؛ صدرت روايته الأولى " ملائكة وذئاب " في يناير 2008 م. تلاها العديد من الروايات المطبوعة مثل (كتاب الأقدار - رجل أمن دولة - الساعات الأخيرة - الزلزال – الزعيم - كنز اليد الواحدة - جثة كعب داير- لا تسألني لماذا أحببتها) والتي انتشرت و صدر لها أكثر من طبعة. كما ترجمت روايتاه : "رباع" و "سرداب قارون" إلى اللغة الفارسية. وفازت روايته " فريق السكمنتو " بالقائمة القصيرة لأدب الخيال العلمي بجائزة الدكتور شومان. له الكثير من الروايات والقصص القصيرة المنتشرة على شبكة الإنترنت ؛ صدر له سلسلة مغامرات من الخيال العلمي لليافعين بالاشتراك مع ا. سامية أحمد، والتي صدرت عن دار حكاوي وما زالت مستمرة حتى الآن وهي ( أسطورة الموت والدمار- فجوة الأهوال - السر الكبير- الهروب إلى الموت)

  66. ()رواية " رجل أمن دولة " د. أحمد السعيد مراد ؛ دار شروق 2009

  67. () الرواية السابقة

  68. () تبت يدان.. قصيدة للشاعر خالد الطبلاوي https://www.ikhwanonline.com/article/78553

  69. () مراسلات مع الشاعر نفسه

  70. () محيي الدين محمد محمود الزايط، طبيب أمراض جلدية، قيادي بجماعة الإخوان المسلمين.

  71. () مراسلات مع الشاعر نفسه

  72. () د. جابر قميحة يكتب: إلى الثائر الحر https://ikhwan.online/article/79135

  73. ()وحيد زايد، طبيب استشاري الصدر، شاعر، صدر له ديوان: ككلمات فوق السحاب، شغل رئيس نادي الأدب العربي والإسلامي.

  74. () وحيد زايد، قصيدة: فليهنأ الشعب، موقع رابطة أدباء الحرية، 20مارس 2012، الرابط:

  75. () قصيدة يوم الانتصار للشاعر أحمد والي؛ ديوان " ذاكرة المرآة "

  76. () وحيد الدهشان، قصيدة: وكانت غمه وانزاحت، موقع منتدى الدهشان الثقافي، 22/2/2011، متاح في: 

    https://dahshancom.7olm.org/t66-topic

  77. () عبد القادر أمين عبد القادر أبو طالب، ولد في طنطا 2 / 12 / 1965، حصل على ليسانس الآداب قسم فلسفة عام 1987، عضو اتحاد كتاب مصر، سكرتير رابطة ادباء الحرية، عضو رابطة أدباء الشام، عضو اللجنة الثقافية بشبكة فلسطين للحوار، يكتب الشعر بالفصحى وبالعامية المصرية، من دواوينه: دعوني أحتسى حبرًا، من نبض القلم، ولمين بتكتب يا قلم؟ (رابطة ادباء الحرية، وجوه أدبية في الرابطة: شاعر القلم: عبد القادر أمين،4 فبراير 2012):

    https://dohtadab.blogspot.com/2012/04/blog-post_4682.html

  78. ()عبد القادر أمين، موقع مدونــــة شاعــــر القــلم، قصيدة الحلم لسه كبير يا بكره، الأحد، 3 أبريل 2011، متاح:

    http://weghtnathar.blogspot.com/

  79. () - العربي عمران، شاعر مصري، ولد بميت غمر - محافظة الدقهلية، من شعراء رابطة أدباء الحرية.

  80. () قصيدة إلى أين يا مصر للشاعر العربي السيد عمران. https://www.youtube.com/watch?v=FnUxejXC61Q

  81. () - أشرف محمد، مهندس مصري، غزير الإنتاج الشعري، قليل النشر، من شعراء رابطة أدباء الحرية

  82. ()أشرف محمد، أبواب الدستور، ديسمبر 2012، موقع رابطة أدباء الشام.

  83. () قصيدة " بيان ثوري " للشاعر أحمد والي ؛ ديوان ذاكرة المرآة

  84. () هشام كامل عباس محمود الجخ، ولد في1 أكتوبر  1978، بسوهاج، بكالوريوس تجارة، جامعة عين شمس، حصل على أحسن شاعر عامية شاب من اتحاد الكتاب المصري 2008، المركز الثاني في مسابقة أمير الشعراء بأبي ظبي 2011(هشام الجخ، موقع ويكبيديا):

    https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D8%B4%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AE

  85. () شيماء جلهوم ورنا على: "الجخ.. أشعار تنتقد الرئيس وعشيرته"، موقع الوطن، 20 مايو 2013، متاح:

    https://www.elwatannews.com/news/details/184881

  86. () "دهشان الإخوان يرد الشعر بالهجاء"، تقرير صحيفة الوطن، في 20 مايو 2013

  87. () قصيدة " رسالة لابن أبي دؤاد" للشاعر أحمد والي: ديوان ذاكرة المرآة

  88. () في سوق العجائب العربية.. شعر د.جابر قميحة ويقال بيت الشعر الي صار مثلاً لكن يتصدر للأمر من غير أهله، فيكون كهذه الدابة التي هزلت حتى بدت مليتها من تحت جلدها، فزهد الشارون عن شرائها، حتى المفلسون منهم.

  89. ()الأستاذ الدكتور حلمي محمد القاعود، ولد بقرية المجد، مركز الرحمانية، بمحافظة البحيرة، مصر عام 5 أبريل 1946، أستاذ جامعي، وأديب، وناقد، عمل كأستاذ للنقد والبلاغة في قسم اللغة العربية بكلية الآداب، جامعة طنطا، وفى العديد من الجامعات، من مؤلفاته: الرواية التاريخية في أدبنا الحديث، الرواية الإسلامية المعاصرة: دراسة تطبيقية، حوار مع الرواية المعاصرة في مصر وسوريا، الوعي والغيبوبة: دراسات في الرواية المعاصرة، الحكاية كلها معاصرة: دراسات في الرواية، الواقعية الإسلامية في روايات نجيب الكيلاني: دراسة نقدية، أضواء على الرواية الإسلامية المعاصرة، نحو رواية إسلامية، وغيرها، (حلمي محمد القاعود، المعرفة):

  90. () راجع مقالاته على موقع مجلة المجتمع الكويتية، على الرابط:

  91. () راجع موقع إخوان ويكي، على الرابط:

  92. ()"نداء إلى الإخوان المسلمين"، مقال منشور على موقع إخوان ويكي، على الرابط:

  93. ()جابر قميحة: مقال بمناسبة ثورة الشباب التي هبت في 25 يناير 2011، منشور بتاريخ نوفمبر 2012، على الرابط:

  94. () ولد عمرو خليل سنة 1970، وتخرج في كلية التجارة جامعة القاهرة، وعمل موظفًا في جامعة القاهرة، ومن نتاجه: مجموعته القصصية: "دماء على البدلة الميري" سنة 2011، رواية المماليك الجدد سنة 2016 عن دار نشر تبارك، رواية "توبة الحجاج" عن دار نشؤ البشير سنة 2018، فضلا عن كتابة سناريوهات بعض الأقلام، والمشاركة بالتمثيل في أدوار فنية صغيرة، ،

  95. () رواية المماليك الجدد ص 337، دار مشاعر غالية للنشر الإليكتروني، ديسمبر 2016

  96. () أ. شافية معروف ولدت بدمياط عام 1953م ، خريجة المعهد العالي للتمريض، صدر لها عام 2007 م كتاب (هذا نبينا) ردا على إساءة بعض الدول الغربية للنبي الأعظم ﷺ، ثم اتجهت إلى الكتابات الأدبية فصدر لها في 2013 مجموعة قصصية بعنوان (آن له أن يبوح) ثم رواية (دنيا بلا جدران) عام 2014 ثم ديوان عامية بعنوان (صرخات هامسة) سنة 2016. وهي والدة المخرج الفنان عز الدين دويدار.

  97. () هنا يتضح الإسقاط السياسي على الناشط أحمد دومة وزوجته نورهان حفظي، وقد حضر حفل زفافهما لفيف من قيادات الثورة المضادة المعارضين للإخوان ولحكم الرئيس محمد مرسي.

  98. () صفحة الأديبة شافية معروف على الفيسبوك، بتاريخ 22 سبتمبر 2016، على الرابط: https://www.facebook.com/ShafiaMarouf/?locale=ar_AR

  99. () صفحة شافية معروف على الفيس بوك، منشورة بتاريخ 23 أكتوبر 2014، على الرابط:

    https://www.facebook.com/ShafiaMarouf/?locale=ar_AR

  100. ()عصام عبد الحميد، مواليد عام 1962، قاص، نشرت له 5 مجموعات قصصية منها: زوَّجتك نفسي، هان الود، وروائي صدر له رواية: فتافيت امرأة، (الفيس بوك: صفحة عصام عبد الحميد): الرابط: https://www.facebook.com/esamface

  101. ()عصام عبد الحميد، قصة إيهاب الجن، موقع رابطة أدباء الحرية، 26 مارس 2012، متاح:

    https://dohtadab.blogspot.com/2012/03/blog-post_26.html

  102. () محمد السيد عبد الباسط، ولد بالسويس في 25/1/1966، بكالوريوس كلية التجارة، ماجستير في المحاسبة، له ثمان روايات منها: روايات هند، والمصارع، وأبطال وفرنسيون، وسبعة مجموعات قصصية، منها مجموعة في المترو، وكل مغرب جمعة، كما له بعض الكتب منها: المنظومة الرباعية للأخلاق، القصة القصيرة من البداية إلى الاحتراف، 111فائدة من فوائد القرآن الكريم، خواطر سياسية من القرآن الكريم، (الفيس بوك: صفحة محمد السيد عبد الباسط):

    https://www.facebook.com/profile.php?id=100011564743862

  103. ()محمد السيد عبد الباسط، كل مغرب جمعة، مجموعة قصصية، دار الإسلام، المنصورة، سنة 2012.

  104. () محمد الصاوي، أغنية ثورة دي ولا انقلاب، موقع لايف نيوز، 7 أغسطس 2013:

    https://www.akhbar4now.online/2013/08/mp3_3049.html

  105. () خالد الطبلاوي، قصيدة هنا القاهرة، موقع نافذة مصر، 2/2/2014

  106. () قصيدة ما أعظمك للشاعر أحمد والي ؛ ديوان ذاكرة المرآة ؛ وهذا رابط فيديو القصيدة كاملة

    https://youtu.be/ofi-yHGWoqI?si=3NGmuuvNyUV45a9z

  107. () يقصد بمصطلح "التناص" وجود تشابه أو قواسم مشتركة بين نص وآخر، أو بين نص وأكثر من نص آخر، فإن النص لا يولد من فراغ، بل لا بد أن يتأثر بما سبق من مخزون الشاعر. راجع مادة "تناص" في موسوعة ويكيبيديا الموسوعة الحرة، على الرابط:

  108. () كما في قوله تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) سورة إبراهيم آية 22

  109. ()منشور على صفحة الشاعرة على الفيسبوك بتاريخ 12 مارس 2019، على الرابط: https://www.facebook.com/ShafiaMarouf/?locale=ar_AR

  110. () محمد فؤاد محمد علي، مواليد عام 19 نوفمبر 59محافظة المنيا، بكالوريوس علوم وتربية، جامعة المنيا، من شعراء جنوب مصر، وعضو اتحاد كتاب مصر، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية، شارك فؤاد في العديد من الفعاليات الأدبية داخل وخارج مصر، وفاز بالعديد من الجوائز الشعرية داخل وخارج مصر، له 4 دواوين هي دماء على خيوط الفجر، والركض إلى حدائق الأحبة، وردة أخيرة للجرح، وهوامش على متن القصيدة، (موسوعة ادباء مصر.. الشاعر/محمد فؤاد محمد علي، موقع مبدعو مصر، 25-2-2025):

  111. () صادر عن مركز الحضارة العربية، القاهرة

  112. () أصدرته دار ميتا بوك، المنصورة

  113. ()محمد ثابت: "حب جيهان وجمهورية الأسواني.. صدى 25 يناير في الإبداع"، مقال على موقع الجزيرة نت، 22-1-2019، على الرابط:

  114. () كتبتها الشاعرة في 11/2013، ونشرتها على صفحتها في الفيسبوك بتاريخ 10 نوفمبر 2019، على الرابط: https://www.facebook.com/ShafiaMarouf/?locale=ar_AR

  115. () صفحة الشاعر محمد جودة على الفيسبوك، بتاريخ 25 أغسطس 2013

  116. () د. حمدي فتوح والي، ولد في مدينة المنصورة سنة 1952 م ؛ تخرج في كلية دار العلوم جامعة القاهرة وحصل منها على درجة الماجستير في الأدب الحديث، والدكتوراه في أدب مصر الإسلامية ( أدب المقاومة في العصر المملوكي) بمرتبة الشرف الأولى؛ وهو عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ؛ وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية ؛ شارك في الكثير من المؤتمرات الدعوية والثقافية، ونشرت له مئات المقالات في مجلات عدة، وترجمت مجلة الأزهر العديد من مقالاته إلى الإنجليزية والفرنسية . كما حل ضيفا على العديد من القنوات الفضائية والإذاعات، وله عدة مؤلفات منها (الإسلام والتحدي الحضاري - حياة العرب في مرآة الأدب - أصداء الغزو الصليبي والتتري في أدب العصر المملوكي - أدب المقاومة النثري للخطرين الصليبي والتتري - الحس الإسلامي عند شعراء المدرسة الرومانسية)، وله أربعة دواوين شعرية هي (يا أمتي... لن ننحني - أشواك وورود - حصاد البواكير – شموخًا في زمن الانكسار).راجع ويكيبيديا على الرابط:

  117. () قصيدة "مواكب الأفراح" للشاعر حمدي والي ؛ ديوان شموخا في زمن الانكسار

  118. () إسلام هجرس، ولد بتاريخ 21 / 3 / 1988 م بقرية مجاورة لمدينة طنطا، تخرج من كلية التربية جامعة طنطا، قسم اللغة العربية، صدر له ديوان "مناجاة طائر" له العديد من القصائد منشورة على الشبكة العنكبوتية، (إسلام هجرس، موقع: موسوعة الشعراء)

  119. ()هالة محمد أبو شعيشع، ولدت في المنصورة، في27 ديسمبر 1997، طالبة بالصف الثالث الثانوي بمدرسة المنصورة الثانوية بنات، عضوة بفريق "جسد واحد" لنصرة الثورة السورية بالدقهلية، وناشطة بحركة "أمناء الأقصى" بالدقهلية ، قُتِلَت أثناء مشاركتها في مظاهرات رافضة للانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في مدينتها المنصورة  على يد مسلحين موالين للشرطة والجيش، ويقول شهود عيان أن الشرطة كانت خلال الأحداث في صف المسلحين ولم تمنعهم.

  120. () إسلام هجرس، صفحة الشاعر محمد جودة (الصفحة العامة)، الفيس بوك،24 يوليو 2013:

    https://www.facebook.com/profile.php?id=100022755231092

  121. ()أشرف محمد، قصيدة حرائر الإسكندرية، موقع رابطة أدباء الشام، 7 كانون الأول، 2013.

  122. () صفحة الشاعر محمد جودة على الفيسبوك بتاريخ 24 نوفمبر 2014

  123. () أشرف محمد، تسريبات السيسي، موقع رابطة ادباء الشام، 13 كانون الأول، 2014.

  124. () محمد جودة، الفيس بوك الشاعر محمد جودة (الصفحة العامة)، 3مايو 2014، متاح:

    https://www.facebook.com/profile.php?id=100022755231092

  125. () قصيدة " ورؤيا الشعراء حق" للشاعر أحمد والي ؛ ديوان "ذاكرة المرآة"

  126. ()زهرة من دم الشهداء، محمد فؤاد، ملتقى الدباء والمبدعين العرب، 13-4-2011:

    https://almolltaqa.com/vb/node/53097

  127. ()صفحة شافية معروف، بتاريخ 18 فبراير 2017، على الرابط: https://www.facebook.com/ShafiaMarouf/?locale=ar_AR

  128. ()محمد فؤاد محمد، ديوان وردة أخيرة للجرح، مركز الحضارة العربية، القاهرة، 2016، ص 78.

  129. () المرجع السابق، ص82.

  130. () محمد الطيب: "جمهورية كأن" لعلاء الأسواني (كأنها رواية)! موقع القدس العربي، 18 أبريل 2018، على الرابط:

  131. () علاء الأسواني: تسقط جمهورية كأن، موقع المصري اليوم، 10/3/ 2014، على الرابط: https://www.almasryalyoum.com/news/details/408309

  132. () عمار علي حسن: روايتي «سقوط الصمت» ترد على المشككين في ثورة يناير، تقرير على موقع الشروق، بتاريخ 11 سبتمبر 2013، على الرابط:

  133. () هو يوم المذبحة المروعة التي جرت في ميدان رابعة العدوية، وأخرى في ميدان نهضة مصر بالجيزة

  134. ()رواية سرداب قارون – أحمد السعيد مراد دار البشير – 2018 – رقم الإيداع بدار الكتب المصرية:

    2017/26997

  135. ()قناة دعوة الفضائية، بتاريخ 19 مايو 2022، على الرابط:

  136. ()علي عوض، ولد في المنصورة في 29 أغسطس 1947، حصل علي عوض على جائزة اللجنة الكويتية الشعبية بأبوظبي في مسابقة القصة القصيرة عام 1991، وجائزة فلسطين للإبداع الثقافي بلبنان عام 2012، ووسام التميز عام 2012 من اتحاد الكتاب والمثقفين العرب بباريس، صدر مجموعات قصصية: "حمار يعرف كل شيء، وسيسقط البيت، وللدخان رائحة أخرى"، وبعض ادب الأطفال.

  137. () - على على عوض، قصة اعتقال ميت، الفيس بوك: صفحة رابطة أدباء الحرية فرع دمياط، 25 نوفمبر 2013، متاح: https://www.facebook.com/odbaa.7orriah.demiat

  138. ()منشورة على صفحتها على الفيسبوك، بتاريخ 29 أغسطس 2020، على الرابط: https://www.facebook.com/ShafiaMarouf/?locale=ar_AR

  139. () صفحة شافية معروف على الفيسبوك، بتاريخ 1 مارس 2017، على الرابط: https://www.facebook.com/ShafiaMarouf/?locale=ar_AR

  140. () - أحمدي قاسم محمد، عضو مجلس الشعب السابق عن الفيوم

  141. () أدب "الحكمة الساخرة"

  142. () https://www.facebook.com/100050585824900/posts/678965135458535/

  143. () جورج أورويل  George Orwell (ت 1950) هو مؤلف قصة "مزرعة الحيوانات" (نشرت 1945) التي يوجه فيها النقد السياسي على ألسنة الحيوانات في مزرعتهم، وهو أيضًا مؤلف رواية 1984 ذائعة الصيت.

  144. () علامة رابعة

  145. () تقرير "الوردة والمستنقع".. حلمي القاعود يناقش مصطلح الإرهاب في الرواية العربية"، على موقع الهيئة الوطنية للإعلام، بتاريخ  7 ديسمبر 2023، على الرابط:

  146. () الزحاف: تغيير يلحق ببنية الكلمة مراعاة لموافقة قواعد الوزن الشعري

  147. () محمود عبد الحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ 1/ 244-245، دار الدعوة للطبع والنشر والتوزيع ، القاهرة، ط5، سنة 1994

  148. () د مصطفى محمد أبو طاحون ولد في مارس 1967م، أستاذ في الأدب والنقد، وله العديد من المؤلفات، منها: الحضور الأمريكي في الشعر الحديث، ورباعية الرافعي في الحُب والجمال.. دراسة أسلوبية، ودراسات في شعر الأدب الإسلامي والأموي، وأدب الأطفال. اعتقل في أغسطس ٢٠١٩ وما زال معتقلاً إلى الآن

  149. () د خالد فهمي إبراهيم محمد ولد في محافظة القليوبية بمصر سنة 1970م. التحق بكلية الآداب جامعة عين شمس، حاصل على الدكتوراه في الدراسات اللغوية (اللسانيات) من كلية الآداب جامعة المنوفية عام 1999م، بمرتبة الشرف الأولى، له أكثر من 40 منتجا أدبيا بين كتاب وبحث وتحقيق . وهو خبير بمجمع اللغة العربية بالقاهرة ؛ وعضو اتحاد كتَّاب مصر؛ وخبير بمركز تحقيق التراث العربي بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ؛ ورئيس مجلس إدارة دار الكتب المصرية السابق؛ وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.

  150. () د محمد السيد البدوي المرسي ولد سنة 1963م، في محافظة الدقهلية، وتخرج من كلية اللغة العربية جامعة الأزهر، وحصل على الدكتوراه في البلاغة والنقد عام 1995م ، من كلية اللغة العربية بالمنصورة، بمرتبة الشرف الأولى، وعمل أستاذا مساعدًا للبلاغة والنقد في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، ثم ترقى إلى أستاذ، وهو الآن أستاذ متفرغ . وهو عضو مجمع اللغة العربية بمكة المكرمة وعضو الاتحاد الدولي للغة العربية، واتحاد كتاب مصر، ورابطة أدباء الحرية . ومن مؤلفاته (أدب الكناية عن العلاقات الزوجية في القرآن الكريم والسنة النبوية، الأساليب الإنشائية في شعر أسامة بن منقذ، الصور البيانية في الأمثال النبوية: دراسة بلاغية تحليلية في كتاب الصِّحاح، بلاغة الخطاب في حوار النبي ﷺ ، علم العروض) وديوانا شعر: (المجد القادم - بحر المحبة)

  151. () أحمد والي: مذكرات غير منشورة

  152. () يوسف عبد الله محمد أبو القاسم الشريف ولد عام 1958م بمحافظة سوهاج ، تخرج في كلية الحقوق سنة 1980 م ، عضو نادي الأدب بقصر ثقافة سوهاج ، عضو اتحاد كتاب مصر ؛ وعضو رابطة الأدب الإسلامي، صدر له ثلاثة دواوين ( من يغرد للصباح - دموع الليل - شرفاء على الدرب ) كما نشرت له العديد من القصائد والأبحاث الأدبية .

  153. () تقرير بعنوان “ساقية رابعة” منتدى ثقافي لنخبة ثقافية جديدة"، موقع رصد، 3 أغسطس 2013، متاح في:

    https://rassd.net/68484.htm

  154. () صفحة ساقية رابعة، فيسبوك، على بتاريخ 5 أغسطس 2013، على الرابط:

    https://www.facebook.com/Rab3a.CultureWheel

  155. () - السابق بتاريخ 5 أغسطس، على الرابط

    https://www.facebook.com/Rab3a.CultureWheel

  156. () عبد الرحمن حبيب: جمال عبد الناصر والثقافة.. مؤسسات ثقافية ظهرت في عهد الزعيم الراحل، مقال منشور على موقع المصري اليوم، بتاريخ 28 سبتمبر 2021، على الرابط

  157. () وزير الثقافة المصري الأسبق يدعو للتخلي عن شعار "لا للتطبيع الثقافي مع إسرائيل"، حوار معه أجرته منى مدكور، على موقع INDPENDENT عربية، بتاريخ 5 أغسطس سنة 2019، على الرابط

  158. () تحقيق بعنوان "إحالة فاروق حسني وزير الثقافة السابق إلى الجنايات بتهمة الكسب غير المشروع"، موقع فرانس 24، منشور بتاريخ 4/ 9/ 2012، على الرابط: https://www.france24.com/ar/20120904-egypt-cairo-culture-justice-farouk-hosni

  159. () وائل السمري، "فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق في حوار المفاجآت والذكريات"، حوار منشور على موقع اليوم السابع بتاريخ 18 يناير 2018، على الرابط

  160. () تحقيق موقع العربية: "أزمة "الحجاب": شيخ الأزهر والمفتي يستعدان لمواجهة فاروق حسني"، منشور بتاريخ  19 نوفمبر 2006، على الرابط:

    https://www.alarabiya.net/articles/2006%2F11%2F19%2F29201

  161. () اليوم السابع، بتاريخ 18 يناير 2018، على الرابط

  162. ()فهمي هويدي، نهاية الإصلاح السياسي، موقع الشرق، 12 يناير 2011، متاح في الرابط

  163. ()المرجع السابق.

  164. ()حيدر حيدر، كاتب وأديب سوري ولد سنة 1936 في قرية حصين البحر بمحافظة طرطوس، خريج معهد المعلمين التربوي في مدينة حلب في عام 1954، من مؤلفاته: مجموعات قصصية: مجموعة الومض، حكايا النورس المهاجر، الفيضان، ورواية: الزمن الموحش، ونال عدّة جوائز منها جائزة مهرجان لوكارنو، مهرجان كارلو فيفاري، ومهرجان دمشق للسينما (حيدر حيدر، موقع: fulla book)

  165. () وليمة لأعشاب البحر، موقع المعرفة، متاح في الرابط

  166. () حوار وزير الثقافة المصري الأسبق على موقع INDPENDENT عربية، بتاريخ 5 أغسطس سنة 2019، سبقت الإشارة إليه.

  167. () والروايات الثلاث التي طالها القرار هي: "قبل وبعد" أول روايات الإذاعي المتقاعد توفيق عبد الرحمن، و"أبناء الخطأ الرومانسي" لياسر شعبان، و"أحلام محرمة" لمحمود حامد (وزارة الثقافة المصرية تصادر ثلاث روايات، تحقيق موقع الجزيرة بتاريخ 7/1/2001، على الرابط:

  168. () عصام زكريا: على أبو شادي... القابض على الجمر! جريدة الأخبار اللبنانية، الإثنين 19 شباط 2018، على الرابط

  169. () الـمـعـركـة عـلـى أشـدهـا فـي الـقـاهـرة بـيـن الـثـقـافـة وأعـدائـهـا..."، تحقيق منشور بجريدة النهار اللبنانية، عدد الاثنين 22 كانون الثاني 2001، على الرابط: https://mafhoum.com/press/nawas27.htm

  170. () التعريف بجمال الغيطاني على موقع ويكيبيديا الموسوعة الحرة على الرابط

  171. () عصام زكريا: مقال سابق

  172. () راجع د. خالد فهمي: أدب الحركة الإسلامية في مصر بين التجاهل والتحامل، موقع إخوان ويكي، على الرابط

  173. () الميداني، أحمد بن محمد بن إبراهيم (ت ٥١٨ هـ): مجمع الأمثال 2/ 321، تحقيق محمد محيى الدين عبد الحميد [دار المعرفة - بيروت، لبنان

  174. ()هيئة قضائية تطالب بسحب جائزة الدولة التقديرية من المفكر سيد القمني، خبر منشور على موقع العربية في" 25/7/2011،

  175. () جدل مصري بشأن التكفير وجوائز الدولة"، تقرير منشور على موقع الجزيرة بتاريخ 15/7/2009، على الرابط

  176. () موقع منشورات قانونية، على الرابط: https://manshurat.org/node/1008

  177. () حوار أجرته INDPENDENT العربية، سبقت الإشارة إليه

  178. () راجع اللقاء على موقف يوتيوب في التاريخ المذكور، ورابطه: https://www.youtube.com/watch?v=tiynEXOaTlU

  179. () لقاء مدحت العدل على قناة eXtra news بتاريخ 29 يونيو 2023 على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=mQsfS5k8sec

  180. () ولد علاء عبد العزيز سنة 1962، وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للسينما سنة 1985،  ثم الماجستير في  فلسفة الفنون من المعهد العالي للسينما سنة 2002، والدكتوراه في فنون السينما سنة 2008، و بعدها عمل عضوا في هيئة تدريس المعهد العالي للسينما. وله العديد من الكتب في مجال النقد السينمائي مثل : ما بعد الحداثة والسينما ، الفيلم بين اللغة والنص . وكان عضوا في فريق البحث الذى عمل على موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية مع الدكتور عبد الوهاب المسيري، بالإضافة إلى عمله في مجالات السينما والإخراج والإعداد والكتابة والمونتاج .وعين وزيرًا للثقافة في مايو 2013 حتى وقع الانقلاب العسكري في يوليو من السنة نفسها.

  181. () تقرير موقع الجزيرة " وزير الثقافة المصري: المعترضون أصحاب مصالح"، بتاريخ 20/6/2013، على الرابط

  182. () راجع حديث الوزير إلى برنامج "لقاء اليوم: على موقع قناة الجزيرة في 2/6/2013، على الرابط

  183. () شريف حسين: "في أول تصريحات بعد استقالته.. حجازي لـ"الوطن": يجب أن نجبر السلطة كلها على الاستقالة بداية من الرئيس"، تحقيق بجريدة وطن، بتاريخ 29 مايو 2013، على الرابط: https://www.elwatannews.com/news/details/190565

  184. () بلال رمضان: "أحمد عبدالمعطى حجازى يتقدم باستقالته لـ"جابر عصفور" من رئاسة مجلة إبداع وبيت الشعر وعضوية الأعلى للثقافة". تقرير موقع اليوم السابق 14 أغسطس 2014، على الرابط

  185. () لقاء سامح الصريطي في برنامج "رأي عام"، على قناة ten ، الدقيقة 4.5 إلى 5.2 بتاريخ 30/6/2022 على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=Rbwh69jKlZo

  186. () "يوسف القعيد: القطاع الثقافي بمصر خارج أدبيات الإخوان"، تقرير على موقع العربية، بتاريخ 6 يونيو 2013، على الرابط

  187. () أحمد الريدي: تقرير بعنوان " معتصمو "الثقافة" يرسمون ويغنون انتظاراً لإقالة الوزير

    " على موقع العربية، بتاريخ 9 يونيو 2013، على الرابط

  188. () راجع اللقاء على قناة يوتيوب، بتاريخ 11/06‏/2024 على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=BHlmAmpjezo

  189. () مدحت صفوان: جوائز الدولة المصرية: اعتصام المثقفين يكافئ نفسه"، مقال منشور بتاريخ 27 آب 2013، على الرابط

  190. () شريف الشافعي: جوائز الدولة: تقدير للمبدعين أم مكافأة سياسية؟ مقال على موقع المنصة، بتاريخ 17/6/2018، على الرابط: https://manassa.news/stories/3130